العمل في الميدان الصحي يحقق تبادل المنفعة بين الألمان والطاليان

العمل في الميدان الصحي يحقق تبادل المنفعة بين الألمان والطاليان
الأحد 21 أبريل 2019 - 06:00

يبلغ أنطونيو من العمر 23 عاما وليس له عمل ثابت، مثله في ذلك مثل كثير من الشباب في جنوب إيطاليا، بل ليس هناك ما يوحي حتى بأنه من الممكن أن يتحقق ذلك. ويبدو أن هذا هو ما دفعه إلى التفكير في البحث عن حياة جديدة في ألمانيا.

ويقول أنطونيو لوكالة الأنباء الألمانية من بلدته كروتوني،: “بصراحة، لكي تحصل على وظيفة هنا، لا بد أن تكون محظوظا للغاية أو أن يكون لديك أصدقاء مهمون”.

وتقع كروتوني، التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، في إقليم كالابريا الذي يعد الأفقر في إيطاليا، كما أنه مركز لمافيا “ندرانجيتا”.

ومنذ عام 2014، أصبح هناك مخرج لشباب كروتوني مثل أنطونيو: فمركز “أصدقاء ألمانيا” يقدم دورات مقابل تكلفة زهيدة جدا للغة الألمانية، ما يؤهل المشاركين للحصول على عمل في ألمانيا كممرضين مبتدئين أو سائقي سيارات إسعاف.

فرانك بانشار، أحد القائمين على المبادرة، يدلي بتصريح لـ”د.ب.أ” ويقول: “يمكنك الحصول على 1400-1500 يورو شهريا من العمل في وظيفة سائق سيارة إسعاف أو 1700-1800 يورو كممرض. ليست هذه وظيفة ليصبح المرء ثريا، ولكنها وظيفة محترمة لائقة”.

ويعمل بانشار مسؤولا تنفيذيا بالصليب الأحمر الألماني، وهو من مدينة ماينز بوسط البلاد، ولديه وظيفة إضافية، حيث يعمل كمورِّد للعاملين الأجانب في مجال الرعاية الصحية بألمانيا. وقد أسس شركة تحمل اسم “دكتور زاودر”، وهي تعمل في ألبانيا والبرازيل، وأيضا في إيطاليا.

وزار بانشار كروتوني بصحبة اثنين من زملائه،لإجراء مقابلات مع العمال المحتملين. وصباح يوم من أيام السبت كان أنطونيو واحدا من سبعة أشخاص، معظمهم في المرحلة العمرية من 20 إلى 30 عاما، يفكرون في الانتقال للعمل إلى ألمانيا.

وتضمن العرض، الذي كان مطروحا عليهم، دورة لمدة ستة أشهر لتحقيق مستوى B1 في اللغة الألمانية؛ يليها ثلاثة أشهر من التدريب الطبي والتدريب الداخلي، أولا في إيطاليا، ثم لاحقا في ألمانيا، للحصول على مؤهل طبي ألماني.

وبمجرد الانتهاء من التدريب، يحصل المرشحون على وظيفة في مستشفى أو دار رعاية ألمانية، حيث يُتوقع منهم البقاء فيها لمدة عامين، على الأقل. ويكشف بانشار أن حوالي 150 شخصا من كروتوني هاجروا إلى ألمانيا عبر هذا البرنامج.

ويوضح أنه من الضروري البحث عن أطباء وممرضين ومعاوني فرق طبية في الخارج، بسبب النقص في ألمانيا. ويصف الأمر بأنه “ليس نقصا، وإنما كارثة”. ويلفت إلى أن أحد الأسباب وراء ذلك هو أن العاملين في هذا القطاع لا يحصلون على رواتب جيدة، بينما يتعين عليهم تحمل العمل الشاق.

تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الأقوى بين دول الاتحاد الأوروبي، تعاني من شيخوخة سكان، ويكافح القطاع الخاص بها منذ فترة طويلة للتعامل مع نقص العمالة الماهرة. وفي فبراير، كانت هناك 784 ألف وظيفة شاغرة.

وتؤكد “وكالة العمل الاتحادية” في ألمانيا أن قطاع الصحة والرعاية من المجالات التي تحتاج بشكل خاص إلى المزيد من العمالة. وتشير الدراسات إلى أن نسبة العمال الأجانب في مجال الرعاية الصحية، وخاصة القادمين من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، تواصل الارتفاع.

أما إيطاليا، فقد دخل اقتصادها العام الماضي في حالة ركود، للمرة الثالثة في عشر سنوات. وكشفت بيانات صندوق النقد الدولي في فبراير الماضي أن الهجرة من البلاد، والتي تُقدر بنحو 160 ألف شخص سنويا، “تقترب من أعلى مستوياتها في خمسة عقود”.

جوزيبي (30 عاما) هو الآخر من كروتوني، وقد التحق بدورة “دكتور زاودر” العام الماضي، ومن المقرر أن ينتقل إلى ألمانيا خلال الأشهر المقبلة؛ إلا أن حالته تعد استثناء بعض الشيء، لأنه يترك وراءه وظيفة ثابتة، لكنه يرى أن العمل في مركز اتصالات ليس أمرا ممتعا.

ويقول جوزيبي، وقد ارتسمت ابتسامة على وجهه: “بالتأكيد، سأفتقد طعام والدتي، ولا يعنيني شيء أكثر من ذلك… رأيت كثيرين يغادرون قبلي بحثاً عن مستقبل أفضل وإنجاز شخصي: زملائي في المدرسة، وجاري، وحتى صديقتي السابقة”.

وبالنسبة إلى جوزيبي وأنطونيو ومن يماثلهم، فإن ما يطلق عليه إعانات “دخل المواطنين” التي تقدمها الحكومة الإيطالية الشعبوية للفقراء والعاطلين، والتي كثر الحديث عنها، لا تشكل حافزا للبقاء.

ويقول أنطونيو: “أُفضِّل أن أشمر عن ساعدي وأن أجد عملا… في الحقيقة، سأشعر بالخجل بعض الشيء إذا ما تقدمت بطلب (للحصول على إعانة)”.

ويقول بانشار: “كلما توجهت جنوبا في إيطاليا، كلما كان الناس أكثر رغبة في الانتقال إلى الخارج للحصول على عمل”، مشيرا إلى أن من يغادرون إلى ألمانيا لا يجدون عادة صعوبة في الاستقرار، بمجرد تجاوز حاجز اللغة.

ويمزح بانشار بالقول إن القوالب النمطية الثقافية ربما تكون عائقا بعض الشيء، ويضيف أنه يسمع أسئلة من قبيل: “هل يجب أن أشرب الخمر طوال اليوم؟” أو “هل تمطر طوال الوقت؟”. إلا أنه يوضح أن الاندماج سهل في بلد به جالية كبيرة بالفعل من المهاجرين القادمين من كالابريا.

ويرى أنه بينما كان العمال المهاجرون الإيطاليون الذين ملاؤوا مصانع ألمانيا الغربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي يواجهون مجتمعات مُضيفة تتسم بالعدائية إلى حد كبير، فإن “الشعب الألماني أصبح الآن لطيفا” إزاء القادمين الجدد من جنوب إيطاليا.

ويقول إنه قد يتم الترحيب بالقادم من كروتوني بعبارة من قبيل: “فتى كاثوليكي لطيف!”.

وتقول باتريزيا (35 عاما)، والتي لديها خبرة سابقة في الهجرة: “إذا كان هنا عمل، لما فكرت أبدا في التضحية بكروتوني والرحيل إلى ألمانيا”.

وعادت باتريزيا من لندن، بعدما عانت منَ الارتفاع الكبير في تكلفة المعيشة، وتعتقد الآن أن الحياة في ألمانيا قد تكون أيسر لها. وتقول: “نحن بحاجة إلى الانتقال؛ فكروتوني، للأسف، لا تتيح لك أي مستقبل”.

*د.ب.أ

‫تعليقات الزوار

8
  • Merjaoui
    الأحد 21 أبريل 2019 - 06:31

    Intérêt mutuelle entre Italie et Allemagne. Et nous, qu'est-ce qu'on à foutre avec cette information ?
    Remplissez le vide par celui qui ne correspond pas ?

  • من المانيا
    الأحد 21 أبريل 2019 - 06:34

    العمل في المانيا لن.يجعل منك ثريا لكنه سيجعل منك انسانا مريضا. نفسيا و جسديا
    الكثير من الايطاليين يشتغلون هنا و يحلمون باليوم الذي يعودون فيه الی ايطاليا..هنا لا شيء سوی العمل من اجل البقاء علی قيد الحياۃ

  • واو
    الأحد 21 أبريل 2019 - 07:28

    اين يو جد الفساد يوجد الضيق.
    ايطاليا دولة ينخرها الفساد و النتيجة شعبها يهجرها فتجد الايطاليين في كل بقاع العالم من امريكا حتى استراليا . تصوروا ان في الارجنتين يوجد 25 مليون من اصل ايطالي .

  • hamidou
    الأحد 21 أبريل 2019 - 11:30

    للاسف نجد الشعوب المجتهدة التي تامن بالعمل ثم العمل و التفاني و الاتقان فيه تنقرض في حين الشعوب الاتكالية و الكسولة التي تبحث عن الهوتة الفابور الساهلة هي التي تغزو العالم
    وداعا لهذا العالم

  • مغربي
    الأحد 21 أبريل 2019 - 11:41

    السلام
    ويقول أنطونيو: "أُفضِّل أن أشمر عن ساعدي وأن أجد عملا… في الحقيقة، سأشعر بالخجل بعض الشيء إذا ما تقدمت بطلب (للحصول على إعانة)".
    اريد من بعض الناس الدين يريدون كل شيء جاهز و يريدون النقود بدون عمل ان يشرحوا لي هاته الفقرة من هدا الرجل الايطالي.
    كلنا درسنا و لنا شواهد و لكن يوجد فرق ما بين الانسان الطموح و الانسان العاجز الدي ينتظر اي اعانة.بصفتي حاصل على دبلوم في الهندسة الكهربائية و الالكترونية و لم اجد شغل بالمواصفات التي اريد.فالجتأت الى التجارة و الاعمال الحرة و لله الحمد بدات من صفر عصامي و الان احمد الله و اشكره رغم الصعوبات الاولى لكن العزيمة و الالحاح تصنعان المعجزات.ازكي على اموالي اساعد الناس على قدر المستطاع و الخير يفيض من عنده و لله الحمد و الشكر.

  • عزيز المغربي
    الأحد 21 أبريل 2019 - 12:06

    كل هذا يقع في إيطاليا ومواطنون منا مازالوا يحلمون بالحريگ إلى "الطليان"

  • عبد الله ايطاليا
    الأحد 21 أبريل 2019 - 15:06

    جل المهاجرين الإيطاليين من الجنوب …لان تلك المنطقة ( مستعمرة) من طرف المافيا…لا شغل لا أمن لا حقوق حتى المستتمون يرفضون إنشاء مشاريع بالجنوب خوفا من الابتزاز المافيوزي وهناك شبه عداوة بين أهل الشمال و أهل الجنوب…..ما يدفعهم إلى الهجرة خارج الحدود….

  • اكره الالمان
    الأحد 21 أبريل 2019 - 22:53

    الالمان …الالمان…الالمان…عشت بينهم واستغلت معهم واصبت بحادت شغل فرأيت منهم لا انسانية لا مثيل لها. رغم اني احمل جنسية اوربية واتكلم لغتهم…..ولم افهمه فعدت واطلعت علي تاريخهم قبل وخلال وبعد هتلر…..بعد هذا لم يعد عندي شك كمسلم ان المحرقة حق…….وانه سعب العلم والعنصرية والستغلال….لا توجد عندهم لا حقوق انسان ولاهم يحزنون….. جميل ان تسمع متلا ان الدولة تساعدك على اتمامم دراستك …لتكتسف لنك بجب ان تسدد الديون الذيون التي سجلت عليه لتعيش كالعبد عندهم طول عمرك….فلا تستطيع تغير سروالك بسروال جديد اما مهاجروا جنوب ايطاليا فهو يشتغلون بعقلية. El kappo ويعرفون كيف يخترقون مثل هذه المجتمعات

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات