الإعلام بين الأمس واليوم

الإعلام بين الأمس واليوم
الإثنين 31 دجنبر 2018 - 12:49

لربما أصبحنا نعيش ضربا من الخيال بعيدا كل البعد عن واقع الأحداث والمجريات.. نعيش في قوقعة العالم الصاخبة نتقلب بين المصادر الموثوقة والخاصة التي نسمع بها ولا نراها.. أصبحت خوارزمية عقولنا مبرمجة على تصديق كل ما نمر به أو بالأحرى تصديق الحدث الذي يتناسب مع أهوائنا وتكذيب ما سواه.. أصبحت كينونة أيامنا قائمة على تناقل الأخبار والأحداث، فلان قال ووزير صرح وشرح ومسؤول أخذ قرارا.. أصبح الكذب والتدليس يستتر خلف تلك المصادر الخاصة التي نسمع بها ولا نراها، أحدهم يكتب على جداره الفيسبوكي أو على حائطه في موقع تويتر تراها بعد دقائق نشرت في كافة وسائل التواصل الاجتماعي.. أصبحنا ندور في عالم الشائعات التي تنتشر كالنار في الهشيم حتى وصل بنا الحال إلى تصديق الاخبار المكذوبة وتصديق الكاذبة، أناس غرسوا في نفوسهم ثقافة القيل والقال وأخذوا يمشون بها بين الناس، خربوا بها بيوتا وقطعوا بها علاقات ودنسوا بها أرواحا ولطخوا بها أفئدتهم.

أما على صعيد الإعلام، فحدث ولا حرج، فمنهم من ينقل الصورة بعين رؤيته ومن زاويته وإيديولوجيته الخاصة، ومنهم من يستبق الأحداث وكأنه المخطط لها.. صحافي أتقن الخديعة وتنصيب الأمور إلى غير حقيقتها مستغلا جهل البعض واستحمار واستبلاد البعض الآخر، وحديثا عن الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي التي أَلَمٌت بكل ألوان وتلوينات الخزعبلات والتي تقشعر منه الأبدان قبل النفوس والتي من أبرز المميزات التي في جعبتها أنها سمحت لبعض المرضى وأصحاب النفوس الدنيئة بأن ينشروا سوء وسموم ما عندهم من أفكار على صفحاتها.. وعلى الرغم من أنها مواقع تواصل اجتماعي، فإنها أضعفت العلاقات وسلبت القلوب والعقول واختلقت الضغائن وكشفت ما يقع من أحداث في البيوت وهتكت سترها وأوقعتهم في شباكها، صرفت انظار الشباب عن واقعهم وعن حياتهم ومستقبلهم.. أفقدتنا دفء مشاعرنا، عند كل صباح وكالعادة يتم تنبيهك على حسابك في تلكم المواقع بأن اليوم يصادف عيد ميلاد صديقة أو صديق لك سائلة إياك هل تريد تهنئتها أو تهنئته، لن تضرك بعض كلمات تنشر أو تكتب مدعومة ببعض الرموز الافتراضية التعبيرية للزيادة في دفء عبارتك، لكن هل تعلم أيها الانسان أن رسالة واحدة من رسائل الزمان القديم أو اتصال لا يتجاوز 60 ثانية أو وصال ولقاء حار بعناق أو مصافحة شديدة ترجح كفتها على تلكم العوالم الافتراضية..

نعم، أفقدتنا مشاعرنا حين أصبحنا نبحث عن كلاسيكية ورتابة وروتين التقليد لأحداثنا اليومية، أفقدتنا دفء مشاعرنا عندما استبدلناها بـ”لايكات، جمجمات، قهقهات، وجادوغات، حزن…”..

لم يعد الزمان هو الزمان، الحسرة على زمان كانت القلوب تتصافح بالإخاء، حينما كانت خالية من تلك الرموز التعبيرية الافتراضية.

المحزن، عزيزي القارئ، أننا افتقدنا أرواحا وسط زحام الأيام، تجاهلنا مصادر إلهامنا الحقيقية والتفتنا إلى العوالم الافتراضية، استبدلنا تعبيرات وجوهنا عند الجلوس مع أقرب الناس إلينا برموز تعبيرية افتراضية أفقدت الكلام رونقه وأفقدت الكلمات رقيها ودفئها، تبلدت الأحاسيس وتحجرت المشاعر واهتزت العلاقات تحت اسم التواصل وإن التواصل منها لبريء.

أخيرا، كم نحن بحاجة إلى العودة إلى نقاء أرواحنا وصفاء أيامنا، دعنا نتفق عزيزي القارئ على أننا بحاجة إلى عزلة بعض الوقت، نتعطش إلى فترة نقضيها مع أنفسنا.. أو ليس لنفسك عليك حق؟ متى سنتحرر من قيود هذا العالم الافتراضي الموجع والمفجع والأليم؟ حرر نفسك من نفسك قبل تحريرك لنفسك من عدوك، فمن لا يقوى على عدوه لا يقوى على نفسه، ليبقى السؤال الذي يجب على الإنسان أي إنسان أن يطرحه على نفسه: ما هو الهدف من استخدامك لمواقع التواصل الاجتماعي؟

الإنسانية هي الحل

*كاتب

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30 1

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47 1

معرض تضامني مع فلسطين

صوت وصورة
خلافات في اجتماع لجنة العدل
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:42 1

خلافات في اجتماع لجنة العدل

صوت وصورة
الفهم عن الله | رضاك عن حياتك
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | رضاك عن حياتك