في حيز مكاني وزماني يأخذنا عبر شريط الذكريات، كانت النساء بشفشاون يقمن بإعداد خيوط الصوف في منازلهن وهن يدندن بمواويل أو مقامات صوفية أو ببعض الأغاني الشعبية المعروفة بالشمال. وعندما نستلهم عذوبة ذلك الماضي الحِرفي وبساطته بالموازاة مع حِرف أخرى تقليدية عرفتها المدينة، فإننا نستلهم واحدة من المهن التي لازالت شاخصة بصورها في حقل المخيلة والتي رافقت طفولة ونضج الكثيرين، فلننصت إلى بعض وهجها العابر.
تقول إحدى العارفات المشتغلات سابقا بهذه المهنة (الزهراء. ن) إن الكثير من النساء توقفن عن عزل الصوف نظراً لتطور مسارات الحياة وظهور المصانع التي تقوم بتصنيع هذا المنتوج، بعدما كانت فئات واسعة جدا من النساء الشفشاونيات في الماضي يعتمدن عليه في تغطية بعض المصاريف اليومية، فضلا عن أن الرجل أيضا كان يقوم بنسج الصوف لإعداد الجلابيب عن طريق الدرازة.
وتضيف المتحدثة أن هذا العمل كان لا يتقنه إلا النساء؛ إذ كن يسهرن من أجل تجهيز وإعداد كميات من خيوط الصوف للحصول على بعض النقود للمساعدة في شراء حاجيات الأولاد، خاصة بمناسبتي “العيد الصغير” و”العيد الكبير” وغيرهما.
وتتم عملية غزل الصوف بعد ترقيده في الماء وتركه إلى أن يجف، ثم القيام بنشره فوق “الكِبْرَاثة” (أعمدة من أعواد مقوسة) وإيقاد “مجمار” به مادة الكبريت أسفلها. وبعد التبخر، يجمع من جديد ويغسل بضفاف وادي رأس الماء بعد وضعه في إناء به مادة الصودا، نظرا لأن مادة الصابون يمكن أن تفقد الصوف نعومته، وضربه بأداة خشبية “المَرْزبْ”، ثم يصفّى عبر “الشَلالة” (سلة كبيرة من القصب) ويوضع في الأكياس.
وبعد تعريضه لأشعة الشمس في سطوح المنازل ليجف، تردف الزهراء، تبدأ عملية تنقية الصوف من الشوائب والزوائد، ثم فرز الصوف الأبيض من الأسود. فالأول يصلح لنسج المناديل والأغطية (البطانيات)، والثاني لنسج الجلابيب الرجالية الشهباء أو السوداء.
وتؤكد سيدة الماضي الزهراء أن نساء الحي كن يجتمعن في فناء منزل إحدى الجارات ليتعاونن على غزل الصوف؛ بحيث يقمن بتجهيز صوف فلانة في ذلك اليوم، وفي اليوم الموالي صوف فلانة الأخرى. وهكذا يتم غزل صوف الجميع. أما في شهر رمضان، فكانت النساء يقمن بهذا العمل بعد صلاة العشاء إلى وقت السحور.
وتمر عملية غزل الصوف، تشير السيدة ذاتها، بعدة مراحل تبدأ بمشطه “بالقرْشالْ”، ثم غزله في الناعُورة الخشبية حتى يصير خيوطاً، وتنظيمه بعد ذلك عبر وسيلة يدوية من قصب مثبت بعودين “أشْبُو”، لنحصل في الأخير على “السّنْسُولْ”، وهي قطعة من الخيوط المتراصة الجاهزة للاستعمال.
وزادت المتحدثة أن ثمن الصوف المشتغلة عليه “كان يصل إلى خمسة دراهم للكيلوغرام الواحد، وكان بعض التجار يستوردونه من مدينة تطوان ويكلفوننا بتجهيزه بثمن درهم وخمسين سنتيما للكيلو الواحد”. واستطردت الزهراء أن الصوف المُعد للتسويق يتم بيعه بسوق “الغْزلْ” الذي كان يقام يومي الاثنين والخميس بعد صلاة الفجر بحي بسيدي بلحسن بالمدينة العتيقة (المجاور للسويقة) وينتهي في حدود الثامنة صباحا، وقد كانت بعض النساء المسنات هن من يتكلفن بتلك العملية، لأنه كان من العيب أن تذهب المرأة الصغيرة إلى ذلك السوق.
وقالت السيدة: “هذا العمل مثل العبادة. وعندما كنت لا أزاوله، كنت أشعر بشيء ينقصني، فأقوم بتجهيز ولو مخْلوعْ من الصوف (قطعة واحدة عبارة عن دوائر متراكبة تزن مائة غرام)، وكانت جل العائلات تقوم بعملية الغزل، ولا فرق بين غني أو فقير، باعتبار أن مزاولة هذا العمل كانت شائعة في بيوت شفشاون، كما أن النساء كن يتحلين بالصبر والمثابرة في صمت”.
“كانت أياماً جميلة اقترنت بـالقْناعة والبساطة، وتعاون المرأة مع الرجل على الزْمانْ”، تختم الزهراء.
شكرا على هذا المقال الذي قربنا من أيام زمان حيث البساطة والنقاء
عادات كانت مهمة تجسد كفاح الأمهات من أجل بناء الأسرة . تحية للمرأة المغربية في كل المعمور وخاصة الشاونية.
ناس زمان كانوا يكافحون من اجل لقمة العيش. سولوا جيل اليوم واش كيعرف يهز حتى القفة !!!!
تاريخ الشاون حافل. هذه المدينة عزيزة علي انها تشبه اﻻندلس ولهجة ناسها جميلة
شكرا على هذا الموضوع الذي قربنا من عادات مدينتنا التي يجب ان تدون. شفشاون تستحق مثل هذه اﻻلتفاتات.
شكرا لكم جميعا وشكرا للسيد ع الجواد الدي نقلنا بقلمه اللطيف وعباراته الرقيقة الى زمننا المغربي الجميل البسيط..بعيدا رائحة الاخبار المدنشة بالدم والبكاء ….مغاربة الظل عندهم ما يعطون …لديهم الامل ولديهم الصبر الصامت لا تزعزعه الايام …….شكرا هيسبريس مرة اخرى
انظروا كيف كان الناس يشتغلون ويكدحون من اجل لقمة العيش. دابا كلشي براها واجدة
المعنى اكتر غازل يغازل اي يمدح الفتاة على نفس المنوال لينال حبها والضفر بها لتصبح في حوزته ليستدفئ بحبها مثل الجلباب او دلك الغطاء الصوفى الدافئ
المغرب من طنجة الى الكويرة كله عادات ومهن تقليدية يجب المحافظة عليها وهي تراث مادي يساهم في اغناء حضارة بﻻدنا
شكرا هسبريس على المعلومات المفيدة حول مهن النساء بالشاون المعززة بالصور
هذه العادات وغيرها يجب تجسيدها في متحف للشمع على غرار متاحف اروبا حتى تقدم نماذج من التراث للسواح واهل المدينة.
دكرتونا بريحت بﻻد واﻻجداد ديما المغرب
كيقول المثل الجديد له جدة والبالي لاتفرط فيه . ولهذا وجب الحفاظ على تراثنا من الاندثار
منطقة الريف الغربي والأوسط تحتضن تراثا غنيا حافظ عليه الأجداد.تراث يجسد غنى الثقافة المحلية لأمازيغ غمارة المصامدة المستعربون وصنهاجة سراير مستعربون جزئيا ولا ننسى جوار المنطقة في الريف الشرقي حيث التأثير الأمازيغي الزناتي في انسجام وتداخل ثقافي للمكونات الأمازيغية الشمالية دون نسيان الإمتداد الأمازيغي في باقي مناطق المغرب..
شكرا سيريس على هده الالتفات جميلة طقوس وأجواء جميلة عشنها في منازلنا شخصيا تحية للأمهاة شريفات عفيفات مكافحة
أشاون تعني القرون ، وجاءت الدولة فزورت الإسم إلى شفشاون الذي لا معنى له ، وفي الأخير يتهمون الضحية بالعنصرية .