الحسين الحسناوي .. مغربي يشرف على مشاريع تعليمية في عُمان

الحسين الحسناوي .. مغربي يشرف على مشاريع تعليمية في عُمان
الأربعاء 16 ماي 2018 - 06:00

عمل الحسين الحسناوي على تعديل أهدافه بتغيّر موضع قدميه، لكنه لم يمسّ أسس شخصيته التي بنيت على الإصرار والتحدي، مثلما لم يحد عن اقتناعه بكون عملية الحصاد لا تأتي إلا بعد موسم زراعي شاق.

الصدفة لم تفِد على حياة هذا المغربيّ إلا مرّة فريدة، لكن وقعها أتى مفصليا وهو يحرك الحسين من المغرب إلى البيئة الخليجية، جامعا نجاحات شخصية ومهنية على امتداد تجربته العُمانية.

تاليوين والدار البيضاء

في منطقة تاليوين، بين تارودانت وورزازات، رأى الحسين الحسناوي العالم أول مرة خلال سبعينيات القرن الماضي، مستهلا دراسته من ابتدائية “القصبة”، ثم مؤسسة “ولي العهد” خلال الطورين المواليين، ثم جامعة ابن زهر بأكادير.

قضى الحسناوي أربع سنوات لنيل شهادة الإجازة في الأدب الإنجليزي، متخصصا في اللسانيات ببحث عن “الذكاء الاصطناعي وفهم اللغات الإنسانية”، قبل أن يلتحق بالوظيفة العمومية في وزارة الثقافة.

لم يفلح خبير اللسانيات في بلوغ العمل بمركز التعريب في اللسانيات بالوزارة نفسها، ليقرر مغادرة هذا التموقع المهني بغية فتح آفاق أوسع وسط القطاع التعليمي الخاص في عاصمة سوس.

وبحلول مطلع الألفية الحالية توجه الحسين إلى مدينة الدار البيضاء للعمل مدربا في اللغة الإنجليزية بأحد المراكز التي تقدم هذه الخدمة، لمدة 4 مواسم كاملة قبل التحرك نحو سلطنة عُمان.

هجرة بلا تخطيط

غابت فكرة الاستقرار خارج الوطن عن ذهن “ابن تاليوين”، إلى غاية منتصف العقد الأول من القرن الحالي، رغم قيامه بخطوة مناسباتية في هذا الإطار بتقديم ملف الترشّح للعمل بالإمارات العربية المتحدة.

لم يواكب الحسناوي أصدقاءه الذين حاولوا إقناعه بتتبع مآل الملف الذي أعده للظفر بالاشتغال في الخليج، مفضلا التركيز على التزامه المهني بالدار البيضاء، إلى أن جاءه عرض عُماني غير مستقرّه.

“لم أقدم أي طلب عمل في السلطنة، لكنني توصلت بمكالمة من مسقط، على طرفها الثاني المدير العام لشركة متخصصة في التعليم والتدريب، تقترح علي العمل في هذه البلاد. ولا أعرف من أين تم الحصول على معطياتي إلى اليوم”، يكشف الحسين.

في السلطنة

اغتنم الإطار المغربي فترة عطلة لقصد سلطنة عُمان والتعرف على هذه الدولة، ليجدها لا تختلف كثيرا عن تاليوين في معالمها الجغرافية وسماتها الجوية، خاصة السكان المحليين وما يتسمون به من طيبوبة وحفاوة استقبال.

تواجد الحسناوي في جامعة نزوى خلال أول عام لوفوده إلى هذا البلد، وتأتى ذلك بفعل تنفيذ الشركة التي تشغله برنامجا في هذه المؤسسة الأكاديمية، وبعدها استقر في العاصمة مسقط مديرا عاما للمجموعة الاستثمارية ذاتها.

كان الحسين أمام تحدّ كبير أمام جنسيات مختلفة، خاصة البريطانية والأمريكية، ينبغي أن يتعامل معها كمدير عام، رغم النظرة الدونية التي يحملونها عن كفاءة الأفارقة عموما، والمغاربة على وجه التحديد.

ويعلق المقيم في مسقط قائلا: “البعض من هؤلاء لم يكن يتقبل أن يغدو مواطن مغربي مديرا عاما لمؤسسة تعنى باللغة الإنجليزية دون أن يكون من المتمدرسين، على الأقل، في إحدى أكاديميات دولة أنغلوساكسونية”.

كسب الحسناوي التحدي وهو يكمل دراسته في اسكتلندا، معززا موقعه بماجستير في إدارة الأعمال، ليستثمر هذا التكوين العالي في تعزيز مهاراته وإرساء أسس علمية لخياراته الاستراتيجية.

تطور ملحوظ

شرع المنتمي إلى “مغاربة العالم” تجربته في سلطنة عمان على رأس مجموعة متوفرة على 4 فروع، غير تلك المتواجدة في الجامعات، وبكم مستخدمين يصل إلى 20، ليبلغوا حاليا قرابة 300 من الأطر عالية المستوى.

تضم المجموعة عينها، في الوقت الراهن، حزمة من المؤسسات أبرزها “مركز خدمات لتعليم اللغة الإنجليزية”، بجانب شركة خدمات للتعليم والتدريب الدولية، متخصصة في التعريب، ثم المعهد الدولي للتدريب المهتم بالتدبير الإداري والمحاسباتي.

في مدينة صلالة، جنوب سلطنة عمان، أنشأت المجموعة التي يديرها الحسين مؤسسة تحت اسم “مدرسة صلالة العالمية”، وبالحاضرة نفسها جرى إطلاق ورش فندق من 4 نجوم، في إطار الانفتاح على المجال السياحي، وهو لا يزال قيد الإنجاز.

يتكلف الحسناوي بالإدارة العامة لمجموع قنوات الأداء في هذه المشاريع، بتنسيق مع المسؤول عن كل وحدة فرعية، من أجل البصم على أرقى نجاعة مرغوبة وضمان أعلى مردود مطلوب.

بين اليوم والغد

يرى مراكم 13 عاما من الهجرة خارج المغرب أن مساره لم يكن صعبا، بل عمّ التوفيق معظم أشواطه، ويزيد: “النتائج المشرفة التي تحققت تجعلني راضيا عن كل ما قمت به إلى غاية الحين”.

من جهة أخرى، يفكر الإطار التدبيري المقيم في سلطنة عُمان بالعودة إلى المغرب، مستقبلا، بنية افتتاح مؤسسته الخاصة التي تُعنى بالتربية والتكوين، تساهم في التنمية وتتوفر على قيمة مضافة بناء على تجربته الدولية.

“يبقى هذا حلما أريد تحقيقه في القادم من الأيام، وأتمنى أن أفلح في إرساء هذا المشروع شمال المملكة، في طنجة كخيار أول، أو جعلها قائمة بين مراكش وأكادير كتصور بديل”، يكشف الحسناوي.

العالمية الفعلية

الخبير المغربي ذاته يرى أن زمن التفكير في المواطنة المحلية قد انتهى، مسلما المشعل إلى المواطنة العالمية وما تقتضيه من اشتغال البشر على استثمار الفرص الرائجة بكل القارات.

يشدد الحسين على أن شبان وشابات المملكة مدعوون إلى رصد إمكانيات النجاح بعد الوقوف على الجاهزية، بدءًا بتطوير المستوى التعليمي وإتقان الإنجليزية وتنمية الثقة في النفس.

“أقترح على المغاربة المريدين توسيع آفاقهم المستقبلية الاهتمام بلغة شكسبير، ثم الإقبال على امتحانات إشهاد في هذا اللسان حتى يثبتوا أهليتهم لخوض تجارب في فضاءات عديدة، منها الدول الخليجية”، يختم الحسين الحسناوي.

‫تعليقات الزوار

13
  • عبد اللطيف
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 08:36

    السلام عليكم، شكرا هسبريس على تسليط الضوء على الكفاءات الوطنية. السيد الحسين الحسناوي سليل عائلة علمية عريقة بتالوين. شخصيا تتلمذت على يد اخيه استاذي السي ادريس الحسناوي عام 2001. نحن فخورون بكم سي الحسين. بارك الله فيكم وفي علمكم.

  • عمر
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 09:36

    وفقم الله اخي الحسناوي في عملكم :داءما الطموح والتحدي هو سر نجاحكم.

  • محمد الحسناوي
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 09:48

    ⵜⴰⵏⵎⵉⵔⵜ ⵀⵉⵙⵙⴱⵔⵉⵙ ⴼ ⴰⵍⵎⵓⴳⵔⴰⴷ ⵜⵙⴽⵉⵔⵎ ⴷ ⴷⴰⴷⴰ
    شكرا على هدا المقال الدي يبين مسيرة و مسار هدا الاستاد الكبير شرف عائلة ايت الحسن …"الحسناوي" …… من تالوين ……محمد الحسناوي ابن عم الاستاد

  • عبد العاطي المقدم
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 10:50

    شكرا للجريدة على هذا المقال فالرجل آت من المغرب المنسي و المقصي اجتهد كافح وثابر فالدراسة مرورا بتالوين ثم اكادير في سمط بعيدا عن التدخلات والمعاريف الى ان وصل الى ماوصل اليه فهنيا لاسرة آل الحناوي

  • Mohamed
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 11:03

    un grand chapeau à Mr Hassnaoui qui a honoré son pays et sa région natale.
    Voilà les exemples qui font notre fiérté et qui méritent de nous représenter à l'étranger et non pas les fausses stars arrivistes malheureusement.

  • محمد
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 13:17

    لقد سررت كثيرا بنجاح "السي الحسين الحسناوي" كأحد أبناء إحدى مناطق المغرب المغمورة التي أنتمي إليها كذلك، وكأحد زملائي في العمل سابقا بمندوبية وزارة الثقافة بأكادير.
    ما أبهجني وأثلج صدري أكثر أن ما عرفناه عن الرجل من مثابرة وإصرار وعزيمة قوية وتفاؤل وصمود لم يذهب سدى، بل كان سر هذه التجربة المكللة بالنجاح. فهو لم يكن يحمل أفكارا وآمالا فحسب، وإنما كانت طموحاته مقرونة بالعمل الجدي والعطاء المتواصل.
    فهنيئا للسي الحسين! وتمنياتنا لك بمزيد من التوفيق والرقي إن شاء الله.

  • محمد
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 14:52

    والبه انه لشرف كبييييير لتالوين وللمغرب عامة ان تنجب تالوين مثل هؤلاء النجباء هذا السيد من عائلة العلم والادب والاخلاق من عائلة ايت لحسناوي بتابيا نبرو تتلمذ على يد اخيه سي ادريس الحسناوي اطر عليا نفتخر بهذه العائلة الكبيرة ..احتراماتي
    م. ايت لحسن اكادير الجديد

  • ادالمودن
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 16:41

    والله العظيم نحن بتالوين جد جد مسرورين بك شرفتنا كاسرة كبيرة وشرفت تاليوين ككل بل وطننا ايظا نموذج قل نظيره بارك الله فيك استمر بالتوفيق انشاء الله

  • LAHCEN AIT
    الأربعاء 16 ماي 2018 - 16:57

    انه لشرف كبير ان تنجب تالوين امثال السيد الحسين الحسناوي شرف بلدتنا وشرف مناطق المغرب العميق انه حقا مفخرة لعاصمة الزعفران تالوين

  • ولد تالوين
    الخميس 17 ماي 2018 - 07:58

    تحية خاصة لعائلة الحسناوي صغيرها وكبيرها

    و إنه لعمل جبار أن تنشر هيسبريس أعمال شخصيات من مناطق منسية عبر ربوع المملكة.خاصة مدينة تالوين عاصمة الزعفران الذهب الأحمر

  • BRAHIM Samih
    السبت 19 ماي 2018 - 12:26

    Nous sommes vraiment ravis d’accueillir cet articl qui nous éclaire sur le parcours particulier d'un fils de taliouine. C’est une fierté pour nous tous. Bravo! Si hossaine et bonne continuation.

  • Ismail Elk
    السبت 19 ماي 2018 - 21:39

    تحيه للاخ حسين والدي نعتبره كمفخره للجاليه المغربيه في عمان حيت اننا نلتقي مرارا في العديد من المناسبات حيت انه يتميز بطابعه الراقي في التعامل مع الجاليه وابناء البلد ولا يتفانى في مد يد المساعده في العديد من الانشطه التي تقام في عمان. اتمنى لك مسيره موفقه في حياتك المهنية والعائليه. اخوك اسماعيل الخرباتي.

  • الحسين مساعد
    الأحد 27 ماي 2018 - 15:22

    اولا وقبل كل شئ تحية للمغاربة عامة وللتالوينيين خاصة فتالوين هي اول منطقة التي وقفت ضد الاستعمار الفرنسي وبها تاسس اول معهد للعلم وللدراسات الاسلامية فهده الشخصية والتي تنتمي الى اسرة العلم والمعرفة وهي اسرة الحسناوي المعروفة بالرجولة وبالثقافة فهنيْا لهده الشخصية العالمية وكم نتمنى من كل التالوينين المتفرقين عبر العالم الانضمام في شبكة واحدة ومنها تكوين صفحة بالفايسبوك للتعارف اولا ثم الاهتمام بمنطقة تالوين بسوس فتالوين في حاجة ماسة اليهم …مع الف تحية للاستاد وللجريدة هسبريس مع كامل التوفيق…

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز