البؤس يقتل بذور الأمل في مهاجرين فنزويليين

البؤس يقتل بذور الأمل في مهاجرين فنزويليين
الجمعة 12 أكتوبر 2018 - 05:17

تنتشر رائحة مثيرة للغثيان في أرجاء المخيم المؤقت الذي يضم أكواخا من البلاستيك، حيث يتم استخدام الورق المقوى كأسرِة.

ويحيا المهاجرون الفنزويليون الذين يقيمون بالقرب من محطة حافلات كارسيلين في شمال كيتو، عاصمة الإكوادور، وسط ظروف معيشية بائسة، إلا من لحظة شعور بالارتياح يمنحهم إياها الشوق إلى الوطن والحنين إلى الأهل.

يقول خوليو سيزار موخيكا، الذي كان عامل بناء في وطنه لكنه يتولى الآن قيادة 90 من بني جلدته يعيشون في الأكواخ: “في فنزويلا، كان لديّ سرير، على الأقل”.

ويبلغ موخيكا من العمر حوالي 40 عاما، وهو طويل القامة قوي البنية إلى درجة يبدو معها قادرا على القيام بأي عمل بدني من أي نوع، والعمل هو كل ما يريده الرجل.

ويضيف موخيكا وهو يتنهد: “لا أتوقع أن يتم منحي أي شيء مجانا. أتمنى أن أتمكن من البقاء في الإكوادور”. وتستلقي زوجة موخيكا على الأرض، مريضة منهكة القوى، فهي حامل في أسبوعها الـ 26.

وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 2.3 مليون شخص غادروا فنزويلا منذ عام 2014. فتلك البلاد المنتجة للنفط تعاني من تداعيات أزمة ضخمة. وتتهم المعارضة الرئيس نيكولاس مادورو بمحاولة إقامة نظام ديكتاتوري، بينما من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى مليون في المئة هذا العام.

ولم يكن دخل موخيكا، في مقاطعة كارابوبو، مسقط رأسه، يكفي نفقات المعيشة، ولم يكن يوجد شيء يمكن أن يشتريه، على أية حال.

وقبل أكثر من شهرين، توجه موخيكا وزوجته إلى الجنوب، تاركين خلفهما ابنيهما الصغيرين. وعبر الزوجان الحدود إلى كولومبيا، لكنهما لم يعثرا على فرصة في تلك البلاد التي تستضيف بالفعل قرابة مليون فنزويلي. وانتهى بهما المطاف في المخيم المؤقت بالقرب من محطة الحافلات في العاصمة كيتو.

وغادر بعض الفنزويليين من الطبقة المتوسطة بلادهم على متن طائرات، وتمكنوا من العثور على عمل يناسب مستوى تعليمهم، ولكن فقراء ما قبل الأزمة، يواجهون أوضاعا أكثر صعوبة.

وأضاف موخيكا: “أحيانًا يحضر لنا الناس طعاما. أعطتنا امرأة من كنيسة 60 تذكرة للتوجه إلى بيرو. لكنني فضلت الانتظار هنا لفترة أطول قليلاً. يعاملنا البعض بشكل طيب، وآخرون على نحو سيئ. بعضنا يشعر بالخوف. طلب واحد منا المساعدة، فحاصرته مجموعة من الأشخاص الذين وصفوا الفنزويليين بأنهم مثيرون للاشمئزاز، فعاد وهو يبكي.”

وقال: “نأمل ألا يجد هؤلاء الذين يوجهون الاهانات إلينا أنفسهم في الوضع الذي نحن فيه.”

وجرى هذا الحوار بين سكان المخيم وصحافيين في الوقت نفسه الذي اجتمع فيه ممثلو 13 من دول أمريكا اللاتينية في كيتو مؤخرا لمناقشة أزمة اللاجئين الفنزويليين، وهي المحادثات التي لم يتم إخطار المجموعة القريبة من محطة الحافلات بها، ناهيك عن التشاور معها.

وقال موخيكا متذمرا: “اللعنة”، وذلك عندما كشف صحافيون مسافرون إلى كيتو لتغطية فعاليات الاجتماع عن شيء لم يكن يعرفه، وهو أن بيرو لم تعد تسمح بدخول أي شخص لا يحمل جواز سفر إلى أراضيها.

ولا يحمل موخيكا جواز سفر، وينسحب الأمر نفسه على سكان أكواخ أخرى. وبدون المرور عبر بيرو، لا يمكنهم مواصلة السفر جنوبًا، وهكذا، أغلق أمام هؤلاء المهاجرين باب آخر.

وناشد سكان المخيم الصحافيين: “افعلوا شيئا من أجلنا”، ولكن هل يستطيع الصحافيون التأثير على اجتماع المفاوضين رفيعي المستوى.

وفي الوقت نفسه، يحاول المقيمون في المخيم المؤقت دفع الملل عن أنفسهم، حيث اخترع أحدهم طاولة للعب مع ابنته، كما تستلقي امرأة شابة على لوح من الورق المقوى، وشكل عدد قليل من الشبان دائرة ثم بدؤوا في الدردشة، وذهب آخرون لبيع الحلوى في الشوارع.

ورغم هذه الأوضاع البائسة، ما يزال الفنزويليون قادرين على رسم الابتسامة على وجوههم أمام الكاميرات.

وقال موخيكا: “يرانا الناس ونحن نعيش بهذه الطريقة فيعتقدون أننا مجرمون. صحيح أن العديد من المحتالين قد انتشروا هنا، لكننا عمال مستعدون لأداء أي عمل من أي نوع”. وأضاف: “نعرف بعضنا البعض بالفعل. نحن أهل خير”. وكلما طال حديث موخيكا صار من الصعب عليه أن يخفي شعوره بالحزن.

ويتدخل مهاجر آخر يدعى فاليريو لوبيز في الحديث ليقول إنه يتوقع أن تصير الأمور إلى الاسوأ في فنزويلا. وأكد لوبيز مجددا: “لا توجد معارضة، حيث إن قادتها، مثل هنريك كابريليس وأنطونيو ليديزما، غادروا (البلاد). مايزال هناك عدد قليل منهم؟ الأمر يزداد سوءً”.

وتساءلت ليليانا مارتينيز، وقد كشف احمرار عيونها وعلامات الشيخوخة المبكرة عن شعور قوي باليأس: “كيف يمكن أن تكون هناك معارضة إذا كانوا كلهم في السجون؟ الجميع خائفون”. بينما تدخل موخيكا في الحديث وقال: “لم نأت إلى هنا بإرادتنا. لسنا سياحا، يجب أن يفهمنا الناس”.

وفجأة، انصرف شاب كان يحاول أن يشارك في الحديث. وبدا كما لو كان يخشى من أن ينهار إذا ما وجهت إليه المزيد من الأسئلة بشأن معاناته التي كشف عنها، عندما قال إنه ترك خلفه “ثلاثة أطفال” في فنزويلا.

وعلى بعد 150 متراً فقط من المخيم المؤقت، تواصل الحافلات جلب المزيد من مهاجري فنزويلا. وقد تراجعت أعداد القادمين الآن، بعد أن شددت الإكوادور من شروط الدخول إلى أراضيها. ويرحب سكان المخيم المؤقت بالوافدين الجدد الذين ينضمون إليهم.

*د. ب. أ

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش