كتاب: "تحليل الخطاب الشعري"

كتاب: "تحليل الخطاب الشعري"
الأربعاء 31 أكتوبر 2018 - 21:07

السياق:

عمدنا في هذه الدراسة إلى أن ننظر في النص العربي عبر ما يُمليه هذا النصّ نفسُه مستعينين ـ بعد ذلك ـ بما نراه جديرا بمساعدتنا من آليات تحليل الخطاب على كشف المخفيّ في هذه النصّوص.

تناوب على حقل الخطاب السيميائيون، واللسانيون، والمناطقة، والباحثون الذين يرْكنون إلى التحليل التواصلي. لقد وُلِدَ مفهوم الخطاب ضعيفًا مع فردناند دي سوسير1 (F.de Saussure)، ثم بدأ يقوى ويزداد بريقه ليحيا ويُتدارك من جديد، وتُضاف إليه إضافات اقتضاها منطق الخطاب. والذي يعود إلى اللسانيات وفصائلها، سيُدرك أسباب هذا العجز. فاللسانيات حسب طبيعة تعاملها مع اللغة بشكل مجزّء؛ لن تستطيعَ – مهما تعمّقت – أن تُلِمّ بعوالم النصّ الإبداعي، وتُحيط بفضاء الخطاب وبما ورائياته.

فالخطاب ليس نصًّا مكتوبًا فحسب؛ وإنما هو نسق ونظام لغوي ناتج عن تفاعل اجتماعي، ولا بدّ من استحضار الإدراك الحسّي والعقلي لفكّ شفرات النصّ التي لا تستطيع المدارس اللسانية المهتمّة بتحليل الخطاب أن تُوقعها في شرَكِها. والذين أعقبوا فرديناند دي سوسير سيتداركون جزئية هذا النقص.

إنّ الخطاب عند سوسير مصطلح مرادف لـ: “الكلام” Parole.

وفي معجم اللسانيات2 لـ “جان ديبوا (Jean Dubois)، يعني الكلام المرادف للملفوظ (Enoncé). ونجد في هذا المعجم كذلك، أن مفهوم الخطاب يحتل مساحة أوسع، ونطاقا أشمل من النص.

وقد يأتي المصطلح مرادفا للنصّ3 كما هو الشأن بالنسبة إلى: كريماص (Creimas) وكورتيس (Courtés) في معجمهما السيميائي،4 أو هو النص أو المتن 5(Texte).

تُشكّـل التعريفات السابقة أنموذجا مختصرا لنمط، ومجرى، ومفهوم الخطاب.

ويمكن عَدُّ ما قدّمه ميشال فوكو6 (M. Faucault) التعريف الأكثر تقنية وذيوعا. فهو؛ أي الخطاب: نظام مُتقن ومضبوط. وهكذا يكون فوكو قد خرج عن المنظور اللساني للخطاب، ووسّع من دائرة مفهوم الخطاب إذ أصبح بإمكان الدّارس لهذا المفهوم عند فوكو أن يتحدّث عن الخطاب الإخباري، أو الثقافي، أو السياسي، أو الاقتصادي. ومن هذا المنظور يكون فوكو قد أسسّ للمنظور التواصلي للخطاب.

ولعلّ أقصى غاية حطّت بها رحالُ مفهوم الخطاب من حيث الغاية والبُعدُ الاستراتيجيّ، هو كونُ المصطلح أصبح يُشير إلى نظام فكري يتضمّن منظومة من المفاهيم والمقولات النظرية حول جانب معين من الواقع الاجتماعي بُغية تَملُّكه معرفيا. وهذا هدف من أهداف هذه الدراسة التي تطمح إلى نسج بُرْدَةِ التواصل الإيقاعي والدلالي للنص الشعري بعيدًا عن النظرية التجزيئية التي كانت تنتقي الظاهرة أو تقف عند حدود الأبيات الشاخصة في النصّ الشعري.

ولتحقيق هذه الغاية، تم اختيار ثلاثة نماذج، وأربعة نصوص:

نصّان من الشعر الجاهلي، ونصّ من الشعر الحديث (النمط الكلاسيكي)، ونصّ من الشعر المعاصر (قصيدة التفعيلة). وكان أملي أن أطعّم هذا الكتاب بنصوص أخرى والبحث في جوانب جديدة فيها، لكنّ الوقت وظروفَ العمل لم تسمح لي بذلك، فعسى أن يتيح لي الزمن فرصة إخراجها في دارسة مستقلة.

مشروعية الدراسة وأهدافها:

يَعيش النصّ العربيُّ شقاءً أبديا في رحلة شتاء وصيف لا تنتهي فصولها مع تقلبات مناخية غير مستقرة لمناهجَ ما إن تستقر في خلَدنا حتى تُغيّر جِلدتها في أصل منبعها.

يُسبِّـح كثير من العاملين في حقل النص بحمْد “تـودوروف” واجتهاداته. وهذا في حدّ ذاته توجّهٌ مقبول ومحمود لأنه يُكرّم الفكر الإنساني. ولكن ما العملُ في حال ما إذا تنَصَّل هذا الفكـرُ نفسه من كل اجتهادات الماضي مما يُودي بحياة جُهـودٍ نصّية امتدّت لأكثرَ من أربعة عقود.

أصدر “تزفيطان تودوروف” قبل سنوات كتابا ينبغي أن نَعَضَّ – نحن العرب – عليه بالنواجذ، لأنه سيجنّبنا أسلوب الإعجاب، والابتهاج، والترحاب اللامشروط بكل الآليات المنهجية، والمفاهيم الإجرائية القادمة من خارج الحدود العربية وكأنها قرآن منزّل.

عنْونَ “تودوروف” كتابه بـ:”litérature en péril” الذي طبع سنة 2007م بباريس، مطبعة “Flammarion”، وعرَض فيه أفكارًا تقييميةً، وتقويمية لنتائج رحلة المناهج الغربية مع النصّ المُبدَع بَدءًا من الشكلانية وانتهاء بالتفكيكية.

وقبْل “تودروف” بعشر سنوات، أصدر بيير. زيما (Pierre v. zima) كتابًا بعنوان “La déconstruction une critique”7 (التفكيكية: دراسة نقدية)” انتقد فيه البنيوية، والتفكيكية على المستوى الفلسفي والأدبي والنقدي.

إنّ الرّهان على تقديم أهمّ ما جاء في كتاب “تودورف” – سالف الذكر – يُعدّ تقييما حقيقيا وتشخيصا دقيقا لواقع معظم الدراسات النصّية العربية التي سارت في ركاب تلك المناهج وبالغت في تطبيقاتها.

لاحظ “تودورف” – أحدُ مؤسّسي الشكلانية في الأدب، وأحدُ رواد النقد النصّي في العالم – مجموعةَ أمورٍ نُجملها في الآتي:

لاحظ أن دراسة البنية السردية للحكايات بدل قراءتها لنفسها كوَّن جيلا عقيمًا “لا يعرفُ النصوصَ بل يخبر الآليات وحسب.”

وتنبّه إلى أن قراءة الأدب شعره ونثره لم يعد يسوق إلى التفكير في الوضع الإنساني والفرد، والمجتمع، والحبّ، والكراهية، والفرح، واليأس، حين أصبح يراهن على خيار التعريف بأدوات القراءة ومن ثمّ لم نعد نتعلم عن ماذا تتحدث الأعمال الأدبية، وإنما عن ماذا يتحدث النقاد. وهكذا أصبحت أدوات الشكلانية، والبنيوية، والسيمائية، والتفكيكية غايات لذاتها بعد فقْدها لشرط الوظيفة.

إن القارئ حين يقرأ نصوصًا لا يضع في خَلَده أن يُتقنَ منهجًا للقراءة ولا أَنْ ليستمدّ الخلفية الفلسفية بإتقان، بل ليجد فيها معنىً يتيح له فهْما أفضل للإنسان والعالم، وليكشف فيها جمالاً يُثري وجودَه.

فما الجدوى من دراسة نصوص أدبية إذا لم تكن سوى إيضاح للوسائل اللازمة لتحليلها؟ كلّ هذه العوامل جعلت الناقد الفرنسي “تودوروف” يحذّر من موت الأدب.

إنها صرخة شاهد من أهل النقد نفسه، النقد الذي جذبه التجريد فابتعد عن النص، ثم عن المؤلف، ثم عن القارئ، وأصبح اليوم نقدًا للنقد يأكل بعضه بعضا. ونتيجة لذلك فقَد النصُّ كلّ أسهمه في بورصة المناهج النقدية التي احتفظت بالربح وبرأس المال على حدّ سواء.

إن السياق الثقافي والخلفيةَ الفلسفية للإبداع العربي تختلف كليا أو جزئيا عن المدارات التي تحوم حولها النصوص الغربية وتنشأ عنها مفاهيم إجرائية ومدارس نقدية تعمل على خرق سنَن النص وتوجّهُه إلى حيث يريد الفكر، والفنّ، والفلسفة، والاقتصاد، وأشكال الموضة التي تراهن عليها النظرة الاستشرافية لتلك التصورات.

في إطار هذه الرؤى الجديدة، وتلك التصورات، كانت عودتي إلى النصّ الشعري العربي بدءا بقصائدَ تعود إلى ما قبل الإسلام، وانتهاء بأخرى تعيش بيننا.

حاولتُ أن أتأمّل تلك القصائدِ وأتقمّصها، وأجعلَها تعيش في دواخلي، ثم أتمثلها بعد ذلك في مخيّلتي. ولم أحاول أن أُلبِسَها ما لا يُطيقه جسدُها، أو أُسْقِط عليها كِسَفا من السماء.

قدّمنا في هذا الكتاب ثلاثة نماذج من الشعر حسب التحقيب الزمني (قديم – حديث – معاصر)، وأنموذجيْن من حيث الشكل (الشعر العمودي – شعر التفعيلة)، وأربعة شعراء: عنترة بن شداد العبسي، والمزرد بن ضرار الذبياني، وعلال الفاسي، ومحمد الخمار الكنوني، وبذلك تكون الدراسة قد شملت شاعريْن من القديم، وشاعريْن من الحديث.

وكان من بين أهداف هذه الدراسة إعادة الاعتبار للنص المُبدَع، والإصغاء إليه، وتأمُّلِه، وتَمثُّلِه، وتدبّره من أجل استنطاق صوامِته، واستخراج دفائنه، والوقوف على أعتاب مصادر تداعياته، والعوامِلِ الفاعلة في إبداعه كل هذه العناصر تتفاعل، وتتداخل في مُخيلة الشاعر فتنعكس في النص على شكل تجليات في التعبير، وجماليات في الصياغة، وتشكّلات في الإيقاع.

إن كلّ قصيدة من القصائد المُدرجة في هذه الدراسة (إما قصيدة وإما قصائد من ديوان شعري) هي عالم مُغلق يحتفظ بكل أسراره ويتمنّع عن الإفصاح عنها حتى وإن كانت القصائد تنتمي إلى العصر نفسه، أو إلى الشاعر نفسه، أو إلى وزن البحر الشعريّ الواحد. من هنا أرى لزاما أن يُعاد النظر في دراسة الشعر انطلاقا من هذا التصور لتذوقه والبحث عن المتعة فيه حتى وإن كانت هذه المتعة مأساة وعذابا، أو حسرة وألما من جهة، ومن خلال النظرة إلى القصيدة كنسق متجانس بعيدا عن تصور المرزوقِي في إطار عمود الشعر، من جهة أخرى.

وقد استطعنا من خلال مجموعة من الوسائل التحليلية التي استدعتْها تربةُ النصّ، أن نُفجّرَ مجموعة من الينابيع، ونكشفَ عن القنوات التي تربط بينها، وأن كلّ تلك القنوات تصبُّ في مجرى جمالية النصّ، وسرّ خلوده. ومن بين تلك النتائج نذكر ما يأتي:

استطاع البحث أن يُفعِّل الإيقاع الخليلي، ويشكفَ بطرق جديدة عن الطابع الموسيقي للقوالب الخليلية الجاهزة مُثبتينَ ما اضطلعتِ به تلك التفعيلات من أدوار فعّالة في تشكيل موسيقية النصّ الشعري، مُطعّمةً بوسائل الإيقاع المعاصر التي جاءت لتُكمِّل الجوانب الخفيةَ الإيقاع، وتفتح آفاقا جديدة أمام التفعيلات التي حُنِّطتْ ولم يتمّ تفْعِيلها بشكل إيجابي في التعامل مع النصّ الشعري.

لاحظنا أن عنترة تقلّب في بطولته عبر أزمنة مختلفة لعرْض مشاهد بطولتِه (نهار – ليل) فهو ليس كغيره من الأبطال الذين يتحيّنون الفرصَ وينتظرون الزمن المواتي لتنفيذ ما هم عازمون على تنفيذه. ولكن إذا ما دعا داع لأن يخرج عنترة إلى الميدان؛ فإنه لا يشترط زمنا مُعينا، وإنما يتساوى لديه النور والظلام، وهذا موقف بطولي رائع يقدّمه لنا الزمن العنتري.

وفيما يخص باقي العناصر نجد أن اللون الأحمر والأسود هما الغالبان على وحدة الألوان، وأن الأصوات في المعلقة لا تقدّم شيئا في وحدة الأصوات، كما أن العضوين البارزين هما الصدر الرأس والصدر مع ملاحظة أن كل الأعضاء تُقدَّمُ مبتورةً ممّا يجعنا نستنتج أن عنترة كان يصف قصّة مصرعه لكل بطل على حدة داخل معارك متعدّدة تم قدّم لنا تلك الأحداث والوقائع في صورة معركة كبرى رسمت معالمها المعلقة.

التركيب: ما يمكن استخلاصه أن الخطاب عندما يتعلق بعبلة فإن الشاعر يستفهم، ويأمر، وينادي، ويتمنّى.

وعندما يتعلق الأمر بالحديث عن نفسه؛ فإن الجمل الخبرية تقوم بتغطية هذا الحدث. كما أنّ الجُمل العنترية مثقلة بالإضافات، والنعوت، ومُقيّدة بحروف وبأدوات معظمها من أدوات الشرط، وحروف الجزم، وكل نوع من أنواع الجمل يؤدّي وظيفة محدّدة ودقيقة في النص لها صلة وثيقة بالدلالة والنفسية وبالأحاسيس.

أما الأفعال فإن معظمها ورد في النصّ مقيّدا ومحكومًا بأدوات.

فأغلب الأفعال إما منفية، وإمَّا أنها محكومة بالفناء دلاليا ومن ثمّ فهي لا تؤدّي مدلول الفعل الحقيقي المتمثل في الحركة، وإما أنها تؤدي معنًى غير المعنى الذي يجب أن تؤدّيه إذ يتغيّر معناها بفضل بعض الأدوات.

أمّا من حيث الزمن المقترن بالأفعال، فيتأرجحِ بين الماضي والحاضر (المستقبل). وقد لاحظنا أنه عندما يتعلق الأمر بالفخر، فإن زمن الفعل الماضي هو الذي يكون مهيمنا، مع ملاحظة دلالة بعض أفعال المضارعة على الزمن الماضي، ودلالة بعض الأفعال الماضية على الاستمرار.

ونجد بالنسبة للضمائر غلبة ضمير الحضور المعبّر عن ذات المتكلم. كما أن الشاعر – في مجال الصورة الشعرية – كان ينتقي الصور التي تنبُض بالحياة، والحركة، والحيوية، وهي – أي الصورة – مستقاة من الواقع المحسوس… وقد أفضت بنا كل تلك الرسائل الإيقاعية، والتركيبية، والمعجمية إلى أنّ عنترة من خلال معلقته هو إنسان عادي، وإنسان بطل، وإنسان جبان، وإنسان رحيم، وإنسان قاس، وإنسان خاضع للقدر.

أما قصيدة المزرّد فكشفت لنا جوانب في غاية الأهمية بالنسبة للعلاقات الإنسانية من جهة، والحيوانية من جهة أخرى، إذ عبرت القصيدة عن حقيقتين: حقيقة عالم الحيوانات والإئتلاف الحاصل بينها، وحقيقة المجتمع الإنساني والاختلاف أو عدم الالتئام الذي هو سمة نص المزرد. فالحيوانات والطيور ذكرت ضمن مجموعات يطبعها التجانس، في حين كلّما ذكر الإنسان ضمن مجموعة أو بشكل فردي إلا وكان محاطا بالخيبة والعداء والحقد والضغينة وعدم التعاون.

أما ديوان “رماد هسبريس”؛ فيُعَدّ مرتعا لغويا خصبا لإبراز القوة على ممارسة فن القول الشعري وإقامة علاقات إيقاعية لغوية جديدة. كما أنه يَفضَحُ لا معقولية الواقع ويزيحُ كل الستائر التي تحول دون رؤية الأشياء بشفافية واضحة، وبرمزية موغِلة. ومن خلال الرماد نُطلّ على ما ورائيات العمق الدلالي للإبداع الشعري.

*مبدع وناقد أكاديمي مغربي

[email protected]

******

1 – انظر تفاصيل هذه النظرية في:

* Ferdinand de Saussure Eléments de linguistique générale, paris, Gallimard,1966, p32.

* يقطين، سعيد، تحليل الخطاب الروائي، المركز الثقافي العربي 15/1989 ص – 21.

2 – Jean Dubois et autres: Dictionnaire de linguistique et des sciences du language (disouurs). paris, Larousse 1994, p: 57.

3 – انظر على سبيل المثال:

* علوش، سعيد، هرمينوتيك النثر الأدبي، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ص 49.

4 – Algirdas julien Greinces, Joseph Courtés sémiotique Dictionnaire raisonné, de la theorie du language, Hachette, 1994.

5 – Dictionnaire, Français – Arabe. imprimerie catholique Beyrouth, p: 679.

6 ـ لـمـــزيد من الاطلاع، يرجع إلى:

* فوكو، ميشال، حفريات المعرفة، ترجمة سالم يفوت، المركز الثقافي العربي، ط 2 – 1987م. ص 3.

7 – طبع بمطبعة: presses universitaires de France

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 4

احتجاج أساتذة موقوفين

صوت وصورة
جمعية حقوق الإنسان ومدونة الأسرة
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:35 4

جمعية حقوق الإنسان ومدونة الأسرة

صوت وصورة
نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"
الأربعاء 27 مارس 2024 - 19:15

نتائج "بارومتر الصناعة المغربية"