نجاحات وتعثرات تلازم تجربة المدارس الجماعاتية باشتوكة آيت باها

نجاحات وتعثرات تلازم تجربة المدارس الجماعاتية باشتوكة آيت باها
الخميس 12 أكتوبر 2017 - 04:00

أفضى واقع المؤسسات التعليمية بعدد من الأرياف والمناطق النائية بالمغرب، وما تفرضه من مظاهر تربوية واجتماعية، كالأقسام متعددة المستويات، وتناقص عدد الممدرسين، بالإضافة إلى واقع التشتت السكاني، ضمن تجمعات متناثرة هنا وهناك، زيادة على صعوبات تواكب عمل المدرسين، أبرزها الاستقرار، إلى التفكير في بدائل تروم خلق دينامية جديدة، وطفرة في مواجهة تلك التحديات المذكورة وتجاوزها.

ولم تكن تجربة المدارس الجماعاتية إلا واحدا من المخططات الهادفة إلى التوفيق بين ضمان الحق في التمدرس بالنسبة إلى أطفال وطفلات المناطق النائية والوعرة، مع ما يرافق ذلك من توفير تعليم جيّد لهم، وظروف استقبال وإطعام وإيواء مواتية، وبين ترشيد الموارد البشرية، وخلق ظروف استقرار تناسبها، مما سيؤثر بالإيجاب على أدائهم، وعلى جودة التعلمات، والحفاظ على الزمن المدرسي من الهدر.

إقليم اشتوكة آيت باها، وفي دائرته الجبلية، انخرط منذ مدّة في تفعيل التوجه سالف الذكر، فكان المخاض عسيرا، قبل أن تخرج إلى الوجود ثلاث مدارس جماعاتية، كبداية أولى، في أفق تعميمها على كافة الجماعات الترابية الواقعة في الوسط القروي النائي، غير أن الثقافة المتجذرة في المخيال الشعبي المحلي كادت تعصف بكل الجهود المبذولة لأجل تنزيل التوجه المذكور، فنجحت بذلك جماعات، فيما لا يزال بعض من التعثر يواكب عمل أخرى، فكان ذلك الدافع إلى سلك منحى تجميع التلاميذ في مؤسسة واحدة، وإغلاق الوحدات الفرعية، مع ضمان رجوعهم إلى منازلهم.

عبد الهادي بوناكي، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي باشتوكة آيت باها، أشار في تصريح لجريدة هسبريس إلى أن الإقليم يتوفر في الوقت الراهن على ثلاث مدارس جماعاتية، في المناطق الجبلية بجماعات إداوكنيضيف، تسكدلت وآيت واد ريم، حيث تُعد المدرستان الجماعاتيتان لإداوكنيضيف وتسكدلت من المؤسسات الناجحة، فيما لا تزال بعض التعثرات تواجه تلك الموجودة بآيت واد ريم.

تشخيص واقع هذه المؤسسات كشف أن البعد الثقافي والأعراف المحلية ببعض المناطق الجبلية، كآيت واد ريم، يقفان حجر عثرة أمام سماح الأسر لأبنائها، لا سيما الفتيات، بمواصلة دراستهم بعيدا عنها، وبالتالي التغيب والمبيت خارج البيت لمدة لا تقل عن خمسة أيام، خصوصا إذا تعلق الأمر بأطفال السلك الابتدائي، وبالتالي فرملة تحقيق الأهداف الكامنة وراء إحداث تجربة المدارس الجماعاتية.

وفي هذا الإطار، يرى المدير الإقليمي لقطاع التربية الوطنية باشتوكة أن الحل الأمثل لإنجاح التجربة يكمن في تجميع التلميذات والتلاميذ، مع توفير الوجبات الغذائية بالمؤسسة، فضلا عن أسطول النقل المدرسي، الذي يضمن نقلهم من بيوتهم صباحا، وإرجاعهم بعد انتهاء الحصص المسائية، “حيث أبان هذا التوجه عن نجاعته، مما حدّ من مخاوف الهدر في صفوف الفتيات بالخصوص، كما لاقى قبول آباء وأمهات هؤلاء” ، يقول المدير الإقليمي.

نجاح تجربة تجميع التلميذات والتلاميذ، بعد إغلاق الوحدات المدرسية الفرعية المتناثرة، دفع بالمديرية الإقليمية باشتوكة آيت باها إلى إعداد مخطط معقلن في التوجه الحالي لإحداث المدارس الجماعاتية بالقرى النائية في الإقليم، حيث أوضح المسؤول ذاته، أثناء حديثه إلى هسبريس، أن “خمس مناطق، تتعلق بمدرسة النجاح، في جماعة آيت ميلك، ستُمكن من تجميع تلميذات وتلاميذ 11 وحدة مدرسية فرعية”.

المخطط ذاته، يضيف المدير الإقليمي، سيشمل الجماعة الترابية لأوكنز، بتجميع متعلمات ومتعلمي كل الفرعيات التابعة لمجموعة مدارس الواحة، مع إضافة وحدتين تابعتين لمجموعة مدارس أولبن، مشيرا إلى أنه “تم الشروع في تنفيذ المخطط بتوسيع مدرسة الواحة، التي يُنتظر أن تنطلق بها الأشغال قريبا، في انتظار تزويد الجماعة بسيارات النقل المدرسي من طرف الجهة المختصة”.

في السياق ذاته، ستشهد الجماعة الترابية آيت امزال تنفيذ نفس المشروع، الذي سيساهم في تجميع 11 فرعية مدرسية في مدرسة ابن تيمية بمركز حد آيت امزال، كمؤسسة مستقبلة بالنقل، بعد تأهيلها بدعم من صندوق التنمية القروية. وفي جماعة هلالة، المعروفة بتناثر وتشتت وحداتها المدرسية، بالإضافة إلى قلة التلاميذ، “سنسير في اتجاه تأهيل إحدى الوحدات المركزية واستقبال تلاميذ مركزيتين”، يضيف المدير الإقليمي.

أما منطقة تاركا نتوشكا النائية، فقال المدير الإقليمي إن أول مقترح لإحداث المدارس الجماعاتية بالإقليم كان بهذه الجماعة، مضيفا أن كل الدراسات المتعلقة بالمشروع جاهزة، “غير أن تكلفته قُدرت بـمليار و200 مليون سنتيم، مما عرقل برمجته كأولوية، لارتفاع تكلفته المالية، مما دفعنا إلى التفكير في حلول أخرى، منها إعادة إنجاز الدراسات المتعلقة بالمشروع، في أفق تقليص التكلفة، والمرور إلى تفعيل مخطط وصيغة التجميع بها، الذي تدعمه الشبكة الطرقية المتوفرة”، يضيف المدير الإقليمي.

وبالنسبة إلى الأهداف المسطرة لهذه العملية بإقليم اشتوكة آيت باها، فتكمن، وفقا لعبد الهادي بوناكي، في القضاء على الأقسام المشتركة، التي ستُعوَّض بأقسام ذات بُعد تربوي، تتوافق مع الخريطة المقررة من طرف وزارة التربية الوطنية، فضلا عن توفير الموارد البشرية الكافية، بظروف استقرار مناسبة، مما سُيعطي تعليما نموذجيا، يضمن تكافؤ الفرص لتلاميذ الوسط القروي، ويسمح بتقليص وادخار عدد من المجهودات والطاقات والنفقات.

‫تعليقات الزوار

3
  • wood
    الخميس 12 أكتوبر 2017 - 09:42

    تجربة المدارس الجماعاتية رغم تكلفتها تبقى مهمة لمحاربة الهدر المدرسي و الحد من معانات الاطفال الصغار في التنقل عبر مسافات طويلة لكنها تحرم الاطفال من التواجد مع ابائهم. الا ان اكبر مشكل تعاني منه الساكنة القروية هو تشتتها على مساحات شاسعة مما يجعل من اي تنمية حقيقية مكلفة او مستحيلة . فعلى الدولة ان تهتم بخلق تجمعات سكانية و قرى نمودجية حتى يمكنها ان تتوفر على مختلف التجهيزات و المرافق الضرورية بالاضافة الى خلق بعض الانشطة الاقتصادية المختلفة للحد من التشتت و استقطاب الساكنة المتفرقة و الحد من الهجرة القروية نحو المدن الكبرى !!

  • WARZAZAT
    الخميس 12 أكتوبر 2017 - 10:11

    التعليم عندنا ليس للتنمية و التحضر. هو للتبليد و الابتزاز. ليس هناك ما يخيف الدكتاتوريات من شعب متعلم…حصاد من وزارة الداخلية!

    بغض النظرعن الاستلاب الغريب و الفساد الذي ينخر التعليم فتنظيمه أتى عليه الزمن. لم يتغير منذ أروبا القرن 18 عندما كانت تسرح المدارس كل صيف لشن الحروب و المساعدة مع موسم الحصاد. مع الأنترنت و التكنولوجيا انقرضت الكتب و الطباشير…إن لم تنقرض معهم المدارس و الأساتذة كذلك!…Squla, Khan ,Coursera ,Edx.

    لما لا تتداول الدراسة و العمل!؟.. 3 أشهر دراسة تتبعها 3 أشهر عمل /خدمة إجتماعية. تكون فترات العمل مزدوجة بالدراسة و المتابعة عبر الأنترنت و منحة/ راتب شهري. هكذا دواليك و بالتناوب المنسق طوال السنة بعطلة اسبوعين بين الفصول…ديك الساعة قرا و خدم تا تموت…لا رزبة على صلاح.

    هكذا يتلقى التلاميذ تكوينا جيدا و يوفر الأقتصاد بطاقات متعلمة طموحة. ما سيرفع الضغط عن المدارس و سوق العمل و يزيد من قدرتها الاستعابية ما يتيح لباقي الشعب الدراسة و العمل…الجامعة تلجها 10% النابغة فقط.

    هذا ما آل إليه التعليم و التشغيل في العالم. التكوين و التطبيق المزدوج من المهد إلى اللحد.

  • صاحب رأي
    الخميس 12 أكتوبر 2017 - 13:32

    تجربة المدرسة الجماعاتية بالجنوب المغربي تجربة فاشلة ماءة بالماءة .متالي الحي علئ ذلك .المدرسة الجماعاتية بآربعاه رسموكة حيث يدرس آبناوءنا في ظروف آقل ما يقال عنها :سيءة جدٱ .1:النقل الهمجي وليس المدرسي؛حيث يععمل الساءق المغلوب عن أمره علئ تكديس الحافلة بضعفي ما تسطيع حمله وسبب دلك راجع إلئ الأعطال المتكررة بللنسبة للحافلة الكبيرة المهترأة أصلٱ مند استقدامها .ولا يتسع المجال لدكر جميع المشاكل وادعوا جريدكم الموقرة لاستلاع حول هذه المدرسة للوقوف علئ كل شيء .أخيرٱ أقول :ضحكوا علينا وأصبحنا تجربة وأي تجربة:لهم الله

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات