معضلة الكِتاب والكُتاب

معضلة الكِتاب والكُتاب
الخميس 1 غشت 2019 - 12:32

“بالدنيا يعبرنا الزمان .. بالكتاب نعبر الزمان”، إبراهيم الكوني.

“وما أفقر الذين لا ثروة لهم إلا المال”، ميخائيل نعيمة.

في كتابه المعنون “رسالة تاريخية وسياسية موجهة إلى القاضي في تجارة الكتب”، نقرأ مقتطفا لدينيس ديدرو جاء فيه:

“خطأ كبير أراه يرتكب باستمرار من قبل الذين تسيرهم الأقوال المأثورة، هي أنهم يطبقون مبادئ صنع الثوب على طبع الكتب. إنهم يفكرون كأنما في وسع الكتبي أن يصنع من الكتب أكثر مما يتوقع أن يبيع، وكأنما لا يعترضه من الصعوبات سوى غرابة الأذواق والأهواء السائدة. إنهم ينسون أو يتجاهلون ما يمكن أن يكون واقعا، وهو أنه يستحيل بيع كتاب بسعر معقول إن لم يطبع منه عدد معين، فما يتبقى من قطعة ثوب قديم في مخزن النسيج، يبقى له شيء من القيمة، وأما ما يبقى من كتاب كاسد، في مخزن مكتبة، فلا قيمة له على الإطلاق، زد على ذلك، أنه إذا أجري حساب لعشرة مشروعات نشر، فثمة واحد منها، على الأكثر، يدركه النجاح، وأربعة ترد، بعد زمن، ما أنفق عليها وحسب، والخمسة الباقية تكسد سوقها”.

يرقى هذا النص الصادر في يونيو عام 1767، بالتحديد في الصفحتين 38 و39، وبعد مرور قرنين ونصف القرن، وبالرغم من التعديلات والثورة التي عرفتها تقنيات الطبع أو التغييرات التي طرأت على تركيبة المجتمع القارئ، يبقى جوهر هذا القول على ما هو عليه من الصواب. ونتوقف خاصة عند آخر ملاحظة عن وظيفة ومهمة الكتبي، إذ يصنف ديدرو الكتب إلى ثلاثة أصناف: منها ما يروج فورا، ومنها ما يروج بمرور الأيام، ومنها ما يكسد، وفي رأيه إن ما يفشل منها هو مقياس المجازفة في تجارة وتوزيع الناشر. وفيما يخص هذه النقطة بالذات، يبدو الموقف مختلفا نوعا ما عما كان عليه آنذاك، فدور النشر والتوزيع والطباعة أصبحت شركات بل ومؤسسات كبيرة تتمتع بتمويل ضخم يتسنى بواسطته توزيع المجازفة على عدد كبير من عمليات النشر.

ومع ذلك، فإن الكتاب يفشل إذا خسرت دار النشر والتوزيع جزء من رأسمالها أو كله، وينجح إذا عوض الناشر رأسماله فحسب وحقق ربحا مريحا “كبيرا” نوعا ما. وتعتبر دور النشر والتوزيع، كما اعتبر ديدرو، أن هناك نوعين من النجاح: نجاح فوري يُمَكِّنُ من استرجاع الاستثمار المادي بسرعة، في عملية واحدة، دون اللجوء إلى تجميد جديد لرأس المال، ونجاح مؤجل يتطلب تخطيطا على المدى البعيد يجازف أثناءها برأس المال أو بالربح كله أو بجزء منه.

كل قارئ يقرأ وكأن الكلام لا يعنيه، وإذا فطن فإنه يبتسم، ويطوي الورق ويقول: “كلام!”، أو يقول “تمام”، ثم ينسى كل شيء بعد حين، لماذا؟ ولمن تجهدون أنفسكم إذن يا معشر الكتاب في إهراق هذا المداد الذي لن تبلعه أرض ولا نفس؟ كما جاء في حوار الكاتب العظيم توفيق الحكيم مع “عصا الحكيم”.

أخيرا، يبقى الكتاب أجمل وأصدق وأوفى الأصدقاء، يعطيك ويمنحك دون مقابل، ولذلك اعتبره المتنبي خير جليس في الأنام، لأختم بما قاله أندريه مالرو: “لقد تعود المثقفون أن يلعبوا أكبر دور في تقدم فرنسا. بدأ هذا بفولتير وانتهى بفيكتور هيغو، ومنذ ذلك الوقت تحول المثقفون إلى كتاب عرائض”. وهذا ينطبق حرفيا على اتحاد الكتاب المغاربة، الذي أدرك بتواضع أن الكتاب لم يوجدوا لكي يكون بينهم اتحاد بل لكي يكون بينهم اختلاف.

الإنسانية هي الحل.

* كاتب

صوت وصورة
مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا
الخميس 18 أبريل 2024 - 16:06

مؤتمر الأغذية والزراعة لإفريقيا

صوت وصورة
الحكومة واستيراد أضاحي العيد
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:49 85

الحكومة واستيراد أضاحي العيد

صوت وصورة
بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية
الخميس 18 أبريل 2024 - 14:36 86

بايتاس وتأجيل الحصيلة الحكومية

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 4

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة