مياه "واد مرزك" الملوثة تتحول إلى كارثة بيئية وصحية بدار بوعزة

كثيرون باتوا يفضّلون الاستقرار في جماعة دار بوعزة ضواحي الدار البيضاء، والهروب من ضوضاء وضغط وتلوث العاصمة الاقتصادية، وكثيرون يقبلون على شاطئ هذه الجماعة؛ بيد أن آخرين باتوا يهربون منه، ويفضّلون شواطئ أخرى.

عندما تسأل هؤلاء “الهاربين” عن السر في هذا التغيير، فإن الجواب يشكل صدمة: الشاطئ، الذي كان مفخرة، يصب فيه واد مرزك المحمل بالمياه الملوثة القادمة من جماعات مجاورة!

مياه ملوثة بالشاطئ

على بعد 30 كيلومترا من الدار البيضاء، توجد جماعة دار بوعزة، التابعة إداريا لإقليم النواصر، والتي باتت في السنوات الأخيرة تشكل وجهة للهروب من الضوضاء التي تعيشها الدار البيضاء، وكذا التلوث الناجم عن الشركات ودخان الحافلات والسيارات.

في الفترة الأخيرة، أضحت الجماعة قبلة للباحثين عن هواء نقي، والراغبين في الاستمتاع بلحظات هدوء بالقرب من الشاطئ؛ لكن واد مرزك ظل يشكل حجرة ثقيلة أمام المواطنين الذين يعتمدون على البحر في جلب قوتهم اليومي، وكذا للمسؤولين المحليين.

بات الشاطئ، بفعل عوامل متعددة، مصنفا في هانة الشواطئ غير الصالحة للسباحة؛ ذلك أن واد مرزك يأتي محملا بمواد سامة وصناعية من جماعات أخرى، ويفرغ ذلك بمياه البحر.

وحسب المعطيات المتوفرة، فالواد المذكور ينطلق محملا بمواد خطيرة وصناعية ومياه الصرف الصحي من مدينة برشيد، ليمر عبر جماعة حد السوالم التي تتوفر على حي صناعي بدورها ثم جماعة الخيايطة ليصل في نهاية المطاف إلى دار بوعزة وشاطئها الذي كان يطمح المسؤولون بالجماعة إلى الحصول على اللواء الأزرق.

ولا يقتصر الحال على الشاطئ المذكور لوحده، بل إن جماعة اولاد عزوز، يعاني فلاحوها من مخلفات الواد نفسه؛ وهو ما يجعل منتوجاتهم تعيش بمياه ملوثة وسامة، حيث يعمد بعض الفلاحين إلى استعمال مياهه في السقي!

أمراض وخسائر

كثير من المواطنين والناشطين الجمعويين عبروا عن تذمرهم مما آل إليه وضع شاطئ واد مرزك؛ فالسباحة صارت ممنوعة فيه، بعدما اخترقت المياه الملوثة رماله الذهبية، الشيء الذي جعل عديد الوافدين على الشاطئ يغيرون الوجهة.

وحسب ما أكده أحد المواطنين خلال زيارتنا للواد المذكور، فإن الزوار بدأ عددهم يتراجع كل سنة؛ وهو ما يؤثر على مداخيل الكثيرين من الناشطين في المجال البحري.

لا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل إن المياه الملوثة القادمة من واد مرزك باتت تتسبب في أمراض عديدة للمواطنين، ومنها أمراض خطيرة على غرار “اللشمانيا”، حسب ما أكدته مصادر طبية ومصادر بجماعة دار بوعزة.

وحسب مصادر الجريدة، فإن عددا من المواطنين أصيبوا بأمراض عديدة، بعضها ناجم عن المياه الراكدة والملوثة بواد مرزك.

ويطالب المواطنون المصالح المختصة بضرورة الاسراع في إيجاد حل لهذا الواد، حتى لا يتسبب في يتسبب في انتشار أمراض أخرى بين السكان.

ويرى فاعلون جمعويون ومنتخبون أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيضر بشكل كبير بصورة الجماعة التي تعد متنفسا بحريا للدار البيضاء. ومن شأن هذه الكارثة البيئية، التي تعيشها دار بوعزة بسبب المياه الملوثة القادمة من برشيد، أن تؤثر على وضعية العقار؛ ذلك أن عددا من التجزئات العقارية والمنعشين سيجدون أنفسهم أمام وضع لا يحسدون عليه نظرا لرفض الكثيرين هذه المظاهر البيئية المسيئة.

مسؤولية الحوض المائي

رئيس جماعة دار بوعزة حمّل مسؤولية هذه الكارثة البيئية إلى الجماعات المجاورة على رأسها برشيد وحد السوالم والخيايطة، معتبرا أن المياه الملوثة قادمة منها.

وأشار الرئيس، في معرض جوابه عن سؤال جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن الشاطئ، الذي كان يحظى بسمعة وطنيا، بات اليوم “عرضة للمياه العادمة والملوثة القادمة من برشيد والخيايطة وحد السوالم، بعدما كنا نطمح لأن يتم منحه اللواء الأزرق”.

وأضاف في اتصال هاتفي بالجريدة: “راسلنا جميع الجهات الوصية، وعلى رأسها وكالة الحوض المائي التي نحملها المسؤولية لما آل إليه الوضع، على اعتبار أنها لا تحمي المجال التابع لها وممتلكاتها، لو قامت بذلك لما وصلنا لما نحن عليه اليوم”.

وأكد المسؤول الجماعي أن مصالح عمالة النواصر وولاية الجهة، تعهدت بإيجاد حل لهذه المعضلة؛ “لكن وكالة الحوض المائي والجماعات القادم منها تلك النفايات والمواد من يجب التدخل السريع لوقف هذه الكارثة البيئية التي تضر بالجميع”.

وعبّر رئيس الجماعة، ضمن تصريحه، عن تخوفه من قيام الملك محمد السادس بزيارة إلى المنطقة، خاصة أن العاهل المغربي كان قد أطلق من شاطئ واد مرزك مشروع تهيئة الشواطئ “كيف سيكون موقفنا حينها مع جلالة الملك؟” يقول المسؤول دائما.

ودعا المتحدث نفسه باقي المتدخلين، من كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة ووكالة الحوض المائي والجماعات المسؤولة عن هذه الإفرازات، إلى إيجاد حل سريع وإنقاذ الشاطئ والجماعة والساكنة من التلوث القادم عبر الواد.