أبراش يعزو تأجيل "صفقة القرن" إلى الرفض الفلسطيني والدولي

أبراش يعزو تأجيل "صفقة القرن" إلى الرفض الفلسطيني والدولي
الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 04:00

السبب الرئيس لتوجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو تأجيل طرح “صفقة القرن” ليس هو عدم قدرة بنيامين نتنياهو على تشكيل حكومة، بل هو، حَسَبَ إبراهيم أبراش، الأكاديمي الفلسطيني ووزير الثقافة الأسبق، “الرفض الفلسطيني الرسمي والشعبي للصفقة، وعدم تجاوب غالبية دول العالم معها”.

ويوضّح أبراش الحاصل على الدكتوراه من جامعة محمد الخامس بالرباط، في مقال تحليلي بعنوان “نعم يمكن إفشالُ صفقة القرن”، أن من أهداف الصفقة “تفريغ القضية الفلسطينية من كينونتها كقضية تحرر وطني من الاستعمار، وتحويلها إلى قضية إنسانية واقتصادية”، وهو ما يُرجع إلى مرحلة “ما قبل انطلاق الثورة الفلسطينية والمشروع الوطني التحرُّرِيِّ منتصف الستينيات”.

ويرى أبراش أن من أهداف ما يسمّى “صفقةَ القرن” قطعُ الطريق على أي طرف آخر في طرح مشاريع تسوية، أو منافسة واشنطن في تفردها بإدارة الصراع، وسحب البساط من تحت أقدام الأمم المتحدة وقراراتها ومنظماتها ومحكمة الجنايات الدولية؛ لأن الأمم المتحدة، اليوم، محل رهان القيادة الفلسطينية، وبهذا تسعى واشنطن إلى “إلغاء البُعدِ الدولي للقضية الفلسطينية”، و”كسب الوقت من خلال محاولة إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى جولة جديدة من المفاوضات العبثية، بهدف تمكين إسرائيل من استكمال مخططاتها للسيطرة، وضم كامل الضفة الغربية والقدس”.

ويؤكِّدُ الأكاديمي الفلسطيني أن “صفقة القرن” ليست محل إجماعِ كل أركان الإدارة الأمريكية، ويزيد موضِّحا أنها “مرتبطة أكثر بشخص الرئيس ترامب المثيرةِ مواقفُه للجدل”، وأن “العقلاء في الإدارة الأمريكية يعلمون جيدا صعوبة، بل استحالة إنهاء الصراع في الشرق الأوسط، وخصوصا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، دون موافقة الفلسطينيين، الذين لا يزالون حتى الآن ثابتين على موقفهم الرافض”.

ولا يشكّك أبراش في أن “الانقسام الفلسطيني، وحالة الضعف والانقسام العربي، والممارسات الإسرائيلية على الأرض فيما يتعلق بالقدس والاستيطان قد توحي ظاهريا بإمكانية البناء عليها لتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع التاريخي السياسي والديني في الشرق الأوسط”، قبل أن يستدرك بأن “الأمور أكثرُ تعقيدا وعمقا؛ فقد تستطيع إدارة ترامب أن تغيِّر بعضَ الشيء من طبيعة الصراع، وأن تُفكِّكَ وتُعيدَ موضَعَة بعض أطرافه، ولكنها لا تستطيع إنهاء القضية الفلسطينية، أو تجاوز الأمم المتحدة وقراراتها، أو إنهاء حالة العداء الديني بين المسلمين والعرب من جانب، واليهود وإسرائيل كمشروع استعماري صهيوني من جانب آخر”.

ويذكّر الأكاديمي المتخصّص في العلوم السياسية بأن هناك تمييزا “في عالم السياسة، وفي علم إدارة الصراعات والنزاعات الدولية بين إنهاء الصراع وحل الصراع”. وزاد مفسِّرا أن واشنطن من خلال مساعيها “تُدرك أنها لن تخسر شيئا من طرح مشروعها المسمى صفقة القرن؛ فإن نجحت جهودها في حل الصراع أو تفكيكه وتغيير طبيعته، فهذا إنجاز مهم لها، وإن لم تتمكن من حله، وهذا مؤكد، فعلى الأقل تأمل أن تُعيد سيطرتها على إدارة الصراع بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها وخصوصا إسرائيل”، مشيرا إلى أن مقياس النجاح والفشل في الحالتين ليس رهن الإدارة والإرادة الأمريكية والإسرائيلية فقط، بل بردود فعل، واستمرار تصدّي الفلسطينيين والعرب وكل من يناوئ السياسة الأمريكية لهذه السياسة.

وعدّد أبراش مجموعة من الأهداف التي تحاول أمريكا تحقيق بعضها أو جميعها من خلال هذه الصفقة، مثل: تعزيز حالة الفصل بين ما يُفترض أنها أراضي الدولة الفلسطينية الموعودة من خلال فصل غزة عن الضفة وخلق فتنة داخلية، وفكّ الارتباط بين فلسطين والعالم العربي من خلال التطبيع وتجاوز المبادرة العربية للسلام؛ لأن المشاركة في مؤتمر البحرين يعني التخلي عن هذه المبادرة، وتغيير طبيعة الصراع باصطناع أعداء للعرب غير إسرائيل. وأوضح في هذا السياق أن الإعلان عن مؤتمرِ المنامة في ظل توتير الأوضاع في الخليج وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران “ليس عبثا”.

ويرى أبراش في هذه الصفقة “ابتِزازا لمنظمة التحرير وإحراجا لها؛ فإما أن تحضر مؤتمر البحرين، مما يعني موافقتها على الصفقة ليس فقط في شقها الاقتصادي، بل السياسي أيضا، أو أن تستمر في موقفها الرافض مما قد يدفع أطرافا أخرى للحلول محلها”، وهو ما قد يتم معه “اتهامها بأنها غير معنية بتحسين الأوضاع الاقتصادية لشعبها”.

ومن أهداف “صفقة القرن” أيضا، حسب أبراش، “ضرب وحدانية تمثيل منظمة التحرير للفلسطينيين من خلال فتح قناتَي اتصال ومفاوضات، إحداها مع المنظمة والسلطة الفلسطينية، وأخرى مع حركة حماس”. ويضيف “حتى الأموال التي يتم تقديمها من قطر وغيرها، وتلك التي يُوعَد بها الفلسطينيون من خلال الصفقة لا تذهب إلى عنوان فلسطيني واحد، بل تُقسم ما بين سلطة غزة وسلطة الضفة”.

ويشير الأكاديميِّ الفلسطيني إلى أن من مقاصد هذه الصفقة “إنهاء المقاومة المسلحة من خلال الحفاظ على الهدنة الأخيرة بين فصائل المقاومة في قطاع غزة وإسرائيل، التي تمت برعاية شبه دولية وبإغراءات مالية”. ويزيد موضّحا أن “واشنطن ليست بعيدة عن هذا الموضوع، مباشرة أو من خلال وكلائها”، وأنه “ليس من العبث، أيضا، أن الهدنة تمت قُبَيْلَ ورشة المنامة”.

ويؤكّد أبراش أن مشروع “صفقة القرن”، مثل المشاريع السابقة، “لن يحقق السلام” ولن ينهي الصراع “حتى وإن تَسَاوَقَتْ معه بعض الدول العربية”. ويضيف: “ما زال يحذونا أمل في أن تتدارك القوى السياسية الفلسطينية الأمر وتتّخذ موقفا موحدا في مواجهة ما هو قادم، وألا تضعف بعض الأطراف للتَّسَاوُقِ مع الصفقة بصيغة أو بأخرى تحت ضغط الحاجة أو الإغراء المالي أو التخوف من تداعيات الرفض على وجود السلطة، سواء سلطة غزة أو السلطة الفلسطينية”.

كما عبّر عن أمله في “ألا تشارك الأنظمة العربية في ورشة المنامة في مخطط تصفية القضية من خلال دورها المالي”؛ لأنه في حالة رفض العرب دفع الأموال اللازمة لتمويل الشق الاقتصادي لهذه الصفقة، فإنها “ستفشل، أو على الأقل ستفقد غطاءها العربي كما هي فاقدة غطاءها الدولي والفلسطيني، وستبقى واشنطن وتل أبيب وحيدتين في مواجهة العالم”.

‫تعليقات الزوار

11
  • مغربي
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 04:17

    الهدف من صفقة القرن هو بيع ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية عن طريق تغليف دالك إستتمارات في البنية التحتية و الدي سيستفيد منها في الأخير هو شركات الإحتلال الصهيوني التي ستقوم بتلك البنية التحتية و بتالي سيدفعون اموال لأنفسهم لخداع المسلمين مقابل حصولهم على أرضنا التارخية ,
    باب المغاربة الدي حرره أجدادنا العرب و الأمازيغ المسلمين يستغيت من مماراسات المحتل الصهيوني.

  • ولد حميدو
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 04:26

    خطة امريكية لكي تبقى الامور كما هي عليه

  • ملاحظ
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 05:41

    صفقة القرن تستهدف لي دراع دول العالم لإرضاء إسرائيل بدا مند الإعلان الأحادي للرئيس ترامب نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس

  • عزيز
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 07:09

    ترامب يريد دخول التاريخ الحديث المكتوب حرفيا قبل دخوله التراب نتمنى ان يحدث العكس باذن الله تعالى

  • خالد
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 07:19

    هذه الأمة قد تضعف،قد تغفل،قد تتخادل،لكنها لا ولن تموت.ستُبعت من جديد

  • مصطفى البري
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 08:04

    كلا الفريقين – الفلسطيني والإسرائيلي – يستحيل أن يخرجا من المفاوضات بنوع من الإتفاق لسبب بسيط فالفلسطيني يستند على الحق التاريخي بينما الإسرائيلي يتمسك بالحق الشرعي ومايزيد الطينة بلة أن كلا الفريقين له مراجع مقدسة يتشبت بها ولا يريد التنازل عنها قيد أنملة إنه صراع أبدي لا أحد يعترف بضعف الآخر بل كلاهما يتمسك بالأحقية والحجية المقدسة.

  • Nor
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 08:41

    الى الدين يقولون ان صفقة القرن لن تتحقق. فهو غافل. ( انا ضده) .فهم لا يبالون بالشعب الفلسطيني المغلوب على امره. او الدول العربية حيت نرى ان السعودية التي تتحكم في الدول الإسلامية العربية موافقة وامارات اصدقاء كوشنر كدالك .اما المغرب والاردن الاولى ليس لها كلمة دولية المربوطة بقضية الصحراء والتانية تعتمد على مساعدات. هم الان يريدون كما سمعنا اخر مكالمة بين بن زايد وروسيا ينتدرون ضوء الاخضر من روسيا وهي بدورها تاخد من الكعكة . لايوجد حاليا من يدافع عن فلسطيين الجريحة. مسألة وقت و تاديب من يقول لا

  • خالد
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 09:42

    حتى و ان تم رفضها فمادا سيتغير سواء مع ترامب او بدونه

  • Palestinien
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 09:46

    Si le roi de jordani,le roi du maroc,etle president turque refuse la proposition de trump sur la palistine la prpositon sera échouée

  • متتبع
    الثلاثاء 11 يونيو 2019 - 16:27

    الاجتماع المرتقب بين روسيا+امريكا+اسرائيل سيحدد معالم هذة الصفقة ولكن ماذايقع في الضفة و هدم مؤسسات فلسطينية ؟

  • محاوسعيد
    الخميس 13 يونيو 2019 - 08:17

    لا توجد صفقة القرن لا امريكا ولا إسرائيل ولا العرب سيحرر إسرائيل المسالة محسومة إسرائيل تتاجر بالإرهاب الفلسطيني والفلسطينيون يتاجرون بالاضطهاد الاسرائيلي وكلاهما يعيش على التبرعات الواردة اما القدس فهي لعباد الله ومن هم عباد الله؟حينما نحقق ذلك ستحرر فلسطين وتسترجع الأندلس وسنغافورة وستفتح الكثير من البلدان المسالة ليست بالترسانة النووية ولا النفوذ السياسي

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب