رمضان استثنائي بطعم السياسة في الدانمارك

رمضان استثنائي بطعم السياسة في الدانمارك
السبت 27 يونيو 2015 - 06:20

يفسح النقاش الكبير حول السياسة المحلية بالدنمارك، الذي ساد خلال الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا، المجال لحوار مثير وآني يتعلق بحلول شهر رمضان في فصل الصيف.

وحسب وسائل الإعلام، فإن المهاجرين والدنماركيين من أصول أجنبية، وخاصة من المغرب العربي والشرق الأوسط والصومال، يشكلون في هذه البلاد نسبة هامة مقارنة مع إجمالي عدد السكان.

وإذا كان يهيمن على نقاشات هذه الجالية، والتي تدعى هنا بـ”غير الغربية”، القلق المتزايد إزاء الخطاب المعادي للمهاجرين وصعود اليمين المتطرف، فإن شهر رمضان يظل حدثا كبيرا لن يمر مرور الكرام.

ويأتي ذلك بعد النقاش الكبير الذي هيمن على هذه الانتخابات والمتمثل على الخصوص في مكانة الأجانب في المجتمع الدنماركي، والتحديات الكبيرة التي تواجهها هذه الجالية البالغ تعدادها 200 ألف نسمة من أصل 5.7 مليون نسمة في سبيل الاندماج الحقيقي.

ومع تدفق اللاجئين السوريين الفارين من الحرب الأهلية في بلادهم، أطلق السياسيون الدنماركيون من اليمين واليسار وعودا من أجل تشديد قوانين الهجرة وحق اللجوء والتي تعد من بين الأكثر تقييدا في أوروبا.

وبعيدا عن هذه القضايا، يطرح مع اقتراب شهر رمضان المتسم بطابعه الروحي وأجوائه الاحتفالية، موضوع الفرق الكبير في التوقيت من بداية الصوم إلى الإفطار.

ومع شهر رمضان المبارك، يعلن المسلمون في الدنمارك وشمال أوروبا بدء أيام طويلة من الصوم التي قد تكون صعبة نظرا لكون الشمس لا تغيب سوى لوقت قصير.

وإذا كان المغاربة يصومون نحو خمسة عشر ساعة، فإنه يسجل خلال رمضان لهذه السنة في الدنمارك والبلدان الاسكندنافية المجاورة (فنلندا وآيسلندا والنرويج والسويد) صيام وقت أطول مقارنة مع باقي بلدان العالم.

ويمتد شروق الشمس في بعض المدن، وخاصة في شمال النرويج والسويد وفنلندا، إلى نحو 23 ساعة. ومع ظاهرة شمس منتصف الليل، أصبح وقت بداية ونهاية الصيام الموضوع الخلافي بين بعض المسلمين قبل بداية الشهر الكريم.

وعلى عكس ذلك، فإن الأمر لا يطرح أي مشكلة في فصل الشتاء حيث تبقى الشمس مشرقة لساعات قليلة جدا مع ظلام مستمر يشعر الناس ببعض الكآبة.

ويطرح في هذه الآونة سؤال يتعلق بالسلوك الملائم من أجل القيام بالواجبات الدينية خلال هذا الشهر الكريم في هذا الجزء من العالم، وهو الأمر الذي يهيمن على تفكير المسلمين في هذا البلد الاسكندنافي.

وتظهر أيضا العديد من الآراء و”الفتاوى” التي يدعو بعضها إلى اعتماد أقل ساعات فترة الصوم في بلد الإقامة، ويوصي آخرون باتباع توقيت مكة المكرمة، في حين تحث آراء أخرى على الصيام وفق أقرب بلد مسلم أو حسب البلد الأصلي، وهنا تكثر الخلافات.

أما بالنسبة لمعظم المنظمات الإسلامية في اسكندنافيا، فإن الصيام مرتبط بساعات شروق الشمس وغروبها في بلد الإقامة، إذ تذكر بمختلف الاستثناءات التي رخص بها الإسلام والمتعلقة بالمرضى والنساء الحوامل و المرضعات و المسافرين.

ورغم أن طول وقت الصيام يرخي بظلاله على نقاشات المسلمين في هذه المنطقة، فإن الجميع يعترف بأن الحرارة في فصل الصيف بالبلدان الاسكندنافية نادرا ما تسجل درجات عالية، وبالتالي فإن الصوم لا يكون مرهقا بشكل كبير.

ويتم أيضا اغتنام حلول شهر رمضان لتسليط الضوء على الفضائل الروحية والاجتماعية للصيام والتذكير بقيم السلم والتضامن التي يدعو إليها الإسلام، والتي تشكل ضرورة قصوى بالنسبة للمسلمين لتعزيز مواجهة خطاب الكراهية الذي تنهجه الأحزاب الشعبوية والمعادية للأجانب في الدنمارك وبعض البلدان الأوروبية.

‫تعليقات الزوار

2
  • إخوة وأشقاء بلا حدود
    السبت 27 يونيو 2015 - 11:19

    فنلندا ليس دولة اسكندنافية ولا أيسلندا أبدا. مع أن سكان إيسلندا متطابقو الشبه في الصورة والملامح ولون الشعر ولون العينين والصورة مع النروجيين والدنماركيين والسويديين، حتى أن اللغة الايسلندية هي اللغة النرويجية القديمة جدا والغير مستعملة لا في السويد ولا في النرويج ولا في الدنمارك (هذه الدول الثلاث هي المكونة للدول الإسكندنافية وشعوبهم تتكلم نفس اللغة تقريبا).
    أما فنلندا ليست بلاد اسكندنافية بالمرة، وإن كانت مستعمرة سويدية سابقة، فلا علاقة للعنصر البشري الفنلندي بباقي شعوب اسكندنافيا. لكن لكل دول اسكندنافيا، ومعهم أيسلندا وفنلندا، لكل بلد علمه الذي تختلف ألوانه وتميزه عن الآخر؛ لكل علم ألوانه الخاصة، ولا يربطها ببعضها في التشابه إلا الصليب الذي يتوسط كل علم من أعلامهم.

    وإن اختلفت عندهم الأسماء والرايات والمساحات والحدود واللهجات، فإن هذه الدول الخمس تعمل في تعاون وتضامن وتآخ لا يوجد عند المسلمين إلا على الصعيد الشفوي الخيالي وبنفاق لا نظير له؛ إنني لم أسمع يوما من أي جهة في اسكندنافيا ولافي فنلندا مفهوم (البلد الشقيق) مثلما هو متداول عن العرب، أولئك الأشقاء الإخوة الأعداء.

  • من يستفتي؟ المؤمن لا يفعل.
    السبت 27 يونيو 2015 - 14:30

    من لم يصم شهر رمضان بشمال أوروبا الغربي، بالنرويج قياسا ومثالا، فإنه لن يكون قد جرب وعرف معنى قوة العزيمة، ولم يتذوق طعم الإيمان، ولم يسر في روحه ذلك الإحساس العميق والشعور القوي بنشوة الانتصار على النفس وشهواتها.
    إن صيام رمضان بهذه المنطقة، في عز أيام الصيف الطويلة ساعات نهاراتها، هو صهر وفتنة وامتحان للمؤمن الحق بالله. بحيث هنا يحس المرء المؤمن المسلم الصائم لله بتلك الفرحتين التي أشار إليهما رسول الله عليه الصلاة والسلام، فرحة الإفطار وفرحة العيد.
    إنها نشوة الفرحة التي لا يعرفها إلا من صام لله وهو خالص النية له، خصوصا عند من صام رمضان بهذا الشمال العجيب. أما الذين يتصارعون على الفتاوى من أجل أن يجدوا مبررا ليفطروا مبكرا فإنهم محال أن يجدوا فرحة لهم في الصيام. ومدى قوة أو ضعف إيمانهم يتجلى في تشكيهم من طول ساعات نهار رمضان.

    الفتوى:
    هنا من مر به رمضان على مدار دورة الفلك (33 سنة) فإنه يعرف بأنه يعيد المستحقات التي هي عليه لرمضان فصل الشتاء، ذلك أن رمضان يكون جد قصير بفصل الشتاء، ولكنه طويل في فصل الصيف.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة