المغرب يخلد الذكرى 59 لأشغال بناء طريق الوحدة

المغرب يخلد الذكرى 59 لأشغال بناء طريق الوحدة
الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 06:45

يخلد الشعب المغربي، ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، يوم الأربعاء، الذكرى 59 لإعطاء انطلاقة أشغال بناء طريق الوحدة، التي شكلت حدثا تاريخيا جيليا ونوعيا غداة حصول المغرب على استقلاله، وعنوانا من عناوين الجهاد الأكبر الذي أعلنه بطل التحرير والاستقلال الملك محمد الخامس، بعد عودته من المنفى إلى أرض الوطن.

وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في مقال بالمناسبة، بأنه في يوم 15 يونيو 1957، وجه الملك من مدينة مراكش، نداءإلى الشباب المغربي لاستنهاض هممه من أجل التطوع في إنجاز مشروع وطني كبير يهدف إلى ربط شمال المملكة بجنوبها، حيث قال “إن من بين المشاريع التي عزمنا على إنجازها لتدعيم التوحيد الحاصل بين منطقتي الوطن شماله وجنوبه، إنشاء طريق بين تاونات وكتامة تخترق ما كان من قبل حدا فاصلا بين جزءي الوطن الموحد، وذلك ما حدا بنا إلى أن نطلق عليه اسم طريق الوحدة …”.

وبالمناسبة نفسها، زف الملك، رحمه الله، بشرى تطوع ولي العهد آنذاك الراحل الحسن الثاني للمشاركة في هذا المشروع، حيث قال “وإن ولي عهد مملكتنا الحسن أصلحه الله قد سجل اسمه أول متطوع جريا على مألوف عادته في تجنيد نفسه دائما لخدمة المصالح العليا للشعب والوقوف بجانب العاملين من أجل سعادته ورفاهيته”.

والواقع أن المغرب غداة الاستقلال كان يتوفر على شبكة طرقية يصل طولها إلى حوالي 20 ألف كيلومتر، إلا أن توزيعها الجغرافي عبر التراب الوطني لم يكن شاملا لكل المناطق، وكانت العلاقات بين الأقاليم الجنوبية والشمالية تتسم بالطابع العرضي وانعدام الطرق الأفقية التي تخترق المنطقة الشمالية في اتجاه البحر الأبيض المتوسط، ما طرح وضعية ملحة أمام مغرب الاستقلال، إذ بادر الملك محمد الخامس إلى نهج سياسة مقدامة في ميدان التجهيزات الطرقية من أجل تغيير البنى الوظيفية التقليدية للطرق التي كانت ترتكز في السابق على خدمة مصالح المستعمر، وإعطاء الأولوية لبناء طرق بالأقاليم الشمالية والجنوبية لترقى إلى مستوى التجهيزات الموجودة بوسط وغرب البلاد.

وكان في مقدمة المشاريع المبرمجة إنشاء طريق بشمال المملكة تربط بين تاونات ومركز كتامة على طول 80 كيلومتر، أطلق عليها اسم (طريق الوحدة) وكلمة “الوحدة” أو “التوحيد”، التي ركز عليها المشروع لها دلالة رمزية مهمة، فبالإضافة إلى الربط بين منطقتي الشمال والجنوب، فإن تجميع الشباب المتطوعين لبنائها من مختلف جهات المغرب وتكتلهم وتعاونهم وتضامنهم وحماسهم اكتسى أهمية كبرى على الصعيد الوطني تجسيدا لقيم الوحدة والتضامن والتعاون.

وتجند لهذا المشروع 12 ألف شاب متطوع للعمل طيلة الشهور الثلاثة للفترة الصيفية، بنسبة أربعة آلاف شاب في كل شهر، ينتمون لكل أنحاء المملكة. ومثلت أوراش العمل مدارس للتكوين يتلقى فيها المتطوعون دروسا تربوية وتدريبات مدنية وعسكرية، تجعل منهم مواطنين صالحين لتحقيق مشاريع عمرانية في مراكز سكناهم، وذلك تنفيذا لفكرة التجنيد والخدمة المدنية لبناء المغرب الحر والمستقل.

وحظي هذا المشروع بتأطير تربوي في منظومة التسيير والتدبير وأعمال اللجان المختصة التي اشتغلت منذ نداء الملك محمد الخامس، وهي لجنة قبول الطلبات وتوزيع الاستدعاءات وتنظيم المخيمات على طول الطريق، ولجنة المواد والتموين والمواصلات، وتهييء هذه المخيمات لاستقبال المتطوعين وتوفير جميع الضروريات المادية والصحية والثقافية، بحيث يستوعب كل مخيم 250 متطوعا موزعين على 13 خيمة، وتضم كل خيمة 25 سريرا، تسيرهم لجنة تضم التخصصات التربوية والفنية والعسكرية وشؤون التموين والطبخ والمواصلات.

واتخذت التدابير الصحية بتعيين ممرض في كل مخيم ومركز لتوزيع الأدوية عند الحاجة. وتم إسناد سير المخيمات إلى قيادة عامة مقرها في منتصف الطريق (ايكاون) وتتكون من مندوب وخليفة وطبيب ومهندسين مسؤولين وضابط وكاتب عام ومسؤولين عن الراديو والصحافة والسينما ومسؤولين عن التموين والمواصلات والمياه والغابات والبريد ورجال المطافئ، والمحافظ على النظام الداخلي للحياة في المخيمات بمشاركة المتطوعين أنفسهم بواسطة المندوبين المنتخبين عن كل خيمة، وإشراف لجنة من 16 شخصا على كل ورش.

وصباح يوم الجمعة 5 يوليوز 1957، أعطى الملك محمد الخامس انطلاقة الورش الوطني لطريق الوحدة معاينا على متن سيارة “جيب” معالم الطريق، كما أدى صلاة الجمعة بايكاون.

واتسمت مراحل الإعداد للمشروع بأنشطة مكثفة وأعمال رائدة لولي العهد الأمير مولاي الحسن آنذاك، الذي أولى عناية خاصة لتعبئة الشباب وشحذ الهمم والعزائم، معطيا القدوة والمثال بانخراطه الفاعل في مهام الإشراف والتدبير والإنجاز ولقاءاته بالشبيبة وحواراته معها حول فلسفة المشروع وأبعاده الوطنية كتحد ورهان يتحتم كسبه.

وحفلت الشهور الثلاثة من يوليوز إلى أكتوبر 1957، بمظاهر من التجند التام والعمل البناء في غمرة الحماس الوطني العارم وأجواء التعبئة لإنجاز المشروع، جعل منه مدرسة حقيقية لتلقين وإذكاء الروح الوطنية وتأمين التكوين والتأهيل للقدرات والكفاءات، فضلا عن الفضاءات التربوية والثقافية والفنية، ما أعطى لمراحل الإنجاز إشعاعا واسعا يستهدف إنجاز مشروع وحدوي ذي أبعاد تنموية اجتماعية واقتصادية، وأبعد من ذلك مشروع يمتد لبناء الإنسان وشحذ الهمم والعزائم ونشر قيم التضامن والتعاون والتكامل وتفجير الطاقات الخلاقة على درب البناء والنماء للمغرب الجديد.

وفي مستهل شهر أكتوبر 1957، كان المغرب على موعد مع الحدث التاريخي المبشر بانتهاء أشغال طريق الوحدة، في غمرة الاعتزاز الوطني بهذه المنجزة الكبرى، التي تكللت بخطاب الملك محمد الخامس في حفل استعراض متطوعي طريق الوحدة، حيث خاطب جمهور المتطوعين بقوله : “لكم يطفح قلبنا سرورا وابتهاجا ونحن نجتمع بكم اليوم، وتكللت أعمالكم ولله الحمد بالنجاح وبرزت للعيان نتائج جهودكم، وأشهدتم العالم على أن أبناء المغرب إذا تحملوا مسؤولية قاموا بها خير قيام، وإذا اتجهت همتهم إلى غاية مهما عظمت وعسرت فلابد أنهم بالغوها”.

وأضاف محمد الخامس معتزا بهذا الإنجاز التاريخي الخالد، مبرزا دلالاته بقوله : “بفضل هذه الطريق المباركة، تضاعفت وسائل الاتصال بين الشمال والجنوب، وتم التوحيد بينهما على صورة أكمل، ذلك التوحيد الذي طالما كافحنا من أجله وتحرقنا شوقا إلى استرجاعه، وأي دليل أقوى على تعلق المغاربة بوحدتهم من هذه المشاركة في أعمال المتطوعين التي قام بها سكان هذه المناطق بحماسة وإيمان”.

وأكدت المندوبية السامية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير، كسائر شرائح الشعب المغربي، وهي تخلد ذكرى بناء طريق الوحدة، لتتوخى استحضار قيم هذا الحدث التاريخي المجيد في مسيرات الحاضر والمستقبل تحت القيادة الحكيمة لباني المغرب الجديد الملك محمد السادس، الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح الوطن، مشيدة بالمبادرات الكبرى وأوراش الإصلاح والتنمية البشرية والنهضة الشاملة والمستدامة للمغرب الموحد من طنجة إلى الكويرة، مؤكدا على التحلي بالمواطنة الإيجابية الفاعلة والملتزمة في ملحمة الجهاد الأكبر، الاقتصادي والاجتماعي، وإعلاء صروح الوطن وتحقيق مشاريع الخير واليمن والبركات، إسعادا لشعبه الوفي بكل أرجاء الوطن، وتعزيزا لمسيرة المغرب الموفقة وارتقائه في مدارج التقدم والازدهار.

‫تعليقات الزوار

14
  • من الغربة
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 07:02

    أناقة الحسن الثاني .ياليت الشباب يعود يوما فاحكي له ماذا فعلت الحيطي

  • taounati
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 08:37

    طريق الوحدة أصبح وحيدا لا من يهتم به و لا من يرعاه حالته أصبحت مزرية حبذا لو تصرف اموال هذا الاحتفال في إصلاح هاته الطريق

  • aziz
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 10:10

    je connais un proche allah y rahmo.a été un des participants à cette route mais il est décédé sur chantier dans des circonstances inconnue.sa femme ses deux enfants vivaient à hayon mohamadi à casblanca n ont bénéficier de aucune indemnité ni soutien de la part de la état. surtout le defint était l un dès guerrier de libération lès plus farouche selon son frère et sa femme mais personne ne le connais sur la scène nationale.pour tout c qu'il a fait pour chasser les colon de ce pay .c est dommage que sa famille vit dans la pauvreté.

  • رشيدة
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:22

    كان والدي من المتطوعين في طريق الوحدة ويحكي لنا عنها وعن مشاركة الحسن التاني معهم في التطوع

  • tinou
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:27

    بقى غير الإسم أما الطريق رحمها الله مشات ولا أحد يتكلم على هذه الطريق المزرية والخطيرة أصبحت تهدد حياة جميع ساكنة بني زروال أكبر قبيلة في المغرب المنسي…وزاد الطين بلا هو رؤساء الجماعات المحلية جلهم أميين ولا يجدون حتى طريقة الحوار ولكن بارعون في السرقة والتمويه واختلاس المال العام والله القسم إلى المنكر بعينه…حتى حافلة النقل المدرسي يتاجرون بهم أما سيارات الجماعة الفاخرة فقد أصبحت وسيلة خاصة تهتم بسعادة عائلة الرئيس وتنقلتهم وسعادتهم هي هكذا بلدي الأمي أصبح يعطي الأوامر والمتقف منبوذ ومكروه…كفانا رؤساء جماعات أميون…بالعربية مكلخييييييين…..الله يعفو علينا منكم يا أصحاب المصالح الخاصة

  • ولد لبلاد
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:36

    أتمنى أن يتم التجنيد الإجباري وأعمال السخرة العمومية للمجرمين وجماعات الألتراس والمراهقين المتسكعين الغشاشين في الامتحانات ليتعلموا التربية والأخلاق والانضباط،وأتمنى أن تتم توسعة طريق الوحدة والعناية بها فإنها كارثة تخاف ولوجها.

  • MOURTI OMAR
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:52

    حفظك الله يا مغربنا من الويلات والقلاقل والحروب والمحن والفتن والإرهاب الله الوطن الملك

  • مول الكانون
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:55

    لماذا نسيتم الجيش المغربي آن ذاك في إنجاز هذا المشروع الضخم بقيادة الأمير مولاي الحسن القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية . وكل هذه القوات تقاعدت اليوم وأصبحت في طي الماضي . تتكلمون عن المندوبية السامية لجيش التحرير ونسيتم جمعية قدماء المحاربين وكأن لم يكن آن ذاك جيشا منظما في المملكة ياللحكرة لهؤلاء الشرفاء ولكن لن ينساهم التاريخ .

  • قلعة السراغنة نيوز
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 11:57

    أيام الحسن الثاني الأناقة والشباب ومحمد الخامس الأب الروحي للمغاربة أجمعين…. صراحة أيام المغرب الجميل..لن تعود أبدا.

  • hassano
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 15:35

    الله يعطنا وجهكم انا ابن المنطقة على طول طريق الوحدة والان مقيم في الديار الفرنسيىة والله إلا حشومة واش كدحكو على الشعب واش هديك طريق لي غنفرحو بيها والله العظيم كين محاور كثير لما استعملها لمسافة طويلة ابدء في المقارنة بين طرقنا وطرق فرنسا والغريب في الامر انها طرق لاتستعمل كثيرا لدرجة اسير عل الاقل 20 كلمتر ولا احد كانها لي وحدي

  • adil al minimum
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 17:55

    ارى انه عوض العفو عن المساجين غدات كل مناسبة يمكن للدولة ان تقوم بتسخيرهم لخدمة الصالح العم من قبيل القيام باعمالىارنضافة و ترمميم الطرقات الخ…….. نحن دافعي الضرائب نعيل مجرمين باموالنا داخل السجون دون ان نحصل منهم على مقابل

  • كتامي اليعقوبي
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 21:44

    ان المنطقة و بالاخص المسماة طريق الوحدة بقي فيها مجرد الاسم ، اما الطريق فاصبحت في خبر كان لان الاصلاحات التي تشملها بمجرد سقوط الامطار تصبح حالتها مزرية و اكثر ما كانت عليه. فا نتمنى من المسؤلين جاهدا مراعتها فهي الطريق الوحيدة التي تخرج منطقة كتامة عن عزلتها.

  • متتبع
    الثلاثاء 12 يوليوز 2016 - 23:35

    لبصم التاريخ ديالو كيتمركز وكيطلعو ناس آخرين كيزيدو في الطريق الناس لمعندهاش قيود كتبني وتشيد بحرية مطلقة

  • رحم الله (الدينامو)...
    الأربعاء 13 يوليوز 2016 - 06:44

    …وكان المشرف و المنظم و الساهر على تنفيذ البرنامج التربوي للشباب هو
    مدير حزب الإستقلال أنذاك المرحوم المهدي بن بركة الذي كان يطلق عليه نعت
    ( دينامو) الحزب ، لنشاطه وحيويته وحزمه و حرصه على الإنضباط.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين