الرياضة بدون اشتراك

الرياضة بدون اشتراك
الأربعاء 27 فبراير 2019 - 21:14

الرياضة بدون اشتراك هي رياضة بنون النسوة انبثقت كتجمع لمبادرات شخصية بمراكش، ثم انتقلت كعدوى بين نساء الأحياء المجاورة. نساء قبلن التحدي، وهو تحد يليق بهن، إذ يجعل اللياقة البدنية من بين أولى اهتماماتهن، لاسيما أن تمثلهن بالماضي حول مفهوم الرياضة كان محصورا في فئة الشباب أو المتعلمين.

النساء كسرن جدار الخجل والتسويف، وأبين أن يمارسن عنفا على أجسادهن، نابعا منهن، ألا وهو السمنة. فمن خلال هذه المبادرة الجماعية للرياضة بدون اشتراك أصبحت النساء واعيات بما مدى أهمية المحافظة على لياقتهن البدنية والخروج من الروتين اليومي الممل كقارب نجاة من سم التسويف كل يوم وتهويل الأمر بمبلغ ضخم للاشتراك بالنادي الرياضي.

بفضل الرياضة بدون اشتراك واظبت النساء على ممارسة الرياضة في الصباح المبكر بشكل يومي ومستمر، إذ لم تتخلف إحداهن عن الحصص المقررة. نمت الإرادة والعزيمة بشكل ملفت للانتباه ومثير للتشجيع لنساء أخريات، أصبحت الحلقة يوما عن يوم تنمو بمشاركة مبادرات جديدات، لتتسع وتصل إلى 25 امرأة مواظبة بشكل يومي على حصص الرياضة على مدار الأسبوع، ليكون اليوم المخصص للجري، وهو يوم السبت، ختام مسك لتلك المجهودات المتضافرة ضمن روح فريق تطبع الإيجابية مختلف أعضائه.

بالفعل كانت تجربة رائعة للنساء ومبادرة طيبة مثلن فيها شجاعة المرأة على إحداث التغير والبدء من الذات كأرضية لتأسيس مفهوم لامرأة حركية قادرة على التغير، والدعوة إلى استقطاب نساء أخريات لعيش أجواء التجربة المميزة نحو جسم أكثر لياقة ورشاقة، والنجاة من وحش السمنة المخيف.

تميزت النساء بإرادة ومواظبة مستمرتين بدأت في الأماكن العمومية، بعيدا عن الصخب والتلوث، كالحدائق المنتزهات العمومية. ويترأس المجموعة مدرب أو مدربة متطوعة لمدة تبتدئ من 45 دقيقة إلى 60 دقيقة في جو تطبعه الإيجابية والنشاط ولا يخلو كذلك من روح الدعابة لدى السيدات وتشارك الخبرات والتجارب.

وبفضل هذه المبادرة وجدت النساء متنفسا زمكانيا لهن، هازمات للروتين اليومي الممل ومحاربات للسمنة في الآن ذاته. وبعد أسئلة مقتضبة موجهة إلى النساء المشاركات في هذه المبادرة لإبداء رأيهن حول هذه الرياضة، وما هي الدوافع التي شجعتهن على هذا التغير الملحوظ؛ لعل من بين الإجابات الملهمة من النساء المشاركات: “أصبحت أجد لنفسي وقتا مخصصا لي فقط، إذ أضحيت مسؤولة عن جسمي، بل صحتي، في المقام الأول”.

ومن الجدير بالذكر أن النساء لم ينكرن أمرا أساسيا، وهو أن هاجسهن في بادئ الأمر كان المظهر الخارجي المتناسق، إلا أنه سرعان ما تبين لهن أن الرياضة ليست رهينة فقط بالرشاقة بقدر ما لها انعكاس إيجابي على الصحة النفسية والبدنية للمرأة العاملة وربة البيت أيضا، والتي تؤثر بدورها على تحسن المزاج وجودة العلاقات الاجتماعية التي تجمعها وأفراد الأسرة. وهذا هو السر الذي اكتشفته النساء، ولمسنه من خلال ممارستهن بشكل يومي ومستمر طيلة أيام الأسبوع، إذ شكل عنصر المفاجأة الذي كان خارج التخمينات التي كانت تفترضها النساء بخصوص تمثلهن لمفهوم الرياضة.

وبعدما كانت النساء في السابق يبررن عزوفهن عن الرياضة بالخوف من ضياع الوقت أو بسبب تكلفة النوادي الرياضة؛ إلى جانب الخجل من مزاولة الرياضة بالأماكن العمومية، أصبحت المشاركات في هذه المبادرة أكثر وعيا بما مدى أهمية التمارين الصباحية من التاسعة صباحا إلى حدود العاشرة، والتي لا تأخذ من وقتهن الكثير، وفي المقابل تعود عليهن بالنفع الكبير في تحسين المزاج وتحفيزهن على إنتاجية أكثر بخفة ونشاط طيلة اليوم.

وصرحت جل نساء هذه المبادرة بأنهن راضيات عن أنفسهن ومتحمسات لاستقطاب نساء أخريات ليلتحقن بالركب، تحت عنوان “اللياقة تليق بك”؛ كما التمسن في الأخير أن تكون هنالك أماكن عمومية تشجيع النساء على ممارسة الرياضة بدون اشتراك في الهواء الطلق.

*طالبة باحثة بسلك الدكتوراه تخصص علم الاجتماع.جامعة ابن طفيل كلية الآداب والعلوم الإنسانية القنيطرة.

‫تعليقات الزوار

2
  • جليل نور
    الخميس 28 فبراير 2019 - 00:21

    خروج نساء جماعةً لممارسة تمارين رياضية حفاظا على لياقة بدنية، أو اكتسابا لها، لا كرياضيات متمرسات (فحتى هذا النوع من الرياضيات محدود جدا مقارنة بالذكور) موضوع قليل من تطرق إليه..لدي ملاحظة لصيقة بموضوعك سيدتي و تتعلق بلباس نسائنا الرياضي في أحيائنا الشعبية و التي يعبر مظهر جلهن عن حرج و " حشومة" يعانين منها و هن يخرجن للتريض..في الغابة المجاورة أصادف شبانا بشورت قصير يكشف سيقانهم إلى منتصف الفخدين أو بسراويل لاصقة في حين نادرا ما تصادف شابة في "توني" رياضي عادي..أغلب السيدات من مختلف الأعمار تراهن في ألبسة (تتراوح من قميص طويل فضفاض مرورا بالجلابة العادية إلى النقاب!)..غرابة مضحكة لأول وهلة في فضاء يوفر راحة للإنسان و حرية في  المشي و الركض و غيرهما، لكن عندما تلاحظ نوعية نظرات بعض الرجال إلى بعض السيدات يغلب فيك شعور إستنكار و إستهجان و يجعلك تخشى أن تتحول النظرات فجأة إلى تعنيف لفظي أو جسدي..ذلك ما اختبرته سيدات كثيرا إكتفين بالبكاء ولم يستطعن إلا الصمت، فنحن كرجال لا  نتقبل حقيقة أن المرأة كإنسان من حقها أن تتمتع بكل الحقوق أولها رفض الحجر عليها جسديا تحت أي ذريعة..

  • ساره البصراويه
    الخميس 28 فبراير 2019 - 11:07

    أبدعتي بالتعبير عن موضوعك المتميز والفريد من نوعه راهني وجديد جدا خصوصا وأن المرأة تظل بمجتمعنا العربي مقتنعة أن لياقتها البدنية واستمتاعها بوقتها ليس حق من حقوقها خروجها بحدود المعقول أمر ضروري واهتمامها بصحتها مسؤولية شخصية ومجتمعية ينبغي تشجيعها على ذلك لأنها عماد الأسرة وصحتها تؤثر على الكل أبدعتي ودمتي مبدعة استمري بمواضيعك المتميزة ❤

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة