التربية الجنسية.. لم لا بالمدرسة المغربية؟

التربية الجنسية.. لم لا بالمدرسة المغربية؟
الأربعاء 27 مارس 2019 - 21:46

عادة لما تذكر التربية الجنسية تشتعل الأضواء الحمراء، وتتهيأ أجهزة الإنذار المبكر، إذ تنصرف الأذهان مباشرة إلى الممارسة الجنسية؛ في حين أنه لا علاقة بتاتا بين الأمرين.

في دراسة أنجزتها منظمة الصحة العالمية، أثبتت أن الدول التي تعتمد التربية الجنسية المتكاملة في مدارسها تؤجل الممارسة الجنسية إلى حدود سن السابعة عشر أو الثامنة عشر. عكسنا نحن، إذ تفيد دراسة بأن الممارسة الجنسية،تبتدئ في سن مبكرة حوالي الحادية عشر أو الثانية عشر.

المفروض فالتربية الجنسية لأهميتها أن تقرر في المناهج الدراسية مثلها مثل أية تربية، كالتربية البدنية أو التربية الوطنية وغيرها. فلم لا تدرس هي الأخرى ليكون أطفالنا على بينة من أمر أجسادهم، خاصة في ظل تنامي ظاهرة البيدوفيليا، وانتشار مرض فقدان المناعة، وأيضا ما يصطلح عليه بزنا المحارم، بل وغزت الظاهرة حتى بعض المدارس مما يطفو على السطح بين الفينة و الأخرى من قبل بعض مرضى النفوس ممن لا يجدون غضاضة في استغلال صغر تلاميذهم وتلميذاتهم، وانعدام ثقافتهم الجنسية بشأن أجسادهم، وخاصة مناطقهم الحساسة، مما يعبر عنه في القرآن الكريم بالفرج يشمل الذكر والأنثى.

إن أطفالنا في المدارس الابتدائية قد يتعرفون على كل شيء تقريبا بشأن أجسامهم، ابتداء من حواسهم وصدورهم و بطونهم وأطرافهم إلى السُّرة، فيتم القفز بطريقة فجة إلى الأفخاذ أو الركب متخطين المنطقة الحساسة برمتها، بدعوى أن الموضوع فيه قلة حياء، أو خدش أخلاق، أو تشجيع على الإباحية، وما إلى ذلك مما يروج له المتعصبون من ذوي العلم المحدود، مما يطرح لدى الطفل أكثر من علامة استفهام، ناسين أن كل ممنوع مرغوب.

والإشكال، فالأسر المفروض أن تنهض بهذا العبء، لا أهلية لها للحديث فيه، بما أن معظمها لا دراية لها بشيء اسمه الثقافة الجنسية، لربما لم تكن يوما على جدول أعمالها؛ “ففاقد الشيء لا يعطيه”. إذا كان هذا حال الأسر، فماذا عن المدرسة؟

إلى اليوم في زمن الثورة التكنولوجية، إذ يمكن بمجرد نقرة خفيفة على أحد أزرار حاسوب أو هاتف محمول، يمكن أن يجد الطفل نفسه في عوالم تتعلق بالأجهزة التناسلية أو الممارسات الجنسية نفسها، المدرسة لا تقارب الموضوع إلا على استحياء، إذ تمر عليه مرورا عابرا من خلال بعض دروس النشاط العلمي، باكتفائها بالتعريف بجهازي الذكر والأنثى دون التوعية بالثقافة الجنسية. فما المقصود إذن بهذه الثقافة؟ وفي أي سن يمكن الشروع في تناولها مع أطفالنا؟ وقبل ذلك ما هي الأسباب والدواعي للاهتمام بها؟

في الواقع، يصعب الإحاطة بالموضوع في مقالة موجزة، ولكن لا بأس من الوقوف عند بعض مفاصلها كالتالي:

أولا، فمفهومها واسع جدا يشمل كل ما يتعلق بالنواحي الجنسية، ابتداء من التعرف على خصوصية كل من الذكر والأنثى، إلى علاقة الإنسان عموما والطفل خصوصا بجسده، وخاصة منطقته المتعلقة بأعضائه التناسلية، ومعرفة ما ينبغي كشفه للعموم وما لا ينبغي كشفه سوى لأمه بقصد النظافة في الحمام، أو بقصد العلاج أثناء الألم لدى الطبيبة أو الطبيب، دون ذلك فمحذور على أي كان العبث بها أو لمسها، ولو كان من أقرب المقربين إليه كإخوانه أو أحد أفراد العائلة، إلى الإخصاب و الحمل والولادة والنشوة الجنسية والأمراض الجنسية، إلى طرق تفاديها والوقاية منها وغيرها كثير مما يتعلق بهذه الثقافة.

إذا كانت التربية الجنسية ضرورة بالنسبة للإنسان في كل مراحل عمره، بما في ذلك الشيخوخة “مَحَدْ الرّوحْ تطلع والإنسان يطمع”. كم من المشاكل الزوجية تصل إلى فك عرى الزواج، تعود في أساسها إلى غياب هذه الثقافة بين الزوجين، فإنها اليوم بالنسبة إلى الأطفال أوكد من أي وقت مضى في زمن الثورة التكنولوجية. فأيهما أجدى، أن تكون له على الأقل الحدود الدنيا من المعرفة بها، أم يجهلها بالمرة؟

في أمريكا الشمالية، مثلا، هي مادة أساسية في المنهاج المدرسي في السنوات المتوسطة والثانوية، وفي فرنسا الحصص الأولى في التربية الجنسية تبتدئ في المرحلة الابتدائية بالتعرف على جهازي الجنسين بأسمائهما، وكذا ما يفرزانه، وأن الحب بين الجنسين مسموح به؛ لكن دون تجاوزه للممارسة الجنسية، التي ترجأ لديهم وطبعا وفق خصوصيتهم، إلى حدود سن الخامسة عشرة. فالمفروض أن يتعرف أطفالنا على ذواتهم وخصوصياتهم، الذكر ذكر والأنثى أنثى. فبدل قمعه أو تجاهله والإعراض عنه عند سؤاله عن كيفية وجوده في الدنيا، لا بد من إجابته الإجابة المناسبة لسنه، دون لف أو دوران أو الاحتماء بالأجوبة الخرافية. فلم لا نوضح له أننا كأي مخلوق على وجه الأرض لا بد من ذكر وأنثى للولادة والإنجاب. في عالم النباتات، فالنخل مثلا نجد فيه الفحل والنخل الأنثى يحبل فيعطينا الغلة، وفي عالم الحيوانات نجد مثلا الأسد واللبؤة، والحمار والأتان والأسماك أيضا، وحتى الكهرباء لا بد فيه من السالب و الموجب للإنارة. ببساطة نشرح له أن وجودنا متوقف على بذرة يزرعها الرجل في رحم الأنثى، فتنتج عنها ولادة. فما العيب أن يعرف الطفل هذه الحقائق بالأمثلة التقريبية؟

لا بد أن يعرف الطفل أو الطفلة أن جسده ملك له لوحده دون غيره، لا أحد له الحق في العبث بأعضائه التناسلية. فاليوم إحصاءات مخيفة تتحدث عن زنى المحارم، وعن المثلية وعن التحرش وغيره. فلا بد للطفل أن يعي بهذه الأخطار المحدقة بجسده. والأهم هو أن يتعلم طرق الاحتجاج في حالة انتهاك حرمات جسده بالرفض والصياح وبكل ما يحقق له الإفلات من الاغتصاب.

‫تعليقات الزوار

7
  • cae
    الأربعاء 27 مارس 2019 - 22:13

    إذا كان يُقصَد بالتربية الجنسية التربية – التي تمد الفرد بالمعلومات العلمية والخبرات الصالحة والاتجاهات اللازمة والسليمة إزاء المسائل الجنسية بقدر ما يسمح به نموه الجسمي والفسيولوجي والعقلي والانفعالي والاجتماعي في إطار الدين والأخلاق مما يؤهله لحسن التوافق في المواقف الجنسية ومواجهة مشكلاته الجنسية في الحاضر والمستقبل ، مواجهة واقعية تؤدي إلى الصحة الجنسية .- فمرحبا بها… إذا كان غير ذلك فأنتم تطحنون الهواء و تحرثون البحر

  • med
    الأربعاء 27 مارس 2019 - 23:26

    قديم وغشيم xnxx الأزرق يقوم بالواجب وأكثر مت وأنت مرتاح إنهم بين أيد أمينة

  • Peace
    الخميس 28 مارس 2019 - 07:00

    الطفل مثلا في الابتدائي او الى حدود 12 سنة لا يحتاج الى شيء اخر في هذا الباب ال تعلم النظافة و على ان ليس من حق احد ان يلمسه و ان لا يذهب مع اي شخص الا باستشارة والديه مهما كان ذلك الشخص طيبا و لطيفا معه و يعده باعطاءه الحلوى او اللعب او غير ذلك من الاشياء, التي تغري الاطفال و ان على الاباء مراقبة اطفالهم و عدم اهمالهم و تركهم عرضة للاستغلال بشتى انواعه. و اما المراهق بتبدا عنده تساؤلات حول العلاقات الجنسية, فيمكن ايضا توعيته بالمخاطر و الامراض بشكل يتلاءم مع سنه و باسلوب لا يخدش الحياء, ثم هناك مرحلة متقدمة و هي انه يمكنه دراسة كل اعضاء الجسم بما فيها الاعضاء التناسلية و غيرها من الامورالمتعلقة بالتناسل في اطار مادة البيولوجيا و الطب او كثقافة عامة. التربية الجنسية في المدارس بمفهومها الغربي لها تاريخ, حيث انها ظهرت اولا في المعسكر الشرقي و اعتبرت لمدة طويلة في المعسكر الغربي على انها اباحية خصوصا ما بين تقريبا 1947 و 1969 و كان هناك كثير من الجدال و الاخذ و الرد لايجاد محتوى و كتب مدرسية متوافق عليها لهذه المادة و بعدها تم التراجع عن عدة فقرات و الاقتصار على بعض الاشياء.

  • Peace
    الخميس 28 مارس 2019 - 07:22

    بالنسبة للتحرش و الاستغلال الجنسي ضد الاطفال, فان المشكلة غالبا ليست في ان الطفل ليس واع بانه يستغل جنسيا و لكن المشكلة تكمن اساسا في انه يخجل من التصريح بهذا الامر او لا يجد من يلجؤ اليه و يمكنه مساعدته بشكل لا تترتب عنه نتائج وخيمة و تكون وبالا عليه و على محيطه فتزداد الامور تعقيدا او انه يتعرض للتهديد او الهيمنة عليه نفسيا بالتاثير عليه للخضوع للامر الواقع و السكوتا و هما معا. لذلك يجب دراسة نفسية الاطفال, الذين تعرضوا للاستغلال الجنسي و لم يستطيعوا البوح بحرية بذلك الا عندما اصبحوا بالغين و مستقلين عن وسطهم… او لا يبوحون بذلك نهايا طوال حياتهم حتى يدفن سرهم معهم.

  • الثقافة الجنسية ضرورية
    الخميس 28 مارس 2019 - 11:22

    تدريس مادة الثقافة الجنسية فى المدارس ليست دعوى للإنحلال والإنحراف والدعارة هناك من يقع فى الكثير من المشاكل بسبب جهله بالممارسة الجنسية الصحيحة والسليمة والثقافة الجنسية ككل فهناك من يقع فى مشاجرات وخصومات وعنف ويصل حتى إلى درجة الطلاق بسبب جهله بالكثير عن الجنس والممارسة الجنسية والتربية الجنسية …

  • ب.مصطفى
    الخميس 28 مارس 2019 - 13:30

    يقول صاحب النص :إذا كانت التربية الجنسية ضرورة بالنسبة للإنسان في كل مراحل عمره، بما في ذلك الشيخوخة " واعطى نمودجين كي نقتفي اثرهما وهذا عجب يقول :في أمريكا ش، مثلا، هي مادة أساسية في المنهاج المدرسي وفي فرنسا الحصص الأولى في التربية الجنسية تبتدئ في المرحلة الابتدائية ) الدرسات أكدت على ان تعليم الجنس للأطفال او الشباب زاد في معدل الاغتصاب هل يعلم صاحبنا بهذا ام أراد ان يجعل المغرب بانكوك الثالنية كشفت دراسة حديثة عن مركز بحوث جون جوراس” الفرنسي أن 12 في المائة من النساء الفرنسيات، تعرضن للاغتصاب مرة واحدة على الأقل في حياتهن، أي ما يعادل نحو 4 ملايين امرأة،وأكدت الدراسة التي نشرها موقع إذاعة “فرانس إنفو” أن 43 في المائة من الفرنسيات تعرضن للاستغلال الجنسي الجسدي، .وأضافت أن 70 بالمائة من الضحايا لم يكشفن عما تعرضن له لأي شخص أمافي بريطانيا فالرقم مضاعف بكثير الاحصاء تؤكد ان 20000 حالة اغتصاب خلال 12 مما جعل “سوزان هول” عضو جمعية لندن، التى سلطت الضوء على ارقام الاغتصاب، باتخاذ اجراءات لمحاولة تفسير الارتفاعات الحاصلة في السنوات الاخيرة. نعم هذا هو تعليم الجنس للاطفال و

  • سبحان الله
    الخميس 28 مارس 2019 - 17:59

    يقول تعالى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير نحن نحتاج الى تجارب امريكا في الصناعه وتجارب فرنسا في الصناعه اما في ما يتعلق بالجنس فليس هناك افضل من الرجوع الى كتاب الله عز وجل القران الكريم نقرا الايات القرانيه التي تتعلق بالارحام والتي تتعلق بالذكر والانثى

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة