كُـرة القدم قبل أن تكون لعبة جماعية وشعبية، تخضع كغيرها من اللعب لقوانين وضوابط مُحكمة ومُتفق عليها دوليا، يُـدِيرها حَـكم رئيسي في الوسط، قد يكون إفريقيا مثلا ومُرتشيا، يحرصُ أشَـدّ الحِـرْص على عَـدم إنزالها فوق المستطيل الأخضر، نكاية في تقنية الفار ونزاهة الحَكم الإيطالي القدير بيير لويجي كولينا أو في غيره من الحُكام النزهاء والشرفاء، ومساعدان أصمان أبكمان، لا يسمَعان ولا يرَيَـان شيئا من حَـولهما، يصعدان وينزلان كعقارب ساعة صمّاء ويجريان تائهين على الأطراف كشاهِـدَي زور، وتقنية -VAR- حديثة مستوردة من الغرب التكنولوجي المتطور علينا في كل شيء، لكنها تقنية مُعطلة في تربة فاسدة لا تصلح لها إما عن جَهل أو عَـمْد.
كرة القدم هي فن وأخلاق وذوق وفرجة أولا، ثم تجارة وصناعة وثقافة ثانيا، لكن ما رأيناه في مباراة الوداد البيضاوي في مواجهة الترجّي التونسي ذهابا بوجود جهاز ال- VAR- في الرباط وإيابا مع غيابه في تونس، هو تعبير عن وَضعنا الحَضاري المُـتردي والمُنحط. ما جرى فوق المستطيل الأخضر في تونس، هو تعبير عن واقع عَـربي وإفريقي بليد، بعيد كل البُعد عن هذه المُكونات مُجتمعة كصناعات ثقافية، وعَـمّا يجري من حولنا في العالم من تقدم سريع في كل شيء، ما وقع هو جَـرْي ضد التيار، حتى نثبت للعالم أننا نكـرِّرُ أنفسَنا في مضيعة متعمدة للوقت، وقائع مكشوفة لا تشرِّف العُـرب خُصوصا وإفريقيا عُموما، ليس لأننا خسرنا الكأس، فقد أدْمَـنّـا الخُسران المُبين أجمعين، والحمد لله، من مَطلع شمس القرن العشرين إلى اليوم، خُسران عَـمّ بلاد العُـربان من الخليج إلى المحيط، دون غيرها من بلاد الأعاجم أصفرهم وأحمرهم.
ما رأيته ليلة الجمعة 31 ماي 2019م لا يؤهلنا للدخول إلى شبهة التقدم كعرب وأفارقة، لأننا لا زلنا متخلفين في كل شيء وعلينا أن نعترف بهذا، لا زلنا بعيدين كل البعد عن الحضارة في أبسط صورها، كالاستعانة بتحكيم تكنولوجي استوردناه من الغرب مُكرهين، بعد أن عَجَـز التحكيم الإنساني الإفريقي عن فك مُعضلة هَـدف واضح للوداد في الرباط ذهابا وآخر إيابا في شخص الغامبي بكاري غاساما الذي فشل حتى في فن التمثيل، كأن يطلب من أحمد أحمد رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم أن يقول للمسؤولين التونسيين بأن يوفروا له تلفازا يشبه جهاز الفار-VAR مثلا، حتى تكتمل اللعبة.
لكل هذا وذلك، ليسمح لي إخواننا التونسيين الأعزاء جدا ألا أهنئهم بفوز “ترجّي” هُـم، بذلك الأسلوب المُنحط أخلاقيا، وأهنئ الوداد البيضاوي في المقابل، ليس لأنني “وداديًّـا” متعصبا، لكن لأنهم على الأقل لعبوا “الجلدة” بصدق الرجولة، واحترموا قواعد اللعبة هنا في المغرب كما هناك في تونس، وليعلم الجميع أن مباريات كرة القدم سجال، يوم لك ويوم عليك، بال -VAR- أو بدونه..!!.
كلام منطقي يعبر عما نشعر به تحية لكاتب المقال
رئيس الحكومة التونسي الشاهد يدفع في رئيس الكاف مباشرتا أمام العالم باش اسلم الكأس الترجي اللهم هدا الا منكر