ثورة جديدة للملك والشعب

ثورة جديدة للملك والشعب
السبت 17 غشت 2019 - 22:16

لمواقف الشجاعة للملك محمد الخامس، الذي فضل المنفى على التفريط في سيادة المغرب ووحدته الوطنية، وقع كبير وحاسم على نفوس شعبه الوفي ضد الاستعمار والاستبداد والتحكم. ولم يرض الملك لنفسه المذلة والهوان، وعبر عن وفائه لشعبه وإخلاصه لعقد البيعة الذي يجمعه به، فاختار سبيل التضحية بحياته من أجل حرية وكرامة الوطن. وقليل من الملوك والرؤساء من بقوا مخلصين لشعوبهم، إذ تآمروا عليها وتنكروا لعهودهم وانحازوا إلى الجهة الغالبة، خانعين وخاضعين مقابل حمايتهم وحماية أسرهم من البطش والنفي أو الاغتيال.

لقد شكلت ثورة الملك والشعب حدثا تاريخيا عظيما، وهي بمثابة عقد جمع بين الملك وبين شعبه، قوامه العهد والوفاء للملكية، وغايته تحقيق الحرية والاستقلال. كما ترجمت هذه الثورة، الخالدة في ذاكرة المغاربة، أروع صور الوطنية الصادقة وأغلى التضحيات في سبيل الوطن، ومنعطفا حاسما في ملحمة الكفاح المغربي من أجل الانعتاق والحرية.

وإذا كانت ثورة الملك والشعب مازالت حاضرة في ذاكرة الأجيال منذ غشت من العام 1953، ما يحتم علينا جميعا على الدوام استحضار أرواح جميع المقاومين، بما بذلوا من تضحيات كبيرة في تحرير الوطن، فإننا اليوم في حاجة إلى ثورة جديدة للملك والشعب، وقد أعلنها جلالة الملك محمد السادس في خطابه الذي وجهه إلى الأمة يوم 29 يوليوز 2019 بمناسبة ذكرى عيد العرش؛ ذلك الخطاب الذي شكل منعطفا هاما في تاريخ المغرب، إذ أعلن فيه جلالة الملك مرحلة جديدة سيقدم عليها المغرب، تقتضي انخراط جميع المؤسسات والفعاليات الوطنية المعنية، في إعطاء نفس جديد لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا، من خلال النموذج التنموي الجديد؛ ما يتطلب التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، وإجراء قطيعة نهائية مع التصرفات والمظاهر السلبية، وإشاعة قيم العمل والمسؤولية، والاستحقاق وتكافؤ الفرص، مع ضرورة انخراط المواطن المغربي، باعتباره من أهم الفاعلين في إنجاح هذه المرحلة.

الثورة الجديدة للملك والشعب، التي تجسدت من خلال الإرادة الملكية لخوض مرحلة جديدة للإصلاح والبناء، تحتاج إلى نساء ورجال وشباب متشبثين بروح المواطنة الصادقة، لتجديد الثقة بين الملك وشعبه، من أجل مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأيضا من أجل تحقيق التنمية المستدامة ومحاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة كل أشكال الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة وتكريس الحقوق والحريات…كل ذلك في ظل الملكية ضامنة للوحدة والاستقرار ورافعة للتقدم والتنمية على جميع الأصعدة.

إن المرحلة الجديدة، التي انطلقت بخطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2019، ستعرف جيلا جديدا من المشاريع والخبرات والكفاءات، وستكون السبيل لمستقبل زاهر يرتكز بالأساس على جعل الإنسان محورا للدولة والمجتمع، وفق رؤية شمولية تتيح بلورة نموذج تنموي جديد سيساعد على إحداث قفزة نوعية بالسرعة القصوى من أجل مغرب جديد، يتطلع إليه الملك والشعب، وخاصة الأجيال القادمة ذات النظرة المستقبلية القادرة على التغيير والعطاء وتحقيق غد أفضل، بكل حزم وإرادة وثقة في النفس.

*مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية.

‫تعليقات الزوار

4
  • مواطن غيور
    الأحد 18 غشت 2019 - 02:23

    فعلا لابد من ثورة جديدة للملك و الشعب لمغرب جديد
    مغرب النموذج التنموي الجديد
    مغرب الديموقراطية و التنمية و حقوق الانسان

  • NeoSimo
    الأحد 18 غشت 2019 - 17:12

    في المغرب الكفاءات كانت دائماً موجودة وهي من تدير دواليب الدولة… المكشل هو إقتصاد الريع الذي جعل هذه القيادات توظف كفاءتها في نهب "المغرب النافع" و التركيز على تطوير ما يمكنها فقط من نهب المزيد من الأموال ووقف أي تدمر من باقي الشعب وذلك بإلهاءه بالفتات من ثروات الدولة…

    ما يحتاجه المغرب هو قيادة مكونة من كفاءات غير فاسدة و نظام مشدد يمنع الفساد لكي يتم لفظ الفاسدين خارج منضومة الدولة والإبقاء فقط عمن يريدون خدمة الوطن وعندها سنرى التغيير الإيجابي الذي نريده…

  • بلحسن
    الأحد 18 غشت 2019 - 21:10

    هنيئا للأستاذ خالد على هذا الإصدار الجديد.
    مزيد من التوفيق

  • من حسنات العرش ...
    الإثنين 19 غشت 2019 - 14:00

    … ان مسؤولية المحافظة على استمراره تقتضي السهر على اصلاح احوال الرعية.
    مسؤولية الملك في المغرب من اعظم المسؤوليات لكونه مطالب بالحفاظ على امارة المؤمنين بقيادة اهل الليت التي اسسها امازيغ اوربة منذ 13 قرنا ، وكذلك الحفاظ على الدولة المركزية المخزنية التي وصع اسسها المهدي بن تومرت منذ 9 قرون ، وكذلك الحفاظ على ارث الاسرة العلوية منذ المولى رشيد.
    انه والله حمل ثقيل لا يقبل الاخطاء التي قد تسقطه ولو كانت بسيطة.
    لقد كان مفروضا على السلطان محمد بن يوسف ان يمحي مخلفات توقيع معاهدة الحماية من قبل عمه المولىالمولى عبد الحفيظ وان كان هذا التوقيع هو عين الصواب ولكنه لم يكن مقبولا شعبيا.
    وهكذا تزعم الحركة الوطنية وجدد للعرش اشعاعه ، الحسن الثاني عارض الايديولوجيات الدخيلة وحافظ على التوازنات ، محمد السادس فتح ابواب افريقيا.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة