إلى النقيب الجامعي: هل يعد الإعدام مشكلا آنيا بالمغرب؟

إلى النقيب الجامعي: هل يعد الإعدام مشكلا آنيا  بالمغرب؟
الإثنين 23 أبريل 2018 - 13:01

بين فينة وأخرى، أجدني من المستغربين لبعض الجعجعات التي تتحرك في الفضاء العام، والإعلام تحديدا، كموضوع “عقوبة الاعدام”، والتي يثيرها النقيب عبد الرحيم الجامعي بشكل تظهر معه كأنها جبل، فأتساءل وأسائل السيد النقيب، هل “الإعدام” فعلا مشكلة آنية بالمغرب تستحق كل هذا العويل والتهويل؟

فمن يقرأ تصريحات النقيب، دونما اطلاع على الواقع المغربي، سيعتقد أننا انتهينا للتو من إعدام أحد المحكومين، وبدأنا نعد العدة لإعدام اثنين اخرين…

فليطمئن السيد النقيب، لا يحرك هذا الموضوع شعرة في رأس من يعتبرهم خصومه في هذا الموضوع، لأن موضوع الاعدام في المغرب تتم مقاربته بمنهجية أفضل من تلك التي تتم في الدول المتقدمة، وهذا ما يبينه بالأرقام تقرير منظمة العفو الدولية الأخير.

وليسمح لي النقيب الجامعي في الرد على مغالطاته التالية:

أولا: زعمه أن هيئة الانصاف والمصالحة نصت صراحة على الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام.

ثانيا: زعمه أن الدستور في فصله العشرين ينص على إلغاء هذه العقوبة.

ثالثا: تعسفه في الإستشهاد بالخطاب الملكي الموجه إلى المنتدى العالمي لحقوق الانسان الذي انعقد بمراكش يوم 27 نونبر 2014.

1

والبداية من التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية:”عقوبة الإعدام في سنة 2017، حقائق وأرقام”، والتي صنفت الدول إلى ثلاثة أصناف، وهي دول مستمرة في تنفيذ عقوبة الإعدام بلغت 993 حالة، تتصدرها الصين، بالإضافة إلى 22 بلدا استمر في تنفيذ عمليات الإعدام من بينها الولايات المتحدة الأمريكية التي تتصدر عقوبات الإعدام في الأمريكيتين بتنفيذ 23 عملية إعدام وصدور 41 حكما بالإعدام، كما تندرج اليابان ضمن هذه القائمة ، ودول قامت بإلغاء عقوبة الإعدام ويصل إلى 106 دول، ودول لا تنفذ عقوبات الإعدام في الواقع الإصلي، وعددها 142 بلدا، من بينها المغرب.

وفي قراءة سريعة، لم يعط التقرير أية أهمية للدول التي توقفت عن تنفيذ حكومة الإعدام في حق المحكومين، بقدر ما ذهب إلى تفكيك وتفصيل المعطيات المتعلقة بالدولة التي تعد مؤشراتها مقلقة، ومن المعلوم بالضرورة أن المغرب أوقف تنفيذها منذ سنة 1993، وينتمي إلى هاته الزمرة من الدول.

2

كما أن المادة 20 من الدستور التي أشار إليها النقيب الجامعي لا تتضمن بشكل صريح إلغاء عقوبة الإعدام بقراءة نسقية للفصلين 20 و21 من الدستور حيث يؤكد منطوقه في الفصل 20 أن:”الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق”، ويعتبر الفصل 20 من الدستور أن “لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته”، وهو ما يؤكد أن معادلة الدستور في موضوع عقوبة الإعدام متفردة في حماية الحق في الحياة، تنسجم مع موقف المغرب في التعامل مع هذه العقوبة، وتضع السياق المجتمعي في عين الاعتبار.

وتنسجم هذه القراءة مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي وإن نصت مقتضياتها على مبدأ الحق في الحياة، وضرورة العمل على حماية هذا الحق، إلا أنها لم تجعل صراحة من عقوبة الإعدام، في تناقض مع هذا الحق، وذهبت في بنودها إلى تقييد هذه العقوبة ببعض الشروط.

3

استند النقيب الجامعي بشكل متعسف إلى الخطاب الملكي السامي الموجه إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 27 نونبر 2017، حيث اعتبر أن الخطاب لا يوجد فيه ما يبرر انجرار الرميد إلى الدفاع عن عقوبة الإعدام، وهو حق أريد به باطل.

ذلك أن الخطاب الملكي السامي لا يتضمن أيضا ما يمنع المصطفى الرميد من التعبير عن قناعاته النابعة من النقاش الدائر في المجتمع، وهو النقاش الذي أشاد به الخطاب الملكي صراحة في منطوق الخطاب بالقول:”كما نشيد بالنقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بمبادرة من المجتمع المدني، والعديد من البرلمانيين ورجال القانون. وسيمكن هذا النقاش من إنضاج وتعميق النظر في هذه الإشكالية”.

4

كما أن زعم النقيب عبد الرحيم الجامعي في تصريحه الأخير بخصوص موضوع الإعدام، موقف هيئة الانصاف والمصالحة كسند مردود عليه، وإنه من المجدي تنبيه النقيب، للمرة الألف، إلى ما تضمنه الكتاب الرابع من التقرير الختامي لهيئة الانصاف والمصالحة،(ص49)، والتي لا تدعو فيها الهيئة إلى الإلغاء الكلي والآني، بل إلى:”الحد من عقوبة الإعدام وانتهاج التدرج في إلغائها”.

وهو التدرج الذي عكسه المغرب في قانون العدل العسكري (سنة 2015)، الذي قلص عقوبة الإعدام من 16 جريمة معاقب عليها بهذه العقوبة إلى 5 جرائم فقط، كما أن مشروع القانون الجنائي الذي تجري مناقشته في البرلمان، قلص الجرائم المحكوم فيها بعقوبة الإعدام من 36 إلى 12 جريمة.

ونص الكتاب الرابع أيضا، على مستوى عقوبة الإعدام، على ضرورة”اشتراط النطق بالإعدام بإجماع القضاة”، وهو ما تضمنته المادة 430 من مشروع قانون المسطرة الجنائية.

5

إن أغلب المتدخلين في ي ندوات الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة بالمملكة كانوا مع إعادة النظر في لائحة الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بغية تقليص استخدامه وليس مع الإلغاء بصفة نهائية من لائحة العقوبات.

في كلمة؛

من حق النقيب عبد الرحيم الجامعي، من موقعه الحقوقي، الاستماتة في النضال من أجل قناعاته وأهداف الهيئة التي يترأسها، ومن حقه أيضا أن يجري تقاطعات بين هذه الأهداف ومنظمات دولية، لكن ما لا يستسيغه المتابع أمران؛ العدمية التي لا تتوانى في تسويق السواد بالتعسف على المعطيات، والإفتراء على النصوص القانونية والخطب الرسمية والتوصيات من أجل تسويق هذا السواد.

‫تعليقات الزوار

3
  • الإعدام وسط الجموع
    الإثنين 23 أبريل 2018 - 14:49

    قبل سنوات قدم على شاشة التلفزة المغربية برنامج يستعرض حالات لأشخاص محكومين بالإعدام لتعدد جرائمهم الوحشية أو للاغتصاب الأطفال وخنقهم ومنهم من قتل بريئا قاوم محاولة سرقة بالإكراه رأينا هذه الوجوه العفنة بعد سنوات من حكم الإعدام الصادر بحقهم ورأينا زنازينهم المجهزة بالكتب والتلفاز وشاهدنا الحمامات التي يغسلون بها جسدها الملعون كل صباح بعد أن حرموا عجوزا أو زوجة أو فتاة أو طفل صغير من معيله الوحيد وشاهدنا كيف يشتكون من عدم آدمية عقوبة الإعدام ولو كان الأمر بيدي لأعدمتهم آلاف المرات فكم من آمرأة تركتها المغدور بلا معيل اضطرت للإشتغال بأحط المهن وتعرضت لمضايقة رب العمل وسائق سيارة الأجرة والخضار والجزار وألسنة الجيران وكان عليها أن تكون بألف رجل لتوصل من تحت كفالتها لبر الأمان .

  • أبو الضحايا
    الإثنين 23 أبريل 2018 - 19:39

    محاربة الرشوة أولى بالاهتمام
    با رجال القانون، ويا أيها المسؤولون القضائيون .. رجاء ركزوا على محاربة الرشوة داخل المحاكم؛ الرشوة التي يتضرر منها آلاف المواطنين كل يوم، وتدمر مآت الأسر كل يوم بأحكام جائرة متعمدة الجور.
    أما الإعدام فهو لا يطبق مند أكثر من عشرين سنة، وهو لا يشكل ضررا على الأمة متى كان الجاني يستحقه، وثبت في حقه القيام بما يوجبه.
    إن المشكل ألأشد خطورة على الوطن والمواطنين، هو تلك الأحكام التي يصدرها قضاة فاسدون، والتي تفوح منها رائحة الرشوة تزكم الأنوف،، ولذلك فعلى المشرع أن يعتمد وسائل جادة ورادعة للتصدي لمثل هذه الأحكام البينة الجور، ومعاقبة القضاة الذين أصدروها …
    رجاء أنقذوا ضحايا خصوم الأثرياء الذين يشترون ذمم القضاة الفاسدين المرتشين
    أنقذونا من أولئك ومن هؤلاء ..

  • إعدام وسط الجموع
    الإثنين 23 أبريل 2018 - 20:06

    ولكم في القصاص حياة ومن قتل يقتل ولو بعد حين . القتل هو الجريمة الوحيدة التي لا أوافق بإسقاط عقوبة الإعدام عن مقترفها إلا في حالة ما إذا كان القاتل في حال دفاع عن الذات أو عن الشرف أو عن الرزق.

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 6

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين

صوت وصورة
الماء يخرج محتجين في أزيلال
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:30

الماء يخرج محتجين في أزيلال