متحف "سيدي محمد" ينغمس في تاريخ الصويرة

متحف "سيدي محمد" ينغمس في تاريخ الصويرة
الأربعاء 13 مارس 2019 - 10:19

يمنح التجول عبر الأزقة الشهيرة لمدينة الصويرة، بحثا عن التاريخ الأصيل لهذه المدينة الهادئة في المغرب الأطلنتي، متعة لا توصف.. متعة مضمونة كليا بمجرد دخولك متحف سيدي محمد بن عبد الله.

ويعد المتحف، الواقع في قلب مدينة الصويرة بالقرب من السقالة، إحدى المواقع الشهيرة ذات الحمولة التاريخية الغنية، والمكان المثالي لاكتشاف التاريخ العظيم والمتميز لموكادور – الصويرة، المدينة الغنية بتراكم الحضارات الكبرى، الرومانية والفينيقية والقرطاجية والأمازيغية واليهودية والعربية، والتي لا تزال تشكل فضاء مميزا لتلاقح الثقافات.

ويعكس هذا الفضاء، الذي افتتح أبوابه لأول مرة في 20 أكتوبر 1980، بمناسبة انعقاد المهرجان الأول للموسيقى، الغنى الطبيعي والثقافي لمنطقة الصويرة، وذلك من خلال تقديم مجموعة تضم مواضيع مختلفة من التراث المادي وغير المادي التي تزخر به المدينة وضواحيها.

وتم انتقاء هذه المجموعة بعناية لكتابة الصفحات المجيدة من تاريخ المدينة ولإبراز تنوعها الثقافي، وهو ثراء ثقافي مرتبط بالمؤهلات الطبيعية المتميزة، يتوجها تصنيف المدينة على قائمة التراث العالمي في 14 دجنبر 2001.

وقالت مديرة المتحف، غيثة الرابولي، في تصريح صحافي، إن البناية التي تحتضن متحف سيدي محمد بن عبد الله تم تشييدها في القرن التاسع عشر، من خلال تصميم يجسد فئة بيوت التجار المحددة بشكل رئيسي في حي القصبة، أحد أقدم أحياء المدينة العتيقة”.

وأضافت أن المبنى لحقته عدة تغييرات خلال الفترة الاستعمارية، حيث تمت تهيئة الفناء المركزي وسط حوض حل محله سلم يتوزع على قسمين ويتصل بالطابق الأرضي، في حين تم تحويل المستودعات إلى ملحقات للمتحف.

وذكرت بأن هذه البناية الفخمة كانت في عهد الحماية مقرا لمجلس المدينة، مشيرة إلى أنه بمجرد إقامة المتحف، تم الحرص على تخصيص الطابق الأرضي لاستعراض المؤهلات الطبيعية والتاريخية للصويرة، وتكريم مؤسسه الراحل بوجمعة لخضر، وعمله الذي لا يمكن إنكاره من أجل إشعاع هذا المتحف.

وفي معرض إشادتها بالعمل الرائع الذي قام به العديد من المحافظين الذين تعاقبوا على إدارة المتحف، أوضحت الرابولي أن الهدف كان منذ البدء هو إيلاء اهتمام خاص لتنظيم المتحف، لكي تتم زيارته بطريقة تربوية وتثقيفية وبناءة ومفيدة للزوار.

وهكذا، تم الاهتمام بتخصيص الطابق الأرضي للمتحف لتسليط الضوء على المؤهلات الطبيعية للمنطقة، لاسيما “المواد الخام” التي لا تزال تشتهر بها المدينة على المستوى الوطني والدولي، وهي الأركان والعرعار.

وأضافت الرابولي أن التجول في الطابق الأرضي من المتحف يسمح بإعادة تتبع بعض الصفحات من تاريخ المدينة، من عصور ما قبل التاريخ، والعريقة (الفينيقية والموريتانية والرومانية) والقرون الوسطى، وإلى غاية تأسيس المدينة في سنة 1765 من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله.

وللتعريف بكل هذه الحضارات التي تعاقبت على موكادور وأرخبيلها، يقدم هذا المتحف الإثنوغرافي، الذي يضم قسما أثريا، مجموعة من القطع والأدوات الأركيولوجية المكتشفة في عدة مواقع، منها على الخصوص، جزيرة موكادور وجبل الحديد وإيدا وازا وكاب سيم وغيرها، وكذا عملات رومانية وعشرات العملات الفضية التي تم سكها في عهد سيدي محمد بن عبد الله.

وبعد الانتهاء من زيارة الطابق الأرضي، تتواصل الرحلة داخل متحف سيدي محمد بن عبد الله، وهذه المرة بالصعود إلى الطابق الموالي، من أجل الاطلاع على التنوع الثقافي الذي يميز مدينة الصويرة، كما يتضح من خلال التعايش بين مختلف العرقيات (الأمازيغية والعربية والإفريقية) والديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية.

وينقسم طابق المتحف إلى أجنحة تعرض مجموعة من القطع الإثنوغرافية وفقا للمواضيع التالية: الألواح القرآنية، والمخطوطات، ومستلزمات العبادة اليهودية، والأعمال الفنية للمجوهرات التقليدية، لاسيما الفضية منها، والآلات الموسيقية، ومجموعة من الأسلحة وقطعا متنوعة من الأزياء، وأعمال فنية من خشب العرعار والخشب الملون وبعض نماذج من الزرابي بمنطقة الصويرة.

وأشارتالرابولي إلى أن كل هذه المؤهلات تشكل معالم مهمة في مدينة عالمية تقع على الساحل الأطلنتي للمغرب، كما أنها ثمرة تراكم العديد من الحضارات الألفية. وقد ساهمت هذه المؤهلات، التي يلخصها جزئيا متحف سيدي محمد بن عبد الله، بشكل كبير في تصنيف المدينة على قائمة التراث العالمي في عام 2001.

وإذا كان متحف سيدي محمد بن عبد الله يساهم، بشكل ملحوظ، في تعزيز الدينامية الثقافية والسياحية لمدينة الصويرة، من خلال أعداد الزوار الذين يستقبلهم يوميا، فهو يشكل كذلك علامة مرجعية بالنسبة لكل أولئك الذين يسعون إلى الاطلاع أكثر على تاريخ هذه المدينة والأدوار التي اضطلعت بها كأول ميناء بالمملكة، وجسر تواصل مهم بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء، وتربة للسلام والتعايش المتناغم بين الأديان والحضارات منذ قرون مضت.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

2
  • nour
    الأربعاء 13 مارس 2019 - 11:25

    Bravo Madame la conservatrice, vous faites toujours un bon boulot! Merci

  • ASSOUKI LE MAURE
    الأربعاء 13 مارس 2019 - 20:45

    الى السيدة الCONSERVATRICE لمتحف مدينة الصويرة .في اية حقبة من التاريخ استوطن الرومان أرض الشياظمة وأرض الجزوليين (GETULES)؟ جنس وسلالات الافارقة الموريين . جزولة و ركراكة و حاحا ياسيدتي سابقين في وجودهم عن الجنس الفنيقي والقرطاجي كما انه لم يسبق للرومان عبر لتاريخ ان تجاوزا نهر ابي رقراق (منطقة ازعير حاليا ) .صحيح ان الفنيقين توقفوا بجزيرة الصويرة في اواخر الالفية الثانية لماقبل لميلاد كما أن حانون القرطاجي أبحر بدوره عبر سواحل "الصويرة "في القرن الخامس قبل الميلاد . البحارة الفنيقين هم من أطلقوا إسم "ماجد أور أو MOGADOR كما نطقها البرتغال والفرنسين من بعدهم . متى كان سكان حاحا والشياظمة يتكلمون الأمزيغية ؟ أليست الامزيغية حذيثة العهد بالمغرب ؟. موطن الامزيغ ياسيدتي يتواجد بين سلسلة جبال شرق ماقبل نهر ملوية ومن بين تلك الجبال خرجت الأمزيغية . أما في المغرب ، ارض الMAURES ، السكان الأصليين لMAURETANIA العتيقة فلا توجد لا أمزيغية ولا امزيغ ولا ثرات امزيغي .سكان المنطقة يتداولون التشلحيت وثقافتهم إفريقية الجذور والألوان وليس كما تدعين. نحن على أرض الMAURES الأفارقة .

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة