حقوقيات ينادين بالكف عن تعنيف "عاملات الزراعة" خلال "الحَجر"

حقوقيات ينادين بالكف عن تعنيف "عاملات الزراعة" خلال "الحَجر"
الخميس 16 أبريل 2020 - 03:30

لا يعني “الحجر الصّحي الإجباري” بالنسبة لمجموعة من المغاربة مجرّد مكوث في البيت قصدَ الحدّ من انتشار فيروس “كورونا” المستجدّ، واتّقاء لشرّه، بل هو صنف جديد من المعاناة يقطع رزق فئات المجتمع الهشّة، ويزيد وضعها المادي والنّفسي وَهَنا، ويُصَيِّرُ بعض المنازل أماكن قلق لا موائلَ سكينة.

وتنقل “مجموعة شابات من أجل الديمقراطية”، في حملة تحسيسية، شهادات نساء وشابّات مغربيات عاملات في قطاع الزّراعة، حول ظروف عملهن القاسية والحاطّة من الكرامة في كثير من الأحيان، وما دفعهنّ إلى مزاولتها، وما يقاسينهنّ بسبب غياب التغطية الصحية، والصّعوبات الجديدة التي يعانينَها مع الحَجر الصحي.

وتقصد هذه الوصلات الرّقمية التي تشاركها على مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة “شابات من أجل الديمقراطية”، بشراكة مع مؤسسة “هنريش بول”؛ “التعريف بالمعاناة اليومية التي تعيشها العاملات الزراعيات، اللواتي يعتبرن الحلقة الأضعف في سلسلة القطاع الزراعي والفلاحي، والتحسيس بمطالبهِنَّ لدى الرأي العام”.

ووفق بيان للمجموعة فإنّ هذه الفئة تعاني في الأيام العادية من غياب الشروط القانونية للشغل؛ فلا وجود لعقود عمل، أو ضمان اجتماعي، أو ظروف مؤمَّنَة ولائقة للاشتغال خلال ساعات العمل الكثيرة، مع تعرّضهن للعنف الجنسي طيلة مسار الشّغل من طرف المشغّل، وفي الطريق لأماكِن عملهنّ التي ينتقلن إليها في عربات مكدّسة عبر طرق غير معبّدة، مع صعوبة يواجِهنها في الولوج إلى الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة، والعدالة بسبب الخوف، وتعقيد مساطر التبليغ عن حالات التحرش والعنف والاغتصاب.

وتعاني هؤلاء النسوة في فترة “الطوارئ الصحية”، وفق المصدر نفسه، من “عنف أزواجهن أو إخوانهن الذكور بالمنزل”، ما يؤدي إلى “عدم إحساسهن بالأمان بعدما صارت المنازل بالنسبة إليهن فضاء لاستمرار ممارسة العنف في حقهن طيلة فترة الحجر”، إضافة إلى “عدم حصولهنّ على تعويض أو دخل في سياق الحجر الصحي، رغم الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة المغربية”.

في هذا السياق، دعت “مجموعة شابات من أجل الديمقراطية” الحكومةَ إلى الاهتمام بالأوضاع الهشة لهذه الفئة التي تواجه نفس مخاطر هذا الجائحة “ربما بشكل مضاعف”، منبّهة إلى ضرورة “عدم تهميش مطالبِهِن وحاجتهن المستمرة إلى الحماية من العنف والتمييز بدعوى سياق مكافحة الجائحة”، والحاجة إلى “تحسين ظروف ولوجِهِنّ إلى الخدمات الأساسية والعدالة، خصوصا من أجل التبليغ عن حالات العنف والتّمييز التي يتعرّضن لها”، ودعت في الوقت ذاته إلى “فتح نقاش بين كل الفاعلين، لإيجاد حل حقيقي من أجل توفير ظروف عمل لائقة تحميهن من الهشاشة”.

وتقول سارة سوجار، عضو مجموعة شابات من أجل الديمقراطية، إنّ المجموعة كانت ستنظّم “قافلة” حُوِّلَت إلى حملة رقمية بسبب “الطّوارئ الصحية”، على أساس أن تنطلق ميدانيا بعد رفع الحجر الصّحّي.

وتضيف النّاشطة الحقوقية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ الحَجر جعل العاملات الزّراعيات لا يخرجن لـ”المُوقْفْ” ليجدن عملا، فتوقّف مورد عيشهنّ لأنهنّ غير مرتبطات بعقود عمل، بل بـ”كابران” يحمل العدد الذي يحتاجه من النساء إلى مكان الشّغل.

وتزيد عضو “شابات من أجل الديمقراطية” أنّ الكثير من هؤلاء العاملات لم يصلهنّ التعويض الذي يخصّصه صندوق تدبير الجائحة للفئات الهشّة؛ لأنّ جلّهنّ لا يتوفّرن على بطاقة نظام المساعدة الطبية “راميد”، ومنهنّ من ليست لها بطاقة التعريف الوطنية، ومن لها مشاكل في الهوية، ومنهنّ من تُعِيل أسرتها وتقطن وحدها فلا تعتبر “ربّة أسرة”، وما شابه ذلك من مشاكل عدم التصريح بتشغيلهنّ.

وترى سوجار أنّ “الخطير جدا” هو “ارتفاع نسبة العنف المنزلي في صفوف هاته الفئة؛ فبعدما كُنَّ معيلات لأسرهنّ، تحوّل جلوسهنّ في المنازل دون شغل بسبب “الحَجر” إلى مدعاة لتعنيفهنّ، وفق ما صرّحت به العديد من الحالات”، مع وجود عاملات “لم يتلقّين أجرة عملهنّ قبل الحجر، ورفض مشغّلوهنّ تمكينهنّ من مستحقّاتهنّ”، خلال الأزمة الراهنة.

وفضلا عن التحسيس تدعو هذه الحملة، حَسَبَ الناشطة الحقوقية، إلى وجوب فتح نقاش حول هذا العمل “أونْ النّْوَار”، أي العمل خارج أي هيكلة أو تصريح بالعاملات وأجورهنّ، قصدَ إيجاد مخارج باجتماع فاعلين حكوميين، وفاعلين محليين بالجماعات المحلية والترابية، والسلطات المحلية، وجمعيات المجتمع المدني.

وذكرت سارة سوجار أنّ هذه المخارج المأمولة هي “أن يكون على الأقلّ عقد عمل لهؤلاء العاملات، ويتمّ احترام ساعات العمل، وتشغيلهنّ في ظروف مؤمّنَة، مع مراقبة مشدّدة على وسائل نقلهنّ؛ فلا يعقل أن تكون شاحنة صغيرة مؤمّنة على حمل سبعة أو ثمانية أشخاص، فتُقِلُّ عشرين امرأة!”.. كما يجب أن يمكّن هذا النقاش بين جميع الفاعلين المعنيّين من “الولوج إلى العدالة”؛ ثم زادت شارحة: “نعرف أن كلّ امرأة تتعرّض للعنف أو التحرش لا تستطيع وضع شكاية، وحتى ولو ذهبت تحتاج الأدلّة، علما أنّه من الصّعب توفير الأدلّة المادية”.

وحول ما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات لا ترى حاجة لإثارة هذا الموضوع في ظلّ مواجهة “الجائحة”، تشدّد الناشطة الحقوقية على أنّ “سياق مواجهة الفيروس لا يعني أنّنا يجب أن نسكت عن ظروف هؤلاء النساء، حتى لا يكون هذا ذريعة لاعتبار قضايا العنف والتمييز ضدّ النساء مسائل ثانوية لا نحتاج الحديث عنها”، ثم أَجْمَلَتْ قائلة: “هذه المشاكل في تفاقم، وإذا صمَتنا يمكن أن يزيد هذا العنف أكثر”.

‫تعليقات الزوار

13
  • مغربي في المغرب
    الخميس 16 أبريل 2020 - 03:53

    أين الجماعات المدعومة من الخارج و الداخل التي تتشدق بالدفاع عن حقوق المرأة في كل مناسبة و حين ؟؟؟ لماذا يتجاهلون ملف مغربيات الفرولة هل لأن المتحرشين و المغتصبين ليسوا مغاربة هذه المرة ؟؟؟ هل تخصص الجمعيات المتاجرة بحقوق المرأة هو ردع المغربي فقط بينما يحل للإسباني و التركي و الكويتي و كل أجنبي فعل ما يريد ؟؟؟

  • orlando
    الخميس 16 أبريل 2020 - 04:05

    التطرق لهدا ااموظوع في هاته الاوقات الصعبة يجني الثمار لكم فقط!!!
    هل من تدخل لدى السلطات والجهات المعنية لمد الدعم الدي تستحقه هلته الشريحة خصوصا في زمن corona

  • " حموقيات"
    الخميس 16 أبريل 2020 - 05:22

    أو أن أجيب هؤلاء الحقوقيات اللواتي ينادين بالكف عن تعنيف "عاملات الزراعة" خلال "الحَجر"، بأننا سنكف ونتوقف عن تعنيف "عاملات الزراعة" ريثما تنتهي فترة "الحجر الصحي" وتعود الحياة إلى كبيعتها.

  • حسن
    الخميس 16 أبريل 2020 - 05:57

    كفى إستهتارا بمكونات المجتمع و تقسيمه إلى أقسام متناحرة . منهم من يدعي مناصرة المرأة وآخرون عن الطفل و البعض عن الحيوانات و البعض الآخر عن الشواذ و…
    لكن منصفين و لننتصر للمظلوم و لنتحد من أجل وطن واحد يسير بخطى ثابتة من أجل التنمية و الإزدهار.

  • مغربي
    الخميس 16 أبريل 2020 - 06:22

    (….وتعاني هؤلاء النسوة في فترة "الطوارئ الصحية"، وفق المصدر نفسه، من "عنف أزواجهن أو إخوانهن الذكور بالمنزل"، ما يؤدي إلى "عدم إحساسهن بالأمان بعدما صارت المنازل بالنسبة إليهن فضاء لاستمرار ممارسة العنف في حقهن طيلة فترة الحجر"…..)
    سبحان الله هذه المجموعة التي تتدعي الديموقراطية حتى أثناء الحجر الصحي تحرض على خروج النساء من بيوتهن لخدمة جهات خارجية باعتراف هذه المجموعة (بشراكة مع مؤسسة "هنريش بول")
    اتقوا الله في أنفسكم خصوصا و نحن في هذه الأيام المباركة من شعبان و مقبلون على شهر رمضان المبارك.. ادعوا الله أن يبارك لنا جميعا و أن يرفع عنا هذا الوباء.

  • ك.أ
    الخميس 16 أبريل 2020 - 06:22

    الاوضاع الهشة التي يعيشها الشباب واالرجال اكثر بكثير من اوضاع الفتيات والنساء فالشباب جالسون في الازقة واىدرورب عاطلين عن العمل يرون امامهم النساء وقد انتزعوا كل الحرف منهم بقلة ثمن . حين يعمل الرجل يتحمل مسؤولية والديه والاسرة وحين يصبح عاطلا فمصير الوالدين دار العجزة . الرجل اصبح هو الحلقة الاضعف .وهم الفءة الهشة التي تتحمل كل مشاكل الحياة من زواج وطلاق .فرحمة بالرجال .المرأة تخلت عن تربية ابناءها ودهبت للعمل والنتيجة هي مانراه من سوء تربية وانحراف فرحمة بالرجال

  • REVES
    الخميس 16 أبريل 2020 - 08:02

    بدل إستعراض العضلات لي أناس يراد فقط أن تسلب منهم العملة الصعبة و إن أراد مسؤلوا لمغرب أو حالبي حليب البقرة الحلوب التي هي المغرب يجب أن ينضروا إلى حالي الفقراء من أبناء الوطن من يحميهم من بطش باطرونات همهم الوحيد هو الربح؟ من يحمي هؤلاء ؟ من يحمي الفقير من ضلم قاضي همه الوحيد هو المال؟ من يحمي الفقير من بطش مسؤول يعمل فقط لمن يدفع أكثر ؟ من يحميه من طرف ممرض يطلب رشوة أو يكون قاسيا على فقير ليست في يده حيلة؟ إرحموا ضعافكم و فقرائكم ساعدوهم و لكن هذا شيئ كثير عليكم أما قصوحية الراس فلا

  • mrd
    الخميس 16 أبريل 2020 - 09:58

    فعلا يجب على الجميع التصريح بالعمال في cnss, اريد ان ااكد ان الشركات الكبرى تصرح بجميع عمالها لل الادهى ان هناك بعض العمال لا يريدون ذلك .
    اما العنف فهذا افتراء .فاصبح المستثمر الفلاحي يعاني من عنف العمال و بعض العانلات فالفلاح المغربي يعاني من الكلفة المرتفعة للانتاج و تهاوي الاثمنة في السوق الدولي و المحلي.زيادة على نقصان في نردود العمال.
    يكفيكم الذهاب الى مراكز الدرك و القيادات لترون من يعنف الاخر.

  • حسن
    الخميس 16 أبريل 2020 - 10:33

    كفا إستهتارا بالمواطنين و بث الفرقة بين أطيافه و مكوناته.
    البعض يدعي أنه ينتصر للمرأة و الآخر للطفل و البعض للحيوانات و آخرون للحريات الشخصية بدون قيد و لا شرط و الحال أننا جسد واحد يهمنا أمر الإنسان كان صغيرا أو كبيرا ، رجلا أو إمرأة ، مهما كان لونه و عرقه.
    كلنا سواسية لنا نفس الحقوق و لكل واجبات.
    أرجوكم أن تكفوا عنا نظراتكم الضيقة بإسم حقوق المرأة أو حقوق الطفل أو حقوق الحيوان.

  • هيثم
    الخميس 16 أبريل 2020 - 14:10

    ماذا عن العاملات المغربيات في حقول الفروالة الإسبانية؟؟ انقطعت اخبارهن في زحمة أخبار كورونا . ما مصيرهن؟؟ صمت مطبق.

  • Sidi kacem
    الخميس 16 أبريل 2020 - 14:59

    ماكاين اللي خرج على البلاد و العباد قد الحقوقيات و الجمعيات المدعومة أجنبيا

  • مراكشي
    الخميس 16 أبريل 2020 - 19:25

    كنت أتلقى تكوينات لدى أستاذة أمثال هؤلاء الحقوقيات..فالتقيت بها مع زوجها في احدى المحطات و معاهما خادمة سنها حوالي 13 عاما تحمل حقيبتين وتتنقل بصعوبة ..والسيدة الحقوقية مع زوجها تضع يدها في يده..وفي التكوين تتحدث عن الحقوق.. والله لا يستحين

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة