مبادرات إسلامية نبيلة في مواجهة كورونا

مبادرات إسلامية نبيلة في مواجهة كورونا
الخميس 16 أبريل 2020 - 01:40

هل تكون بداية للحد من ظاهرة الكراهية والتمييز العنصري؟

منذ بداية العام الحالي يعيش العالم صراعا مريرا وحربا كونية في مواجهة جائحة كورونا التي تعد من أكبر الكوارث في العصر الحديث التي استأثرت باهتمام المنظمات والحكومات والإعلام والمواطنين. لقد انتشر الوباء في كل أرجاء المعمور فأصبح العدو المشترك للبشرية جميعها، لأنه لم يميز بين جميع الدول، غنيها وفقيرها، كما لم يتقيد بالحدود ولا بالتأشيرات، بل تحدى الترسانة العسكرية المتطورة للدول العظمى، وهدد التكتلات السياسية والاقتصادية، وألغى التظاهرات الرياضية والفنية والثقافية؛ كما أنه لم يميز بين معتنقي الأديان جميعها، فأقفل دور العبادة، وعطل كثيرا من الشعائر والطقوس الدينية عبر أرجاء المعمور.

وتفاعلا مع الأزمة الصحية الناتجة عن الوباء، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 3 أبريل الجاري قراراً يدعو إلى “التضامن الدولي لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وتبادل المعلومات والمعرفة العلمية”. وشدد القرار أيضاً على “الحاجة إلى الاحترام الكامل لحقوق الإنسان” وأنه “لا مكان لأي شكل من أشكال التمييز والعنصرية وكره الأجانب في التصدي للوباء”. ولمواجهة جائحة كورونا تنامت المبادرات الإنسانية على المستوى القطري والإقليمي والدولي المعبرة عن التضامن والتآزر والتضامن الإنساني والاجتماعي.

الجاليات المسلمة في أوربا ساهمت في حرب مواجهة وباء كورونا من خلال القيام بمبادرات إنسانية ذات رمزية عالية، ودلالات واضحة لا ينكرها إلا جاهل أو حاقد. لقد برهنت هذه الجاليات عن حس وطني رفيع وعن اندماج حقيقي في المجتمعات التي يعيشون فيها، سواء من خلال التزامهم بالحجر الصحي، أو القيام بأعمال خيرية، والمشاركة في الجهود الطبية الجارية على قدم وساق في مختلف الدول الأوروبية، خاصة في إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وبريطانيا وألمانيا حيث تفشى الوباء في كل المدن.

في فرنسا، حيث توجد أكبر جالية مسلمة، يقوم الأطباء من أصول مسلمة بجهود كبيرة، وقد تفاجأ الرئيس الفرنسي ماكرون، أثناء زيارته المعهد الاستشفائي الجامعي (إي إتش أو ميديتيرانيه) بمدينة مرسيليا، جنوب فرنسا، حين علم أن معظم الباحثين مع البروفيسور راؤول ديدييه ينتمون إلى بلدان من العالم الإسلامي. وفي مدينة كولمار شمال شرق فرنسا، وضع مسجد الأمل المغلق مبانيه وقاعاته تحت تصرف مستشفيات باستور في المدنية الواقعة على بعد بضع مئات الأمتار من مكان العبادة. وفي المسجد الكبير في مدينة نانت وزع مسلمون أطباقا من أكلة الكسكس المغربي على الأطقم الطبية المرابطة في المستشفيات. إنها قيم تشارك الملح والطعام بما تحمله من معاني الأخوة والسلم والعيش المشترك.

وفي ألمانيا، قام عدد من الشبان الأتراك المتطوعين من أصول مسلمة بمبادرات إنسانية عديدة لمد يد المساعدة للفئات المهمشة من المعوزين وكبار السن، إذ قامت جمعية لهم في العاصمة برلين بعمليات التسوق لصالح المسنين الذين لزموا بيوتهم خوفا من الإصابة بعدوى الفيروس القاتل.

وفي المملكة المتحدة توفي أربعة أطباء مسلمين بسبب فيروس كورونا لأنهم كانوا في الصفوف الأولى يعالجون ويساعدون المصابين بالمئات من المواطنين وغير المواطنين البريطانيين.

وعلى مستوى المنظمات الإسلامية، قدمت رابطة العالم الإسلامي التي يوجد مقرها في مكة المكرمة مساعدات كبيرة ومتنوعة لعدد من الدول لمواجهة الجائحة استفادت، منها كذلك حكومات غير إسلامية مثل إيطاليا وإسبانيا. وقال الأمين العالم للرابطة: “من المؤلم أن نرى معاناة البعض من تلك الجائحة بسبب تقاعس دولهم أو ارتهانها لخرافات تنسب للدين”، مبرزا أن هذه المساعدات الإنسانية تمثل قيمة أخلاقية عليا في دين الإسلام، كما أنها لا تفرق بين دين ودين، ولا عرق وعرق، بل هي خدمة إنسانية للجميع أياً كانت أديانهم، وأياً كانت أعراقهم وأياً كانت بلدانهم.

قبل زمن كورونا، كان الإسلام باعتباره منظومة حضارية إنسانية يشكل أحد أبرز هواجس الرأي العام الأوروبي، فظهوره على الساحة السياسية والفكرية والثقافية داخل المعاقل والأوساط الأوربية ذاتها جعل منه العدو الأكبر نظراً إلى ما يمثله من جاذبية وتأثير بالغين، ما دفع بعض وسائل الإعلام الأوربية إلى البحث عن آليات وسبل لتشويه صورة الإسلام والقيام بحملات التمييع وتزييف الحقائق المرتبطة بالدين الحنيف عقيدةً وشريعةً وحضارةً وتاريخاً.

لقد تمكنت بعض وسائل الإعلام الجماهيرية في أوروبا بما تمتلكه من قدرة على الانتشار وقوة الجذب والتأثير من أن تجعل الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام والحضارة الإسلامية ضمن اهتمامات الإنسان الأوربي، حتى أصبحت – وخصوصاً في أوقات الأحداث الإرهابية والأزمات الدولية – حديث المجالس والمنتديات. ومن هنا تنبع الخطورة الجسيمة للدور الذي تقوم به القنوات التلفزية في ترسيخ الصورة النمطية للإسلام في ذهنية المواطن الأوروبي العادي.

وفي دراسات وأبحاث علمية عديدة أعدها خبراء من أوربا ومن العالم الإسلامي، تم التأكيد على أن لبعض وسائل الإعلام في أوربا المسؤولية المباشرة في تكوين صورة سلبية في المتخيل الجماعي عن الإسلام والمسلمين، إذ نجحت هذه الوسائل إلى حد كبير في تضليل الرأي العام الأوربي الذي لا يعرف عن الإسلام إلا ما تنقله إليه هذه من صور وأخبار وتحليلات وتعليقات موجهة توجيها يهدف إلى أن تتكون في ذهنية المواطن الأوربي العادي صورة مشوهة عن الإسلام والمسلمين، ثقافة وحضارة ودينا ومقدسات.

فهل ستستمر هذه الممارسات العنصرية بعد جائحة كورونا؟ وهل سيواصل المسلمون في الدول الأوروبية التعبير بالملموس ومن خلال المبادرات الميدانية عن مواطنتهم واندماجهم وأحقيتهم في معاملة عادلة ومنصفة وضامنة لحقوقهم وكرامتهم باعتبارهم جزءا من المجتمعات الأوروبية؟.

وهل ستتوقف أحزاب اليمين المتطرف في أوربا عن مضايقة المسلمين والنظر إليهم كمواطنين كاملي المواطنة يساهمون في العمل الخيري وينشرون الأمن والطمأنينة، وليسوا إرهابيين وعدميين ومنحرفين يجب طردهم إلى بلدانهم الأصلية والتخلص منهم؟.

وهل ستصمت الأبواق الإعلامية الأوروبية التي دأبت على الاسترزاق من ترويج الخطابات المسيئة إلى صورة المسلمين، وتكون منصفة على الأقل في هذه اللحظة التاريخية وتلتزم بأخلاقيات المهنة المتعارف عليها دوليا؟.

ذلك هو المأمول، وتلك هي أنجع الوسائل لسد الطريق على المتطرفين ومروجي خطاب الكراهية والتمييز العنصري، وترسيخ قيم السلم والأمن والعيش المشترك.

‫تعليقات الزوار

7
  • momo
    الخميس 16 أبريل 2020 - 08:26

    لماذا تلبيس كل المبادرات والأشخاص بصفة مسلم؟ لمذا لا تقوب مبادرات إنسانية؟ لمذا المن على الناس بأعمال قام بها ويقوم بها أشخاص آخرون دياناتهم غير الإسلام؟ العنصرية والإسلاموفوبيا في العقول.

  • bat man
    الخميس 16 أبريل 2020 - 09:00

    المسلم فيه الخير فالدين الإسلامي دين سلم وسلام وهو الدين الذي لا يعترف بتدين الشخص وبعبادته الكثيرة إذا لم يكن نافعا لمجتمعه و لغيره من البشرية وحتى للحيوان والطبيعة و الدلائل كثيرة في القرآن والسنة ومن بينها لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه و من أحيا نفسا كأنه أحيا الناس جمعا وهناك الكثير من الآيات والأحاديث النبوية والحمد لله
    أما ما يتعلق بالحقد والكراهية والعنصرية بين الأجناس ودياناتهم فصدقوني هذا من صنع السياسة والسياسيين وكذلك التطرف هو صنع السياسيين وكل مصائب الشعوب تجد خلفيتها سياسية وعلى سبيل المثال في هذه الفترة التي انشل بها السياسيين بالجائحة لم نعد نسمع شيئا على الإرهابيين المتشددين والإرهاب الإسلامي كما يدعون لأن كل هذه الأفلام من صنع السياسة والسياسيين نتمنى صادقين أن هذه الجائحة التي ورغم الخسائر البشرية المؤلمة أن تغير عقلية صناع القرار العالمي للأفضل وأن يقتنعوا أن هناك قوة إلاهية ترى وتتابع و تحاسب البشرية عن كل صغيرة وكبيرة وهذا شيئ مذكور حتى في كتبهم المقدسة وشكرا

  • إلى مومو
    الخميس 16 أبريل 2020 - 13:41

    ولماذا السي مومو تقمعون كل مسلم يريد الإفتخار بإسلامه و بالمسلمين لماذا كلما أردنا أن نتكلم على نعم الإسلام نخشا أن يطلع لنا شمهروش الحداثي ين إن الغرب المسيحي المتعصب والصهيونية وأتباعهم يتهمون المسلمين بالإرهاب والهمجية ونحن بريؤون منها والدليل لما شغلهم الله بكورونا لم نسمع خبرا على الإرهاب الإسلامي وداعيش لأن ببساطة هذه أفلام من إخراجهم والكاتب مشكور على تذكيركم بسماحة الدين الإسلامي وأذكرك قبل الختم أن الإسلام حاربه جبابرة منذ قرون ولم ينقص منه شيئ إذ قال الله إنا أنزلنا الذكر وإن له حافظين صدق الله العظيم

  • نحن والغرب ..
    الخميس 16 أبريل 2020 - 14:03

    يقول الاستاذ … في فرنسا، حيث توجد أكبر جالية مسلمة، يقوم الأطباء من أصول مسلمة بجهود كبيرة، وقد تفاجأ الرئيس الفرنسي ماكرون، أثناء زيارته المعهد الاستشفائي الجامعي (إي إتش أو ميديتيرانيه) بمدينة مرسيليا، جنوب فرنسا، حين علم أن معظم الباحثين مع البروفيسور راؤول ديدييه ينتمون إلى بلدان من العالم الإسلامي …
    هو لم يتفاجىء ولم يعبر عن ذالك التعجب تابعت الشريط ورأيت أن السيد الرئيس يسأل الطلبة عن بلدانهم الأصلية فقط من باب المعرفة لا أكثر .. ولو أبدى أي رد فعل غير مرحب فكانت الدنيا قامت ولم تقعد . بعكس عالمنا العربي الخليجي حيث لايمكن أن يدمج الأجنبي ولا يمكن أن يعطى فرصة على حسب ذكائه كائنا من كان وعليه وجب القول أن الأخلاق لا دين لها ولا مذهب ..

  • mimoun
    الخميس 16 أبريل 2020 - 15:31

    الي ميتهمش هو ان الجالية المسلمة لقنتها الدول المستظيفة دروس في القيم
    وخريطة طريق كيف يتعامل مع المجتمع
    عندما يقون بهذا يقولون انها مبادئ الاسلام
    في اروبا احترام الاخراجباري دعنا نقول فرض
    الطامة الكبرى هذا المسلم الذي كان تعلم التعامل مع الاخرين تجده يخلى عنها اثناء وجوده في بلده يتاقلم مع كيفية المعاملة في وطنه
    انا واحد منهم تجدني اثناء وجودي في المغرب اتحول الى حيوان لان الواقع يفرض عنك ذالك
    الحمد لله فقنا بخوتنا الغابة لا ثقة اياك ايها المهاجران تثق باحد اثناء وجودك في المغرب سينكسر خاطرك كثيرا كما هو حالي

  • ملاحظ مغربي.
    الخميس 16 أبريل 2020 - 19:23

    ردا على الأخ صاحب التعليق رقم 3…

    لا أعتقد ياسيدي أنه يوجد من أساء للإ سلام في الحقيقة وشوه صورة المسلمين عبر العالم بإسره مثل الدواعش وأخواتها من الوهابية والتكفيرية من دوو الفكر المتحجر بسبب سلوكهم الهمجي وأفعالهم المشينة، هده الحقيقة لا ينكرها اليوم حتى المسلمين أنفسهم..
    اما عن الحرب الدي تتحدث عنه ضد الإسلام، فلا أظن أنها موجودة ..
    لا يوجد من يحارب الإسلام سوى بعض المسلمين أنفسهم من المتطرفين والمتزمتين، مع العلم أن الدول العظمى والقوية والوازنة في العالم، لا أحد منهم يرى اليوم أن الإسلام يهدد كيانهم، أوأن المسلمين يهددون أمنهم أو اقتصاداتهم.
    دولنا ياسيدي غارقة في الفقر والجهل والأمراض والحروبات فيما بينهم للأسف الشديد…الصراعات محتدة فقط بين أروبا بقيادة ألمانيا وفرنسا ضد أمريكا من جهة..وبين الصين واليابان والغرب …وما بين روسيا من جهة وأريكا..
    أما دولنا فهي خارج الصراع …ولا محل لها من الإعراب..

  • Топ
    الجمعة 17 أبريل 2020 - 12:40

    2 – bat man

    تقول/…أما ما يتعلق بالحقد والكراهية والعنصرية بين الأجناس ودياناتهم فصدقوني هذا من صنع السياسة والسياسيين وكذلك التطرف هو صنع السياسيين وكل مصائب الشعوب تجد خلفيتها سياسية …/ كلام ارتجالي ومغلوط لا يتفق مع العقل والواقع لانه مبني على مكان فاسد ومعين لأن رجل السياسة هو أصلا فرد منتخب من الشعب.فالعنصرية تبرز في الشعب بمختلف طبقاته ضد حذث ما طرأ في المجتمع من طرف فرد أو مجموعة لم ترضي الفكر والإحساس الجمعي لمنطقة ما. فحذث 11 سبتمبر مثلا ولّد الكراهية والعنصرية العالمية "اللحظية" ضد الأشرار والمجرمين القتلة من طرف الشعب ووصل هذا إلى قمة الهرم السياسي عند رجال القرار المنتخبين.
    أما قولك أن/…لم نعد نسمع شيئا على الإرهابيين المتشددين والإرهاب الإسلامي …./ لعلمك لقد أخوفهم الوباء وأدخلتهم السلطات المشكورة لبيوتهم بالقوة ولأيْن سيخرجون وهم كذلك الأشخاص المتشفين في موتى العالم بأنه عقاب من الله للأخرين ونسوا أنفسهم المريضة

    انشروا من فضلكم

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس