جمهورية إفريقيا الوسطى تكافح لإنقاذ التعليم

جمهورية إفريقيا الوسطى تكافح لإنقاذ التعليم
الإثنين 5 نونبر 2018 - 10:51

في مخيم للاجئين بجنوب جمهورية أفريقيا الوسطى تتجمع مجموعات من الطلاب حول أجهزة الكمبيوتر المحمولة، ويحدقون بهدوء في الشاشات المتوهجة.

لا توجد كهرباء، ولا يوجد إنترنت. لكن ذلك لم يمنع خبير تكنولوجيا المعلومات البالغ من العمر 38 عاما جمال الدين محمد صاليط من إعداد فصل لتعليم الكمبيوتر هنا.

استأجر صاليط أربعة أجهزة كمبيوتر محمولة وقام بتوصيل ألواح شمسية متصلة ببطارية وأنشأ فصلا دراسيا من الأغطية البلاستيكية القديمة وشبكة الأسلاك والخشب؛ بل إنه تمكن حتى من شراء سبورة.

ويمضي صاليط ساعتين كل يوم في تعليم المراهقين كيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر والإنترنت وتطبيقات مثل “مايكروسوفت وورد”؛ ويعترف بأن هذه الجهود مجرد قطرة في محيط، ولكنها أفضل من لا شيء.

ويقول صاليط: “أحاول إعداد هؤلاء الطلاب حتى يتمكنوا من النجاح عندما يلتحقون بالجامعة في وقت لاحق”؛ وبدون مشروعه، لن يكون في استطاعة نحو 100 شاب في المخيم تلقي أي تعليم على الإطلاق.

وجدير بالذكر أن انهيار النظام المدرسي ليس سوى نتيجة للحرب الأهلية التي مزقت البلاد منذ نهاية عام 2012.

وهناك واحد من كل ثلاثة أطفال في جمهورية أفريقيا الوسطى لاجئون ولا يذهبون إلى المدرسة، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، التي تحذر من “جيل ضائع” لن يكون قادراً على المساهمة في إعادة إعمار جمهورية أفريقيا الوسطى؛ وهناك حاجة ماسة إلى مساهمتهم في تلك الجهود، إذ تعتبر الجمهورية ثاني أفقر بلد في العالم بعد النيجر، وفقا لمؤشر الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

وقد نزح حوالي ربع سكان جمهورية أفريقيا الوسطى البالغ عددهم 5 ملايين نسمة من ديارهم. وفر أكثر من 540 ألف شخص من البلاد، بينما تشرد 700 ألف شخص داخل حدود البلاد بسبب استمرار العنف .

وكانت الأزمة الإنسانية والسياسية للبلاد موضوعًا للمحادثات على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك برئاسة الرئيس فوستين-أركنج تواديرا، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.

وللوهلة الأولى، يبدو الأمر وكأنه صراع ديني؛ ففي عام 2013 أطاح تحالف سيلكا الذي يهيمن عليه المسلمون بالرئيس المسيحي فرانسوا بوزيزي، وفرض سيطرته على السكان المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في البلاد.

ومع ذلك، تم دحر التحالف على أيدي ميليشيات يهيمن عليها المسيحيون، معروفة باسم “أنتي بالاكا”.

وانتشرت إثر ذلك حوادث القتل والاغتصاب وتدمير قرى ونزوح سكان – وقد اتُهم كلا الجانبين بجرائم خطيرة.

وأدى تدخل القوات الفرنسية عام 2013 ونشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى تهدئة الوضع مؤقتًا، لكن القتال اندلع مرة أخرى في بداية عام 2017.

ولازال هناك حوالي 13 ألف فرد من “أصحاب القبعات الزرقاء” في البلاد اليوم.

لكن ظهور خطوط معركة دينية واضحة هو أمر خادع؛ ففي حين كانت الميليشيات المسيحية التي دفعت الخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات صاليط، وحوالي 1600 مسلم آخرين، إلى الفرار من بلدة بانجاسو الشهيرة بالأسواق العامة في مايو 2017 إلى الحدود مع الكونغو، فإن الكنيسة الكاثوليكية هي التي وفرت لهم الملجأ؛ وقد أقاموا مخيما على أرض الكنيسة، حيث يعيشون في أكواخ مصنوعة من الخشب والصفيح والأغطية البلاستيكية. وفي الواقع، هناك كنائس في جميع أنحاء البلاد توفر المأوى للمسلمين.

وأظهر القادة الدينيون في البلاد منذ أمد طويل تكاثفهم والتزامهم بالسلام. وزار البابا فرنسيس (بابا الفاتيكان) جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2015، ووصف المسيحيين والمسلمين بـ”الأشقاء” الذين عليهم العمل معا من أجل السلام.

ويقول خوان خوسه أجيري مونوز، أسقف بانجاسو، إن جميع المسؤولين “يعملون من أجل عودة السلام والتماسك الاجتماعي والتعايش وعودة اللاجئين إلى ديارهم”.

ومع ذلك، لازال هناك شباب يتم الزج بهم في أعمال العنف من قبل الفصائل المتحاربة.

وبالنسبة للعديد من اللاجئين، فإن العودة إلى الوضع الطبيعي هي مجرد احتمال بعيد. ويقول علي إدريس، زعيم المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الكاثوليكي: “نريد العودة إلى ديارنا، لكن الوضع لازال صعباً للغاية. لا يوجد أمن”، وأضاف: “إذا عدنا إلى البلدة فسيتم اعتراضنا وقتلنا. لذا يتعين علينا البقاء هنا. لن نخرج أبدا”.

ويقول إدريس إن اللاجئين فقدوا سبل العيش، ويضيف: “ليس لدينا شيء. لقد فقدنا جميعاً بيوتنا. وفي بعض الأماكن، استولى أشخاص آخرون على الأرض وبنوا منازل جديدة”.

وتوفر دروس الكمبيوتر التي يقدمها صاليط على الأقل بصيص أمل للاجئين الشباب. وإذا عاد السلام، فستكون لدى طلاب صاليط فرصة أفضل في الحياة.

وتقول كريستينا مويجانا، ممثلة “اليونيسف” في جمهورية أفريقيا الوسطى، إن إعادة إعمار البلاد ستكون صعبة بسبب الأجيال التي ضاعت جراء الحرب الأهلية، وتضيف: “ستدمع أعينكم عندما ترون كيف يعيش الأشخاص..من الصعب جدا تخيل أن يزداد الأمر سوءا”.

*د.ب.أ

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات