تدمير الذات

تدمير الذات
الأربعاء 9 يناير 2019 - 11:43

(الأنانية تثير الرعب، اخترعنا السياسة لإخفائها، لكنها تخترق كل النقب وتفضح نفسها لدى كل مصادف) آرثر شوبنهاور

في السياسة، ليس هناك أكثر من خيارين، إما بناء المستقبل ومن تم إعادة الاعتبار إلى الذات، وإما بناء الطموحات الفردية ومن تم تدمير الذات، وبين هذا وذاك، تكتسب مصالح الجماعة دلالاتها لدى كل طرف بحسب رؤيته واختياراته.

ففي كثير من الأحيان، يجد الإنسان نفسه في مواجهة طموح ذاتي، إما لإرضاء مصالحه الخاصة، أو لإخفاء أخطائه، أو حتى المجازفة بمستقبله السياسي من أجل طموح غير مستحق، وفي المقابل يمكن للمرء أن يختار العيش من أجل الآخرين، أو من أجل فكرة نبيلة، ولا يهمه آنذاك أن يحصل على اعتراف أو شكر من الآخرين، لأن الإيمان بالفكرة النبيلة ومحاولة تحقيقها، تظل أجمل هدية يمكن أن يقدمها الإنسان لذاته.

إن هذين التصرفين، الطرفي نقيض، هما اللذان يحكمان المجال السياسي الوطني ومن علاقة السياسيين بالآخرين، بل وحتى طبيعة تفكير كل شخص في علاقته بغيره و بمحيطه، أو حتى مع المجموعة السياسية التي ينتمي إليها، وبالتالي إما تكون الطموحات ذاتية وتبقى رغم تفاهتها في عين صاحبها كبيرة جدا، وما هي إلا وسيلة لتدمير الذات وإلغاء قيمتها الحقيقة، أو تكون الطموحات من أجل فكرة نزيهة وصادقة، فيحيى الإنسان لأجلها حتى ولو صدمته تصرفات بعض من محيطه أو طعنته من الخلف خيانات المقربين.

إن للأفكار الكبيرة قوة تحمي وجودها وتضمن استمراريتها، وتمكنها من الحضور والبقاء السياسي الدائم، كما تضفي على صاحبها وجودا متألقا، بإشراك الآخرين في جهوده والعمل معا لبناء صرح مشترك لفكرة نبيلة.

إن الأفكار الراقية والنبيلة، تحتاج إلى شخصيات صادقة وقادرة على تبني أفكار واضحة وصريحة وجريئة، لتسمو معها، أما الأطماع الذاتية الضيقة لا تحتاج إلى أفكار بل تنتعش في مستنقع المؤامرات، واستخدام الكتبة بالمقابل، وهذا لن يكون سوى طريق معبدة نحو جهنم الفشل.

إن اللحظة الفاصلة بين المصالح الذاتية والأفكار النبيلة، هي تلك اللحظة المحورية التي يكون فيها الإنسان أمام الاختيار، وهذا الأخير صعب، يصطدم فيها الذاتي بالموضوعي، وإذا تغلب الذاتي انهارت الذات، أما إذا تغلب الموضوعي فإن الفرصة مواتية لتطوير الذات وبلوغ الأهداف الكبرى للمشروع المشترك بين الجميع ومن أجل الجميع، وهذه اللحظة المعقدة هي التي تصنع الزعماء والقيادات الحقيقية وليست المواقع و المناصب.

أتذكر صديقا كان دائما يقول لي: إن الزعيم الحقيقي هو من يفكر كثيرا قبل أن يصمت، هو الذي يشرك الناس في القضايا التي تهمهم، والأحزاب من قضايا الناس، هو الذي يحيط به الأذكياء الصادقين، أما الفاشلين فإنهم لا يفكرون ولا يتكلمون أصلا، فقط ينشغلون طول الوقت بصنع المؤامرات والحسابات الضيقة، يحيطون بهم الانتهازيين، ويجعلونهم في دائرة محيطهم للتصفيق والمدح وترتيب الحروف و الكلمات، وهذا الجيش من الانبطاحيين لا يمكنه أن يصنع القيادات والأحزاب، لأن الزعامة الحقيقية لها ثمن، أما الفشل فمتوفر وبالمجان.

‫تعليقات الزوار

3
  • ايت واعش
    الأربعاء 9 يناير 2019 - 16:58

    مند الاستقلال الشكلي عن فرنسا فلم يسبق ان عرف نا شخصية سياسية تضحي من اجل الاخرين الكل غارق ومنهمك في مصالحه الخاصة واطعام المقربين والموالين ولا غير .لا يجب ان نكذب على اتفسنا فمتى كان هناك سياسي نزيه حريص على الاخرين..المثل الامازيغي يقول ..وانات ايتمان امينس كا اسرس ايرا …رحم الله الحاج لحسن ..

  • موحند
    الأربعاء 9 يناير 2019 - 19:57

    ليس هناك في القنافذ من هو املس.
    جل الساسيين المغاربة من المرتزقة والوصوليون والانتهازيون والانانيون والمتملقون. يقتاتون من مختلف اشكال الريع لخدمة سيدهم المخزن والاستعمار والبنوك الدولية للحفاظ عن منظومة العبودية والاستبداد والفساد والريع والعهر والقوادة والنهب والافتراس لحقوق وممتلكات وارض الشعب المغربي. الاحزاب السياسية المغربية وزعماءها بجانب المؤسسة الملكية الدستورية هم اكبر عاءق في وجه الشعب ليعيش في حرية وكرامة وعدالة ودولة الحق والقانون.

  • محمد بلحسن
    الخميس 10 يناير 2019 - 11:26

    إلى السي وهبي
    صباح الخير
    أنا من مواليد 1959 بتارودانت, مهندس مدني, سبق لنا أن تبادلنا أطراف الحديث بمحكمة الاستئناف بالرباط في 2013 حول ملف كان معروض بالقاعة 4 المخصصة في ذلك الوقت للجرائم المالية. المتهم موظف مهندس خريج المدرسة المحمدية للمهندسين ضبط في حالة تلبس تسلم مبلغ 300.000 درهم من مقاول مهندس خريج المدرسة الحسنية للأشغال العمومية يحمل اسم خالد سرغات. حضي المتهم بمؤازرة محامون من بينهم محمد الأنصاري (حزب الاستقلال) و عبد اللطيف وهبي (حزب الأصالة و المعاصرة) … في 2009 انخرطت بصفوف حزب فؤاد على الهمة و أنا مقتنع بأن المغاربة متعطشون للسياسة بمفهومها النبيل المستوحاة من الخطابات الملكية السامية … عشت التهميش بمنتدى الأصالة و المعاصرة للهندسة الوطنية FAMIN … تركني المرحوم جمال لوخناتي أشعر بوجود انتهازيين داخل الحزب … ليست لي طموحات سياسية و لكن أرغب في لقاء معكم لأحدثكم حول مناهج العمل السياسي بالسنغال انطلاقا من خبرات ميدانية دامت 4 سنوات. علاش تعليق كتبته على الساعة 09 صباحا "أشعر أن الكاتب كان قد تأثر كثيرا بمقال من إعداد هسبريس صدر (…)" لم ينشر و ها الساعة 12:23 ؟

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 20

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 22

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 3

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال