مشروع سينمائي يُعَبد "طريق الذهب" ويبعث سجلماسة من الرماد

مشروع سينمائي يُعَبد "طريق الذهب" ويبعث سجلماسة من الرماد
الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 04:00

يعيد المخرج الإسباني ألفونسو سوطو مارتن (Alfonso Soto Martin) مدنا مغربية قديمة من غربتها الطويلة، سجلماسة، نول لمطة، تاكاوست… من خلال مشروع سينمائي وثائقي ضخم، يقتفي من خلاله المخرج طريق الذهب الرابط بين سجلماسة وتمبوكتو أو بلاد السودان عبر أودغست وولالة.

وعن سر تعلقه بهذا المشروع، قال المخرج الإسباني في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية: “أنا مدين لابن بطوطة والبكري وابن حوقل وليون الأفريقي، الذين من خلالهم حاولت التعرف على عدة كنوز من تاريخ الأمة المغربية، وعلى الخصوص حاضرة سجلماسة، هاته الحاضرة التي يعود تاريخها إلى ثلاثة عشر قرنا، لكنها ستنمحي منذ خمسة قرون”.

وحسب المخرج الإسباني، “هناك مقولة تشير إلى أن الماضي لا يعود أبدا، لكن إذا كان الماضي بمعناه المجرد مادة التاريخ، فإن الآثار تعد الجزء المجسد من هذا الماضي في رحم الزمان”، من هذا المنطلق وليكون الأفق متسعا لاشتغاله الفني، فإنه “سيأخذ بعين الاعتبار الثمرات العلمية للباحثين في علم الآثار، مغاربة وأجانب، ممن اشتغلوا على هاته الحاضرة التي نثرتها الرياح”، يضيف ألفونسو.

وأشار إلى أنه تعرف عليهم من خلال كتاباتهم، وأيضا من خلال فريق الإعداد الذي يتواصل مع بعض أفراده، وذكر بالاسم كلا من العربي الرباطي، لحسن تاوشيخت، عبد الله فلي، يوسف بوكبوط، فرانسوا كزافيي، مسي هولاند، فضلا عن مؤرخ المملكة عبد الحق لمريني، ومديرة مديرية الوثائق بهيجة سيمو، والمساوي العجلاوي الذي رشحته الجهة المنتجة ليكون مستشارها العلمي.

وأبرز ألفونسو أن طريقته في الاشتغال على المشروع تقوم على تجميع مختلف هؤلاء الباحثين والمؤرخين مع مجموعة من التشكيلين، مغاربة وأجانب، لتستوحي منهم هذه الثلة من الفنانين مجموعة من “التيمات” المرتبطة بحاضرة سجلماسة، ليعملوا على تجسيدها في لوحات ستتوج بمعرض جماعي في الهواء الطلق، لجعله متاحا لساكنة تافيلالت، الرباط، كلميم، موسم طانطان والعيون، إلى جانب معارض أخرى للقى الأثرية والمسكوكات النقدية ورسومات وبيانات، فضلا عن بعض الوثائق التاريخية، خاصة تلك المتوفرة لدى المكتبة الملكية وأرشيف المغرب، مع الانفتاح أيضا على المعرض السابق لبنك المغرب حول ” طريق الذهب” الذي أنجز بشراكة مع مديرية الآثار.

وأوضح المخرج الإسباني أن “الإقامة الفنية ومختلف المعارض ستشكل الخيط الموجه الذي من خلاله سنتعرف على حاضرة سجلماسة وما تبقى منها من آثار، فضلا عن الواحات والقصور المحيطة بها، وستقودنا القرائن التي كشف عنها الباحثون وجسدتها أعمال الفنانين إلى بناء المدينة عبر صور ثلاثية الأبعاد”.

من جهتها، قالت خديجة الفتحي، مديرة الإنتاج بـشركة “Women Prod”: “إن الحديث عن سجلماسة لا يمكنه أن يستقيم دون استحضار محطات وطرق القوافل التجارية؛ فانطلاقا من أهمية هاته التجارة عبر العصور، حرصت كل الدول المغربية على بسط سيادتها على منافذ الصحراء كخطوة أولى عند نشأتها، وليس من باب الصدفة أن تنطلق جل هاته الدول من الجنوب وأن تتموقع عواصمها في مدن مثل سجلماسة وأغمات ومراكش لاحقا، لأنها كانت بمثابة مراسي تنتهي إليها الطرق التجارية الآتية من الجنوب، ومنها تتجه شمالا إلى فاس وسبتة وتلمسان، وهو ما جعل المغرب يلعب دورا بارزا كوسيط للعلاقات التجارية بين أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط”.

وأشارت المتحدثة إلى أن المرابطين عندما وصلوا إلى مشارف جبال الأطلس ووادي درعة، كان أول همهم إخضاع سجلماسة قبل أن يفكروا في التوجه شمالا صوب الغرب والسهول الأطلسية. ورغم أن الموحدين والمرينيين حولوا أنظارهم عنها إلى مراكز أخرى غربا على الطريق الأطلسي، مما أضعف الطريق الشرقية التي كانت تربط تمبوكتو وسلجماسة عبر تغازي، فإن الدول اللاحقة مثل السعديين أولت أهمية كبرى للطرق الرابطة ما بين وادي نون وبلاد السودان عبر أودغست وولالة، في الوقت الذي فقدت فيه سجلماسة أهميتها، لكن سيعود إليها إشعاعها كحاضرة وعاصمة إدارية مع الدولة العلوية.

وأكدت منتجة الفيلم أن الحركة التجارية عبر الصحراء حملت معها قيما ثقافية واجتماعية وسياسية وتلاقحا بشريا بين الشمال والجنوب، بل ستظل منطقة واد نون الوريث التاريخي لتجارة القوافل حتى في ظل انتقال مركز الثقل التجاري من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلنطي في القرن 17، وستستمر إلى القرن 19.

وتبعا للجهة المنتجة، فإن مشروع الفيلم يستحضر من خلال الذاكرة الأخبار المدهشة حول القوافل التي كانت تغادر واد نون ومدينة كلميم تحديدا، في طريقها إلى تمبوكتو وإفريقيا السوداء، والتي ما زالت حية في الأذهان، وهي تسير محملة بالحديد وأدوات الحدادة والنجارة والملح والأثواب والعنبر والتبغ، وتعود محملة بالصمغ وخواتم الذهب والتبر وعاج الفيلة والرقيق والعمامات، وريش النعام الذي كان يتم بيعه ليهود واد نون ومراكش.

وسيتم تناول هاته القصص على خلفية التحولات التي عرفتها المنطقة منذ العصور القديمة، خاصة التحولات الطبيعية والمناخية الصعبة التي أدت إلى هجرات متعددة في اتجاه الشمال أو الجنوب، سواء بالنسبة للمجموعات البشرية أو الحيوانية، التي ما زلت النقوش الصخرية تدل على هاته الأخيرة، وسيتم التوقف عند المآثر التاريخية لمدن نول لمطة وتاكاوست وأسرير وتنغمرت المعروفة بمواسمها وأسواقها القديمة، مدن انطلقت بها الأبحاث الأثرية حديثا لنفض الغبار عنها من طرف باحثين إسبان يترأسهم الباحث المغربي يوسف بوكبوط، كما جاء على لسان المتحدثة.

وأضافت خديجة الفتحي أنه “فضلا عن حكايات الأمكنة والناس الذين عمروها، سيستحضر الفيلم العلاقات الإنسانية بين قبائل لها امتداداتها بين هنا المغرب، وهناك: كموريتانيا وتومبوكتو والسنيغال والنيجر، من خلال تجميع أحفادها في مشاهد إنسانية أخاذة، على سبيل المثال عائلة بنبركة التي يتحدر منها المخرج سهيل بن بركة، عائلة عرفت بتجارة الذهب تتوزع بين كلميم وتومبوكتو، وكذا عائلة بولعراف، وعائلات أخرى تنحدر من محاميد الغزلان وتافيلالت. ومن موريتانيا عائلة ولد بيروك، عائلة المرواني من مدينة ولاتة التي زارها ابن بطوطة، الأستاذ الطالب أخيار من عائلة ماء العينين، وغيرها من الأسر. وهي مناسبة لربط الماضي بالحاضر من خلال إبراز العلاقات الثقافية والدينية والفكرية بين مختلف هاته الأقطار، التي تؤكد عمق هاته العلاقات التاريخية المغربية – الأفريقية”.

‫تعليقات الزوار

8
  • كتامي
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 04:22

    ربما هذا الاسباني زار بعضا من تلك المناطق وتعلق بها، لذلك اشتغل على هذا الموضوع، إنها مناطق ساحرة رغم الطبيعة الصحراوية، وعبق التاريخ يفوح منها ويعطيك شعورا بالسفر عبر الزمن. تحية له.

  • nor
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 07:17

    انا أعلم أن مجدنا سيذكرنا به الآخرون وديننا سيحييه الآخرون.ياللأسف..

  • المذغري
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 07:38

    الاءجنبي يعترف بقيمة المنطقة ولو عن طريق الفن،بينما الحكومات المتعاقبة وصانع القرار في المغرب يصر على ءاذلال المنطقة والتي تعيش اجواء القرون الوسطى،وعلى نفس المنوال،ءاذا ما اراد المسافر ان يقطع المسافة بين الرشيدية ومكناس والتي تقدر ب260 كلم فعليه تضيع يوما كاملا بالتمام والكمال لقطع 260كلم والتي يفترض قطعها في ساعتين ءالى ثلاثة كاقصى تقدير،ونظرا لان الاءقليم كان محطة القوافل التجارية،فقد اصر صانع القرار في المغرب ان تسير المنطقة بنفس وتيرة القوافل التجارية لعهد المرابطين،فلا طرق سيارة،ولا مركبات رياضية،ولا مسابيح،ولا مستشفيات جامعية،ولا حول ولا قوة ءالا بالله.

  • Lao
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 08:54

    منطقة تافيلالت او سجلماسة جد مهمشة بعدما كانت عاصمة للمغرب، منها بدأت دعوة المغاربة الى الاسلام! عار ان يأتي اجنبي ويهتم بالمنطقة في حين ان الدولة نسيت ان هذه المنطقة كان لها فضل كبير على المغرب!

  • سجلماسي
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 10:22

    من الغريب أن يذكرنا أجنبى بتاريخ بلدنا المهم المنزوع الهوية، الغير معترف به، فلا طريق سيار، ولا سكة حديدية، ولا جامعة طبية، ولا مستشفى مجهز، ولا قيمة مخزنية، في بلد سجلماسة أصل الدولة العلوية ومعدن العلم وأول بلد دخلها الإسلام وازدهار المغرب قديما بلد الذهب، فأين أنتم يامن تنتفعون ولا تذكرون ###
    ومن الغرائب والغرائب جمة *** خلف الحبيب وما إليه سبيل ###
    كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** والماء فوق ظهورها محمول

  • eljorfi
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 11:38

    Merci pour ton commentaire ça resume tout.

  • بلي محمد من المملكة المغربية
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 11:42

    بعض السطور باللغة العربية فالمنبر قلب كبير واسع من الداخل فهو يستقبل اللغة العربية كمايستقبل اللغة الفرنسية ولانجلزية والصينية والفارسية ولايطالية وغيرها كثير شرط لاتقان ولاحترام الكامل سطور بلغة الفن لاغيره ليست لنا ولن تكون اللغة الثانية فالمملكة غير مامرة قلنا ان لها تاريخ وليست وليدة اليوم وبها آثارا تاريخية ساحرة جدابة لم يجد لها العنكبوت سبيلا رغم المحاولات الكثير ة التي قام بها ولازال فالمملكة لها حساد كثر لكن ستنتصر عليهم بالله وتمسكها بحبل الحكمة والعقل سيزيدها قوة مافي دالك شك وليظل رأسها عاليا فاعيون السينما لاتفارقها فاصورة جديدة ستلثحق قريبا بصف الصور الوثائقية التاريخية صحيح الدول المتقدمة من على درجة عالية تضع لاوسمة على صدري المدن المتميزة الغنية بالاثار التاريخية وتخلق مواضيع تدرسها لطلبة على اختلاف دراجاتهم المعاهد والجامعات .

  • محمد
    الأربعاء 2 دجنبر 2020 - 21:18

    الآن دور سجلماسة ،انتقل الى الكركرات،التاريخ يعيد نفسه.

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز