الاحتجاج مادة للتدريس!
مثل تعليم كيفية قطع الطريق العمومي..
دروس موجهة للقاصرين..
دروس يمكن أن تكون مفيدة، خاصة في زمن الاحتجاجات..
واحتجاجاتنا الحالية، بمختلف المناطق، تتمحور حول تردي التعليم العمومي، وتردي الحقوق الاجتماعية..
ويواكبها انتشار صور عنكبوتية تبرز ما قد يكون عنفا على تلاميذ لا هم لهم إلا إسماع أصواتهم..
– والحكومة بالحقوق الاجتماعية لا تعبأ..
ويبدو أنها لا تستوعب خطورة العنف الرسمي على المدرسة المغربية..
وكان أولى أن تفكر الحكومة في تعليم التلاميذ – القاصرين – داخل المدارس كيف يعبرون عن آرائهم.. وكيف يتجمعون.. ويتكلمون.. ويطالبون..
الاحتجاجات نفسها، يمكن أن تتحول إلى دروس وقائية قابلة للتلقين، ما دامت شوارعنا تحتمل احتجاجات تلو أخرى، على حكومة ما زالت آذانها صماء..
والبلد الذي تكون فيه شوارع ناطقة، متكلمة، معبرة عن أحلام وحقوق، هو بلد حي.. فيه حياة.. ونبضات.. وفي أعماقه مجتمع مشارك في نقاشات وطنية هادفة لإصلاح ما يستوجب الإصلاح، وقدرات على مكافحة الفساد بكل أنواعه وأشكاله..
مجتمعنا قد استيقظ..
إنه يستعيد الحياة..
وحكومتنا عاجزة عن التفكير بطريقة جديدة..
– لم لا تفكر هذه الحكومة في منهجية دراسية حية، فيها من جملة ما فيها، بضع أسئلة: كيف يمكن للتلاميذ أن يعبروا هم أيضا عن مطالبهم؟
هل هذا ممكن قانونيا؟ أم لا؟ وما العمل؟
التلاميذ يسألون.. والمختصون يجيبون.. ويوضحون.. وينصحون..
كيف يتم اختيار موضوع الاحتجاج؟ ومكان الاحتجاج؟
– وكيف ينتقون تعابير الاحتجاج؟
وكيف تتجاوب الحكومة معهم؟ وكيف يقنعونها بمطالبهم؟
إجابات تربوية توجيهية أخلاقية قانونية..
وأسئلة أخرى: كيف يحتج تلاميذنا بسلم وسلام؟ وهدوء وتعقل؟ ويبلغون الجهات المسؤولة مضمون الاحتجاج؟ وكيف يكون هذا التفاعل، داخل القانون؟
وأكثر من هذا: كيف يتجنبون الكلمات الخادشة؟ ومظاهر العنف؟ وكيف يفهمون بعضهم أن الأمن دوره المحافظة على الأمن؟ وأن هذا الأمن يتوجب احترامه؟ وأن على التلاميذ المتظاهرين أن يتجنبوا استفزاز قوات الأمن العمومي؟
وماذا عن الأمن نفسه؟ كيف يتعامل مع الاحتجاجات؟ هذا من حق التلاميذ القاصرين أن يفهموه..
وماذا عن إقحام عناصر عنيفة في أوساط المحتجين؟
دروس يجب أن تتضمنها المنهجية التعليمية، مع رزمة توجيهية منها قانون السير والوقوف والتحرك بالأماكن العمومية…
– الوقاية خير من العلاج!
ويتوجب أن تصل هذه الدروس إلى كل الجهات المعنية بالاحتجاجات، منها العدالة والمحاماة والصحافة والأسرة والمؤسسات التربوية التابعة للدولة، والمجتمع المدني… كل هذه الجهات مسؤولة عن توجيه الناشئة..
– داخل القانون!
وتدريس طريقة الاحتجاجات مفيد للجميع..
وهدفه: بناء مواطن يستوعب أبجديات القانون، ويلتزم بالقانون، ويحترم الآخر، ويحترم البنايات والمنازل والسيارات وكل العابرين بمن فيهم من هم على علاقة مباشرة بالاحتجاجات..
لم لا تفكر الوزارة، الوصية على التعليم، في تدريس الكيفية التي يمكن في ضوئها تنظيم مظاهرات احتجاجية سليمة؟
وأن تكون هذه الدروس بمشاركة عينات من نساء ورجال الأمن الوطني؟ وعينات من المؤسسات المختصة في قضايا التربية والتعليم والأسرة؟
إن الاحتجاجات قد تتكرر في أي وقت، ما دامت مشاكل التعليم بلا حلول جذرية..
والهراوات لن توقف شعبا مصرا على المطالبة بتعليم عمومي جيد، في مستوى المغرب الجديد..
ومن حق الناشئة أن تتعلم كيف تعبر عن رأيها، دون تعريض نفسها لعنف رسمي، أو انزلاق عن القانون..
وبهذا الصدد، على الحكومة أن تعي أن العنف الرسمي ضد تلاميذ عزل هو عنف في حق التعليم التربوي السليم..
وهذه الحكومة، التي يوجد فيها وزراء هم أنفسهم قد “أكلوا العصا” في “سنوات الرصاص” وقبلها، ما زالت مبرمجة على التعامل بالعنف مع احتجاجات سلمية..
و”عقدة العصا” من الصعب أن تتخلص منها حكومة قد تربت هي نفسها على العصا..
عقلية التربية التقليدية، المبنية على الضرب والركل والصفع وغير هذه من طرق العنف، انتهى وقتها.. وقد كانت دائما ظالمة للناشئة..
وفي العصر الجديد الذي دخله العالم، ومنه بلدنا، علينا أن نعلم من يحتاجون لتعلم: كيف يتواصلون؟ ونحن – من جهتنا – كيف نكتب مطالبنا؟ وكيف نبلغها؟ كيف نتأكد من أن مضمون رسائلنا قد وصل إلى الجهات المختصة؟ وكيف نواصل التتبع؟ ونصر على تلبية حقوقنا؟ وفي حالة وقوفنا أمام الباب المسدود، كيف نحتج؟
تقنيات من حق تلاميذنا أن يستوعبوها، لفهم كيف يكون الاحترام التام لبلدنا، ومكاسب بلدنا، وكيف تكون سلامة بلدنا، وسلامة المحتجين، واحترام أمننا العمومي..
وأن يتجنبوا مواقع الخطر، عليهم وعلى غيرهم..
لم لا تفكر الحكومة في هذا وغيره؟
ما أحوج مسؤولينا الحكوميين إلى دروس في التعامل مع الاحتجاجات المجتمعية، ومنها احتجاجات مدارسنا..
– ومن ثمة ترسيخ قيم المواطنة..
واحترام الشارع.. ومستخدمي الشارع..
والمرأة.. والطفل.. وكل إنسان.. وحتى كل الحيوانات الأليفة العابرة للطرق..
وكذا السيارات.. والدراجات…
وبهذا أيضا تتعلم ناشئتنا قواعد الاحتجاجات القانونية.. وأخلاقيات الحوار والتواصل في شوارع البلد..
ويتعلم الصغار من الكبار أخلاقيات التنقل..
كل هذه وغيرها تشكل عنقودا مترابطا بالحقوق والواجبات، بالشارع العمومي..
وأن يستوعب أبناؤنا القاصرون أنه لا يكفي أن يكون عندك حق، يجب أن تحسن اختيار الطريقة التي تعبر بها عن هذا الحق..
ولتكن مسيرات التلاميذ انطلاقة لدروس في كيفية ممارسة حق الاحتجاج في شوارع البلد..
إنها شوارع الوطن والمواطن.. شوارع تستحق منا كل احترام..
ومعا نستطيع القفز على كثير من الصعوبات.. وحل الكثير من التعقيدات..
إن ما يهم المحتجين هو تبليغ مطالبهم إلى أغلب أفراد المجتمع، وإلى الجهات المختصة.. وما يهم السلطات الأمنية، هو ألا يتحول الاحتجاج إلى مواجهة.. وألا تتحول الاحتجاجات إلى استعراض للعضلات.. وإلى عنف من هذا الطرف أو ذاك..
والتظاهر السلمي يجب ألا يصطدم بالقمع..
وألا يشوه سمعة وهيبة الدولة..
وألا يتسبب لا في تخريب.. ولا تشويه.. ولا اعتقالات..
– الوقاية خير من العلاج!
والقانون دائما فاتح عينيه..
راصد لأي تجاوز..
وهذا يدعو أيضا، في هذه الحالة وغيرها، إلى تدريس المادة الاحتجاجية، بكل تنويعاتها، لجعل أي احتجاج ينتهي بدون خاسر: الأمن رابح ما دام الاحتجاج قد انتهى بسلام، والاحتجاج رابح ما دامت مطالبه قد وصلت بسلام، وحققت النتيجة المطلوبة.. وكل هذا داخل القانون.. لا خارج القانون..
– والاحتجاجات لا تصعب معالجتها..
والمعالجة تكون لاستئصال جذور الداء..
وتتمثل في الاستماع للاحتجاجات.. والاستجابة للمطالب المشروعة!
والاحتجاجات التي تبحث عن حلول، بدون خلق مشاكل لنفسها ولغيرها، هذه تساعد على الحلول، وتحث على فتح العين على إيجابيات يمكن أن تفيد.. وتفيد كثيرا.. إيجابيات تقدم صورة لامعة لكل البلد..
– اتركوا الناس تتكلم.. وتعبر.. وبكامل الحرية!
الحكومة المحكومة لا يمكنها فعل أي شيىء تجاه مطالب واحتجاجات الشعب المتزايدة إلا اذا أصدر لها تعليمات فوقية فهي لا تتمتع بأي سلطة من السلطات ولا أي قرار من القرارات المهمة هي بمثابة دمية متحركة عن بعد عليها السمع والطاعة لولي أمرها