"لا وطن للشباب" .. آفاق محدودة لأجيال شابة مهددة في إيطاليا

"لا وطن للشباب" .. آفاق محدودة لأجيال شابة مهددة في إيطاليا
الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 03:00

لا عجب أن أحد أكثر البرامج شعبية ومتابعة يذاع على محطة راديو “راي” الإيطالية العامة هو برنامج “نو كنتري فور ينج مين”، أو “لا وطن للشباب”، في دولة تعاني من ركود اقتصادي ولا توفر سوى آفاق محدودة للغاية للأجيال الشابة.

وعلى مدى السنوات الست الماضية، كانت نسبة البطالة بين الشباب لا تقل عن 30 في المئة. وانتقل نحو 50 ألف شخص تحت سن الـ40 إلى الخارج في عام 2015، من بينهم 23 ألف خريج جامعي. ووجد تقرير أن 75% من الشباب يعتقدون أن فرصهم ستكون أفضل عند الانتقال إلى أماكن أخرى في أوروبا.

ويقول لوكا باولازي، كبير الاقتصاديين في اتحاد أصحاب الأعمال الإيطالي “كونفيندوستريا”، إن إيطاليا “تستنزف” المواهب، مؤكدا أن هجرة ذوي الكفاءة تعرقل النمو الاقتصادي في البلاد، مضيفا: “هذا يمثل حالة طوارئ حقيقية”.

وتعتبر إيطاليا من الدول سيئة السمعة بسبب حصتها القياسية مما يسمى بـ”معدل نيت”، وهم الشباب الموجودون خارج نطاق التعليم والعمالة والتدريب.

وفي عام 2016، بلغت نسبة هؤلاء 30.7%، مقارنة بمتوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 18.3%، وفقا للإحصاءات.

ويقول ماسيميليانو فاليري، مدير معهد البحوث الاجتماعية “شينسيس”، لوكالة الانباء الألمانية “د.ب.أ”: “لم يعد بإمكان الشباب اليوم أن يحلموا بأن يكونوا أكثر ثراء من آبائهم وأجدادهم”، مضيفا أن “هذا الأمر لم يسبق له مثيل في تاريخ إيطاليا بعد الحرب”.

واستيقظت حكومة يسار الوسط، التي يرأسها رئيس الوزراء باولو جنتيلونى، على هذه الأزمة، وتعهدت بأن يتضمن قانون الميزانية للعام المقبل، الذي سيقدم بحلول الـ15 من أكتوبر، إجراءات لتعزيز عمليات توظيف الشباب.

وقال وزير الاقتصاد الإيطالي، بيير كارلو بادوان، مؤخرا إن “هناك موارد محدودة للغاية أمام الحكومة بسبب قيود الميزانية”.

وأضاف بادوان: “من المؤكد أن عمالة الشباب هي أحد العناصر القليلة جدا التي سيجري استهدافها” في خطط الموازنة.

والفكرة المطروحة حاليا على طاولة البحث تتمثل في خفض تكاليف الضمان الاجتماعي للمعينين حديثا، الذين هم دون عمر معين، سيجري تحديده لاحقا.

وتنظر الحكومة أيضا في إحالة ما يصل إلى 500 ألف موظف في القطاع العام إلى التقاعد المبكر، من أجل إتاحة وظائفهم للأجيال الشابة.

لكن هناك مخاوف من أن الإعفاء الضريبي للموظفين الشباب فقط قد يشجع الشركات على فصلهم بمجرد تقدمهم في العمر. وهناك أيضا شكوك بأن تكون الوعود بوظائف حكومية جديدة قبيل انتخابات العام المقبل مجرد وعود سياسية جوفاء.

وتقول فيرونيكا دي رومانيس، كاتبة خبيرة اقتصادية: “من الرائع أن يتحدث السياسيون أخيرا عن الشباب”، مضيفة: “لكن ربما هناك ثمة سببا لعدم قيام أي دولة أخرى بالتصدي لمشكلة البطالة بين الشباب عبر عمليات تشغيل واسعة النطاق في القطاع العام”.

وفي مارس، اقترح مركز الأبحاث “فونداسيون فيسنتي” حلا أكثر راديكالية، يتمثل في فرض ضرائب على المتقاعدين الأكثر ثراء بهدف جمع الأموال لمخططات رعاية الشباب.

وتزعم المجموعة أن هذ الطرح “مناسب ليس فقط من الناحية الأخلاقية، بل أيضا اجتماعيا واقتصاديا”.

ومن أجل تسليط الضوء على آفاق الحياة المتدهورة لدى الشباب الإيطالي، قدر مركز الأبحاث أن متوسط العمر الذي يمكن أن يصبح فيه الشاب مكتفيا ذاتيا من الناحية المالية سيرتفع من 30 عاما، كما كان الحال في عام 2004، إلى 38 عاما في عام 2020، و48 عاما في عام 2030 .

وصرح إنزو لاتوكا، 29 عاما، أصغر عضو في البرلمان الإيطالي، المعاصر لهذه الأزمة: لـ”د.ب.أ” بأن 30% من أقرانه في المدرسة الثانوية هاجروا من إيطاليا، لكنه لا يرى حاجة إلى وضع الشباب في مواجهة كبار السن.

ويقول لاتوكا، الذي ينتمى إلى الحزب الديمقراطي الحاكم، أن ذلك هو “الخطأ الذي يجب أن نتجنبه (…) لا أومن بفكرة أن السبيل الوحيد لجعل حياة الشباب أفضل هو جعل حياة المسنين أسوأ”.

وتتفق نقابات العمال مع النائب الشاب أيضا؛ فقد حثت الحكومة، الأسبوع الماضي، على تأجيل خطط رفع الحد الأدنى لسن التقاعد لمدة خمسة أشهر، ليصبح 67 عاما في عام 2019، لكنها أيضا “تدعم صندوق معاشات الشباب المستقبلي”.

هل يمكن أن يكون هناك ما يكفي للجميع؟ من المتوقع أن ترفع الحكومة هدف النمو هذا العام إلى 1.5 في المئة، وهو المعدل الأعلى على مدار 10 أعوام، مما يمنح الوزير بدوان مساحة إضافية للإنفاق، ولكنها ليست كبيرة نظرا لحجم المديونية العامة الهائلة.

ويقول فاليري: “إذا كانت البطانية قصيرة، فمن الصعب أن يشعر الجميع بالدفء”، مضيفا أن انخفاض معدلات المواليد ومتوسط العمر الأطول المتوقع عامل يجعل المجتمع الإيطالي يهيمن عليه المسنون بشكل متزايد.

ويتابع فاليري: “الحقيقة هي أن لدينا عددا أقل من الشباب حاليا، وهذا يجعلهم أقل أهمية سياسيا (…) إنه أمر محزن، ولكن كبار السن الذين يقاتلون من أجل حقوقهم في المعاشات التقاعدية أكثر تأثيرا من الشباب الذين يقاتلون من أجل حقوقهم في العمل”.

*د.ب.أ

‫تعليقات الزوار

9
  • طوطو مروكي
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 06:13

    ا يطاليا دولة متشابكة سياسيا بين باطن دولة تحتية تتحكم فيها المافيا والفاتيكان وبين احزاب متصارعة من اليمين واليسار..فتذخلات السياسية لن تجعل لاءي حكومة الوقت في تطبيق برنامجها..وتسقط خلال شهور.مشكل الشمال المتصنع والجنوب المتخلف ..يجعل هجرة الجنوب الي انحاء العالم حيث هناك المافيا تتحكم في صناعة القرارت..الحل هوتقسيم ايطاليا الي دولتين وهو من المستحيلات…حيث اافاتيكان سيد القرار..فستعرف ايطاليا ازمات خانقة وضاربة اكثر من اليونان مستقبلا…فمادام ايطاليا تحت رقابة الاتحاد الاوربي …فهناك حلول اقتصادية اوربية…ومادام الجنوب الايطالي متخلف وتحت حكم المافيا..فلن تتوقف الهجرة الايطالية الي كل العالم ..وكلهم ايطاليون من الجنوب…فهذا المشكل لهجرة الاذمغة ليس حديث اليوم بل مند ان ضربت ايطاليا بنشئءةالمافيا ..فرغم كل هذا تبقي ايطاليا دولة من دول 7المتصنعة…….

  • حلا
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 07:17

    الشباب الإيطالي شد الرحال للدول الاسكندنافية وألمانيا وكندا واستراليا ونيوزيلاندا.هناك مرحب بهم وتفتح أمامهم آفاق جديدة.إيطاليا تعاني وإسبانيا واليونان وكل دول أوربا الشرقية لهذا يتخوفون من مزاحمة اللاجئين لهم.فلا نتوهم أن البطالة ببلداننا المتخلفة فقط.

  • To be or not to be
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 11:08

    نسبة البطالة في صفوف الشباب الإيطالي و الإسباني جد مرتفعة. نسبة كبيرة من الإيطاليين و الإسبانيين يهاجرون إلى ألمانيا بحثا عن لقمة العيش , فكيف للمغاربة أن يجدو عمل هناك.لولا ولوج إسبانيا وإيطاليا للإتحاد الأوربي لكانت دول جنوب أروبا تعد من دول العالم الثالث.إقتصاد هاته الدول هش.يعتمد في معظمه على السياحة و الفلاحة و ليس الصناعة.

  • تازي
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 11:39

    سلطة السياسية خضعت لمؤامرة البنوك وحيثان الرأسمالية فكانت النتيجة مشاكل وحروب وفتن في جل دول العالم

  • Rachid
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 12:31

    الصراحة ديك البلاد الله اعمرها دار كلينا فيها وشربنا .
    حاجة وحدة الغربة الي كانت صعيبة فيها. كانتمنى ليهم الازدهار ماغنساوش خيرهم .كانطلب من المغربة الي بقاو تماك مايتعطاوش للمخدرات والسرقة اخليو بلاصتهم نقية واعطيو صورة نقية على دينهم الاسلام .
    انا بعد ما تقطع الرزق تمام وليت لبلادي وراني عايش والحمد لله على نعمه .نعمة الوطن والعائلة والطقس .وعاش الملك ديالنا

  • Monte verde
    الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 21:30

    اقسم بالله احسن بلد خدموا فيه المغاربة وجمعو الفلوس وداروا الناس منها ودبا لي خدام راه بخير واللي ماخدامش ربي يجيب ليه ..صراحة عشنا معاهم والله يعمرها دار باقة فيهم المحنة والإنسانية ..والى كنت شريف كتخدم بعرقك يحترموك ويقدروك والى كنت خايب مايعرفوكش المهم هاديك البلاد خيرها ماننساوهش وغادة تبقى في القلب ونتمنى لهم التقدم والازدهار..

  • Med mok
    الأربعاء 11 أكتوبر 2017 - 11:57

    ايطاليا بلد رائع ورائع اتمنى لإطاليا التقدم والازدهار والخير والسلام وسيتجاوزون هذه الأزمة العالمية وهي الآن بأفظل حال وهذا ما اتمناه لذلك البلد الصديق

  • مراكشي اصيل
    الأربعاء 11 أكتوبر 2017 - 14:11

    يوم حيث كتبت أن ايطاليا دولة تفتقد لادماج المهاجرين كيف لدولة لاتستطيع إدماج شبابها أن تدمج المهاجرين تنعدم فيها حتى الدعم الاقتصادي لشباب وأنها دولة بوليسية ومافيوزية حيث الكثير من المستثمرين يخافون من الاستثمار في ايطاليا لقوانينها المعقدة.

  • باك قديم
    الجمعة 13 أكتوبر 2017 - 12:30

    تحاولون أن تُوَاسو أنفسكم هناك فرق كبير بين دولة عندها مشكل البطالة وتحاول جاهدة الحد منها بكل السبل وإيجاد الحلول لها وبين دولة فيها بطالة متفشية وتتفرّج عليها. الطنز العكري باك قديم gاليك. أنشر من فضلك.

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 4

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 5

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال