تجربة "مجموعة العاشقين" الفلسطينية .. "الثورة تغني والفن يقاوم"

تجربة "مجموعة العاشقين" الفلسطينية .. "الثورة تغني والفن يقاوم"
الإثنين 3 فبراير 2020 - 11:00

شاركت الأغنية الشعبية والوطنية والسياسية، على مر الأزمان، في تجسيد صور المعاناة التي تعصف بالوطن الفلسطيني.

وساهمت الأغنية الشعبية الفلسطينية بشكل عام، حسب ما يؤكده ناهض زقوت، مدير عام مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق، “في توثيق الأحداث التاريخية التي مرت على وطننا، فالأغاني والأهازيج هي انعكاس للوضع السياسي والاجتماعي الذي يعيشه الشعب الفلسطيني منذ العهد التركي مرورا بالاحتلال البريطاني وصولا إلى الاحتلال الإسرائيلي”.

على هذا النحو، تطور مفهوم الأغنية الشعبية من أغنية شعبية مرتبطة بقضايا اجتماعية أو حالات رومانسية، إلى قضايا وطنية وسياسية، وظل الغناء كما يقول زقوت، فعلا حيويا محرضا على المقاومة في الروح الفلسطينية.

انطلاقا من هذه الرؤية، يتناول كتاب “فرقة العاشقين.. لفلسطين نغنّي” تاريخ الأغنية الشعبية المقاومة، وكيف أصبحت الأغنية سلاحا لا يقل عن سلاح المعركة.

“العاشقين هي تجربة جذّابة للمنصّة والجمهور، حملت في ثناياها الهمّ الفلسطينيّ الجمعيّ وجرح الوطن النازف. رسمت في فضاء الكون أملًا، وفي خيال الشعب ثورة وحرّيّة. وهي تجربة واقعيّة تستحقّ أن تؤرّخ”، هذا ما يؤكده الشاعر الراحل أحمد دحبور في شهادته التي جاءت في كتاب “فرقة العاشقين… لفلسطين نغنّي”، وهو الشاعر الذي كان قد كتب معظم كلمات أغاني العاشقين التي رافقت مسيرة الثورة الفلسطينيّة ووثّقت تفاصيلها.

ولقد شعر المحتل الإسرائيلي بخطورة الكلمة المغناة وفعلها المقاوم في نفوس الجماهير، فاعتقل الشعراء، واغتال الكتاب: غسان كنفاني، وكمال ناصر، وماجد أبو شرار، وراشد حسين، وناجي العلي، وعبد الرحيم محمود، وغيرهم، لأنهم صدحوا بكلمة المقاومة ونشروا ثقافة المقاومة. ومن قبلهم اغتال الاحتلال البريطاني نوح إبراهيم شاعر ثورة الـ36 ومحرضها على الفعل المقاوم.

هكذا، مثلما قاومت فلسطين بالبندقية، والعلم والقلم، قاومت بالغناء أيضا، فكانت فرقة العاشقين مثالا لتلك المقاومة، منذ وجودها في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ففي الشتات الفلسطيني بدمشق بدأت واستمرت إلى اليوم، حاملة في ثناياها هم الكل الفلسطيني، وجرحا لوطن جريح.

ولعل توثيق تجربة الفرقة في الذاكرة الفلسطينية ودراسة مراحلها التاريخية الصعبة والتعلم منها لتبقى مرجعا للأجيال المقبلة هو ما دفع الكاتبين فاطمة غرابة وعبد القادر خطاب إلى تأليف كتاب عن الفرقة.

وبين الكاتب خطاب لـ”وفا” أن الكتاب يقع في (350) صفحة، ومقسم الى أربعة فصول، الأول بعنوان “بداية التباشير” ويتحدث عن أغنية الأرض والثورة، وتاريخ التراث الفلسطيني الفلكلوري، وفصل “فرقة العاشقين” ويروي تاريخ ومسيرة الفرقة والعقبات التي واجهتها، والاحتفالات العربية والدولية التي شاركت فيها، والفصل الثالث جاء بعنوان “صوت العاشقين”، ويسرد الشعراء الذين غنت لهم الفرقة وسيرهم الذاتية، وفصلها الأخير “ديوان العاشقين” ويحتوي على الأداء والكلمات والألحان، التي تعتبر نواة الفرقة، ثم يضم شهادات لشخصيات عاصرت الفرقة وملحق للفرقة وصور.

ويضيف خطاب: “إن إعداد الكتاب استغرق عامين ونصف العام تقريباً من البحث والتحري والمقابلات الشخصية والهاتفية، فأجرينا مقابلات مع أعضاء الفريق ومنهم محمد هباش، وأحمد الناجي، وأحمد دحبور، ومحمد سعد ذياب، وبثينة منصور، إلى جانب الاطلاع على مراجع ومصادر كتبت عن الفرقة وتحدثت عن التراث الفلسطيني وتاريخه”.

إن من أهم ما يميز الكتاب “توثيقه لألحان الفرقة عن طريق الرسم، وهي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك بكتاب، ليتم حفظها وحمايتها من السرقة والعبث. وأما عن العقبات، فهو عدم اتباع الفرقة لمؤسسة ومنظومة معينة تتكفل بها وببرنامجها، فكانت رهينة الظروف والأحداث السياسية، وفي الكثير من الأحيان يتم إلغاء وتأجيل اللقاءات نتيجة هذه الظروف”، حسب خطاب.

وتقول الكاتبة فاطمة غرابة: إن الكتاب انطلق من الأردن مكان طباعته، والأسبوع الماضي تم الاحتفال بإطلاق الكتاب في محافظة قلقيلية، وهو الآن في جميع المكتبات الفلسطينية، وسيتم الاحتفال بإطلاقه في كافة المحافظات.

وتضيف: “لاقت فكرة الكتاب ترحيبا واسعا، ليس فقط في فلسطين وحسب، بل في كثير من الدول ودور النشر التي أبدت استعدادها لنشره؛ وهو ما يدل أن الفرقة كانت قد خلقت جمهورا لها من كافة المستويات السياسية والشعبية والوطنية، واستطاعت أن تشكل وعيا حقيقيا لدى الأجيال الجديدة، حتى وإن لم تعش تجربتها ولم تستمع اليها مباشرة، فغنوا لها واستمعوا إليها عبر الأسطوانات والأشرطة والفيديوهات، ووسائل الاتصال الحديثة الإعلامية والإلكترونية، وجدير بذلك أن يوثق”.

وتسترسل الكاتبة غرابة: “تأسست الفرقة بقرار من رئيس الدائرة الثقافية في منظمة التحرير الفلسطينية عبد الله الحوراني (عام 1977م)، وأضحت اليوم شكلا من أشكال المقاومة الشعبية ورمزا من رموز الثورة الفلسطينية، التي تحمل رسالة الوطن وتتغنى به، وهدفها الأساسي الحرية ونيل الاستقلال”.

ويشير أنور ريان، مدير الثقافة في قلقيلية، إلى أنه ينبغي أن يكون المجتمع الفلسطيني على وعي بالقيمة التاريخية لمثل هذا النوع من الوثائق ويسعى لحفظها وحمايتها من بطش الاحتلال وسرقته لها، مضيفا أنها تمثل تجربة ملهمة للشباب، وتشكل حافزا وقيما عند الناشئة من أبناء الوطن، من خلال بث التوعية القومية ومدهم بالطاقة والنشاط.

ويرى المحاضر في جامعة النجاح يحيى جبر أن أهمية الكتاب تأتي في وقت أصبح فيه الفن أداة لقلب موازين الشعوب؛ فالفن قادر على إيصال رسالة الشعوب ومطالبهم بأكثر ما يلمس القلب من الأحاسيس والمشاعر عن طريق الموسيقى والكلمة، وكانت الفرقة رائدة بهذا وما زالت.

ويوافقه الرأي زاهر حنني، المحاضر في جامعة القدس المفتوحة في قلقيلية، الذي قال: “لا أحد ينكر أن الفن في الوقت الحالي يلعب دورا بارزا في قضايا الشعوب، وأنه قادر على إحداث التغيير، وعلى الحكومات إدراك أهمية الفن الملتزم الهادف والعناية به، ليصبح مرجعا للأجيال المقبلة، كما فعل الكاتبان، خطاب وغرابة”.

*وفا

‫تعليقات الزوار

7
  • Hannad
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 11:15

    وفيق آحمادي القدس في مهب الريح وانت تتحذت عن الشطيح و النطيح ما هكذا ستعود الاقصى واعدو لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل وليس بالموسيقى و الرقص هم اقامو كيانهم بالسلب والنهب ولن تعو الارض الفلسطينية بالرقص ولن يعود الاقصى بالغناء بل بالنار المتاججة بالقنابل لا المؤتمرات والاتفاقيات فهي معركة اكون او لا اكون

  • بوجميع
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 11:53

    نعم فلسطين لن تعود الا بانتفاضة
    الصهاينة يتحايلون مند زمان من مؤتمر لمؤتمر
    وهدفهم الاستيلاء على فلسطين بااكملها
    وكلما وجدو فجوة بين العرب الا واستغلوها لصالحهم
    انظرو كيف يدخلون بين المغرب والجزائر كالوسخ بين الاظفار والجلد
    والعرب والامازيغ
    بين الشيعة والسنيين
    نعم للرفع من المعنويات بالشعر والموسيقى
    فالمقاوم يلزم الرفع من معناويته بكل الطرق
    سنرضع لكل طفل مغربي تاريخ بني صهيون الحافل بالمكايد ودم الفلسطينيين
    نعم سنعلم ابناء شعر محمود درويش
    علمنتني ضربة الجلاد ان اقاوم
    وامشي على جرحي واقاوم
    اليهود المغاربة بلدهم المغرب
    اليهود اعراقيين بلدهم العراق
    وليس فلسطين
    بوجميع

  • مجرد ملاحظة
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 12:15

    قرأت هذه العبارة في عنوان المقال باستغراب
    "الثورة تغني والفن يقاوم" والصحيح والأصح هو عكس ذلك. فالثورة هي التي تقاوم والفن هو الذي يغني. لكن عندما تقلب الحقائق فقد يصبح كل شيء ممسوخا مسخا كليا.

  • المراكشي
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 14:04

    ليس مطلوبا من الفنان أن يحمل بندقية.. وفلسطين فعلا محتاجة بمساهمة الجميع كل حسب ميدانه.
    من قال إن الفن الهادف الملتزم ليس شكلا من النضال، فهو واهم، والدليل على ذلك التضييق الذي يمس كل الفنانين الملتزمين من طرف الصهاينة، من سجن وتعذيب واغتيال وترهيب وشراء.. ولائحة الضحايا طويلة.
    ما أسهل أن نتفرج ونبدأ في التنظير ونتهم الآخرين في وطنيتهم وولائهم.
    لصمود الشعب الفلسطيني بكل فئاته، نرفع قبعة الاحترام عاليا.

  • ملاحظ
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 14:35

    الاحتلال جاؤ بالقنابل العنقودية الفسفورية و الصواريخ و الاباتشي و ال اف 16 الامريكية و طائرات b 52 و تضحكون على الفلسطينيين بالمقاومة بالغناء ؟؟ المقاومة بالصواريخ بالمجاهدين بالقسام و الجيش الاسلامي يجب دعم كل الفصائل

  • حجيب
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 20:31

    في العنوان جواب لسؤال طالما راودني "كيف ضاعت فلسطين؟" لان المقاومة كانت ومازالت تغني، ولان الفن مهما قاوم فلن يجدو ضذ الاسلحة النارية للكيان الصهيوني الذي يسلب الحقوق ويفرض وجوده بالقوة.

  • مومن
    الإثنين 3 فبراير 2020 - 22:30

    مجموعة العاشقين مجموعة غنائية رائعة الهبت حماس الجماهير في نهاية السبعينات وفي التمانينات والتسعينيات من القرن الماضي كانت ملهمة لانتفاضتين واثارت انتباه العالم لشعب يقاوم الاحتلال والطرد والتهجير لا تموت قضية الا بموت مفكريها ومثقفيها وفنانيها

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات