معرض الكتاب بالبيضاء .. "سوق ثقافي كبير" وأزمة قراءة متفاقمة

معرض الكتاب بالبيضاء .. "سوق ثقافي كبير" وأزمة قراءة متفاقمة
الإثنين 19 فبراير 2018 - 02:00

طوال عشرة أيام، كان الباحثون عن عناوين أدبية وعلمية ودينية وتاريخية وغيرها على موعد مع الدورة الـ24 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء. من كل مكان، يتوافد الزوار، صغارا وكبارا؛ لكن الشهادات المستقاة ترسم صورة أخرى عن واقع المبيعات، وتزكي تفاقم أزمة القراءة وتدني مستواها.

إقبال كثير ومبيعات أقل !

قبل أن تلج البوابة الرئيسية، تخال نفسك أمام مهرجان خاص بالأطفال. عشرات السيارات التابعة للمؤسسات التعليمية الخاصة والحافلات القادمة من كل حدب وصوب، متوقفة أمامه. جلبة وضوضاء كبيرة تجعلك تفكر في تأجيل الزيارة إلى موعد لاحق.

لا يقتصر الحال فقط على الأطفال، مراهقون ومراهقات حوّلوا أروقة المعرض الدولي للنشر والكتاب إلى فضاء لالتقاط “السيلفيات”، بعيدا عن الهدف الكبير للمنظمين بتشجيع القراءة وتسهيل الوصول إلى بعض العناوين.

الشاعرة لبنى المانوزي، بالرغم من تقبلها لتوافد التلاميذ على المعرض، معتبرة إياه فرصة لاطلاعهم على الشعر والرواية والقصص وتشجيعا لهم على المطالعة، فإنها سجلت تراجعا في قراء الشعر والقراءة بصفة عامة.

وأكدت الشاعرة، في حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك تراجعا في القراءة بسبب الأنترنيت والشبكات الاجتماعية؛ ولكن هذا لا يعني أن نفقد الأمل، فهناك تلاميذ يزورون الأروقة، ودورنا أن نقرب الشعر والأدب منهم”.

ولفتت المتحدثة نفسها إلى أن الأنترنيت “أسهم في ضعف من المبيعات وأثّر بشكل كبير في ترويج الكتب؛ لكن يمكن أن نعتبر توجه القراء صوب “البي دي إف” للقراءة أمرا جيدا”.

من جهته، اعتبر علي هشام، مسؤول عن رواق اتحاد كتاب المغرب، أن “الإقبال ضعيف مقارنة مع السنوات الماضية”، مبررا ذلك بغياب إصدارات جديدة خصوصا لدى الكتاب المغاربة.

وأشار المتحدث نفسه إلى أن سوق القراءة يعرف ركودا؛ “فالمغاربة لا يقرؤون كثيرا، باستثناء الطبقة المثقفة”، مشيرا إلى أنه حتى حدود يوم الخميس الماضي لم يتم بيع سوى 60 كتابا.

وسجل المسؤول عن المبيعات في هذا الرواق أن “ضعف المبيعات هذه السنة مقارنة مع السنة الماضية التي كانت خلالها المبيعات مرتفعة، ونحن الآن لم نسجل حتى نسبة 25% من النسبة المسجلة في الدورة السابقة”.

دعامة للكتاب

أمام هذه النظرة السوداوية التي رسمها بعض مسؤولي دور النشر الذين تحدثنا إليهم والذين رفضوا الظهور بوجه مكشوف مخافة تعرضهم للإقصاء من الحضور السنة المقبلة، يرى أحد الشبان أنه وجد ضالته بمعرض الكتاب.

وأضاف المتحدث نفسه أنه ظل يفتش عن بعض العناوين؛ غير أنه عثر عليها بعد زيارته للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، فيما أكد طالب جامعي أن هذا الموعد هو متنفس للطالب الذي يجد ضالته فيه.

من جهته، اعتبر الباحث عبد الصمد بلكبير أن هذا التقليد للاحتفاء وتعريف بالكتاب “شيء محمود، بالرغم من تأخر المغرب فيه”، مضيفا أن “المعرض شيء إيجابي، خصوصا للكتاب الذي يعتبر مهمشا والإقبال عليه ضعيف والدعاية له منعدمة والمدرسة لا تشجع عليه، وبالتالي هو مناسبة لاستدراك هذا النقص”.

وأوضح بلكبير، في حديثه لهسبريس، أن المعرض “مناسبة للتعريف بالكتاب، ولقاء الكاتب المغربي بغيره، وتعاون الناشرين فيما بينهم، واستقدام التلاميذ والطلبة، وبالتالي هناك جمهور حتى ولو لم تكن له إمكانية الشراء فهو سيطلع على العناوين والإصدارات الجديدة”.

المعرض لن يحل أزمة القراءة

بالرغم كون المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، تخصص له ميزانية تقدر بحوالي 5 ملايير سنتيم، فإن الوزارة الوصية على قطاع الثقافة تنظر إليه كحدث ثقافي وليس وسيلة لحل أزمة القراءة.

حسن الوزاني، مدير المعرض الدولي للكتاب، اعتبر، في حديثه لجريدة هسبريس، أنه وجب النظر إلى هذا الحدث “في حجمه الطبيعي كحدث ثقافي، فالمعرض يعد أكبر حدث ثقافي في المغرب، ويوفر مساحة للنقاش”، مضيفا أنه “لا يحل مشكل القراءة، وإنما قد يحفز القراء على ذلك؛ فهناك عدد ضخم من الأطفال الذين يلمسون الكتاب لأول مرة وهو أمر مهم”.

وأوضح مدير مديرية الكتاب بوزارة الثقافة أن “حل مشكل القراءة أكبر من ذلك ويتم عبر تحديث شبكة القراءة، حيث تعمل الوزارة على إنشاء نقط القراءة في عدة مناطق قروية، لذا فإن المعرض لا يمكن تحميله حجما أكبر من حجمه”.

وفي الوقت الذي تحدث فيه بعض الناشرين عن انخفاض المبيعات، بسبب غياب قراء، لم يكشف الوزاني في تصريحه عن عدد الكتب التي تم بيعها، مرجعا ذلك إلى عدم موافاة الناشرين للوزارة بذلك.

وقال في هذا الصدد: “لقد أدمجنا ضمن دفتر تحملات المعرض ضرورة موافاتنا كل يوم بأرقام المبيعات؛ لأنه أمر مهم، حيث يمكننا معرفة حاجيات القراء. للأسف الناشرون لم يلتزموا بذلك، وقد نلجأ السنة المقبلة إلى تفعيل القانون الزجري”.

وأردف المتحدث نفسه أن المبيعات تبقى بشكل عام مهمة “من خلال مقارنتنا ما يدخل للمعرض وما يخرج في نهايته، ونؤكد أن هناك مبيعات على مستوى مختلف أنماط المعرفة ومجالاتها: الدين والأدب والأطفال”.

وبخصوص الأثمنة التي يشتكي منها بعض القراء، اعتبر الوزاني أن “الناشرين من المفروض أن يقوموا بتخفيضها، بالرغم من كونهم غير ملزمين بذلك؛ لكن، في جميع الأحوال، أظن أن هناك عرضا متعددا يستجيب لمختلف القدرات الشرائية الخاصة بالزوار”.

وعرف المعرض، طوال تسعة أيام، مشاركة 700 عارض مباشر وغير مباشر ينتمون إلى 45 بلدا من المغرب والعالم العربي والبلدان الإفريقية والأوروبية والأمريكية؛ فيما تجاوز عدد العناوين المعروضة فيه 125 ألف عنوان. وشارك في هذه الدورة الرابعة والعشرين، التي كانت مصر ضيف شرف فيها، حوالي 350 متدخلا من الباحثين والمبدعين من المغرب وخارجه، مع تنظيم 14 نشاطا في اليوم.

‫تعليقات الزوار

8
  • خطط الفشل الشامل
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 06:57

    اتعجب في من يستغرب فيما وصل اليه بلدنا وكأنه لم يكن يتتبع كل الحيل والخطط التي طبقت كي تقضي على مستقبل المواطن في كل الميادين. المغربي لا يميل للقرائة لانهم افقروه حتى ماتت قوته الشرائية في كل الميلدين ومنها شراء الكتب. والمغربي لا يميل للقرائة لانهم قضوا نهائيا على ما يسمى بالتعليم العمومي باستعمال نمادج تعطي مواطن غير صالح في كل الميادين. لكم ان تتصورا اامغرب يصرف 6000مليار في التعليم ، اي 6،5%من الناتج الدخلي الخام، وهو اعلى رقم في العالم ومع دلك تجد اشباه متعلمبن فاشلين في كل ما له علاقة بالتمدرس. انهم وظفوا خبراء في السوسيولوجيا والسيكولوجيا حتى ينصحوهم كيف يطبقون نمادج تعليمبة تعطي بشرا غير متعلم وبكلفة عالية وغالية حتى نقول انهم لم يدخروا اي جهد من اجلنا. وتلك هي حيلة وخطة انتصارهم علينا، وهي سر ضعف المقروئية والتخلف عند المقارنات الدولية

  • أبو عمار
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 08:07

    لقد زرت المعرض عدة مرات، منذ افتتاحه أول مرة، و لم أتغيب عنه،إلا مرتين أو ثلاث..و لم أسجل خلال السنوات السابقة، ارتفاعا للأسعار، مثل ما شاهدناه خلال هذه السنة، و لما سألت أحد العارضين، قال بأن إدارة المعرض تتحمل جزءا من المسؤولية، فتكلفة إيجار كل رواق تبدأ بـ 15000 درهم، أي أن العارض يجب أن يبيع يوميا ما قيمته 1500 درهم لتغطية نفقات الكراء المكان الذي يعرض فيه، ناهيك عن النفقات الأخرى الكثيرة..
    هذا، و الجدير بالتسجيل كذلك، أن عدد العارضرين، و نوعيتهم..في تدهور مستمر، سنة بعد أخرى، و يخشى أن ينقرض هذا المعرض بعد سنوات قليلة، ما لم يتمتداركه.

  • خالد
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 09:14

    أولا قمت بزيارة المعرض يومه السبت، معظم الزائرين كانوا أطفالا أو مرهقين.
    زيارات منظمة من طرف المدارس الخاصة التي وجدت المعرض فرصة لربح وفير، فجل هذه الخرجات تنظمها المدارس بمبالغ مهمة.
    المراهقين والمراهقات كان لهم أيضا النصيب الوفير من الضجيج فلا هم يزورون أروقة المعرض للإطلاع على الكتب ولا هم بحثون عن كثب معينة، فقط وقفات هنا وهناك وصور سيلفي في كل مكان.
    النقطة الثالثة والأخيرة هي الثمن المبالغ فيه للكتب، فضيف الدورة مصر تفنن في رفع الثمن وتفنن كذلك في رفض المفاصلة في الأثمنة، سؤالي هنا: أين دور المنظمين في تحديد الأثمنة؟ وهل فعلا يتم مراقبة الأثمنة وتحديد الثمن المناسب لكل كتاب وفق القدرة الشرائية للمغاربة. فحين تجد رواية من 500 صفحة بمئة درهم فهذا حتما لن يشجعك على القراءة.
    وهل ربما الرسوم المفروضة على العارضين هي السبب في رفع ثمن الكتب؟
    وبما أن المنظمين يفرضون رسوما على كل عارض، فلماذا إذن فرض 10 دراهم رسوم دخول المعرض؟

  • عبد الحميد
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 11:59

    معرض الكتاب يجب ان يصاحبه تخفيض في ثمن الكتب .. فغلاء هذه الاخيرة سبب رئيسي في عدم اقتناءها .. ومن بين اسباب الغلاء هو ثمن كراء المكان في المعرض.
    لكي نشجع القراءة يجب ان يكون ثمن الكتب مناسب جدا للقدرة الشرائية للمواطنين.

  • ifri
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 13:16

    أتساءل عن القيمة العلمية لهذه الكتب ما دام الكثير منها مجرد copier coller والكل يعلم أن أغلبية الأطروحات الجامعية اقل ما يمكن القول عنها أنها كارثية وكذا البحوث الجامعية والكتب جلها او بعضها.
    اطمئنوا لا تقدم يرجا بهذه الطرق. انه ليس بالعلم النافع.
    أتساءل يوميا أرى أساتذة العلوم بكل اطيافها تخرج تدخل تخرج تدخل ولا اي نتيجة .جعجعة بدون طحين.

  • رشيد
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 14:47

    بالنسبة للوزارة لايهم اقتناء الكتب او حتى تشجيع القراءة…المهم للوزير هو العدد المتزايد للزوار ..لدلك فهم يستقدمون الأطفال و المراهقين لزيارة الرواق بدل و ضع سياسة و طنية لغرس و تشجيع عادة القراءة على طوال العالم..المهم للوزير هو ان تتوفر لديه نسبة عالية من عدد الزوار لأن هدا في نظره هو النجاح الحقيقي ل استمراره في المنصب و الاستمتاع بمزاياه.

  • محمد عابد
    الإثنين 19 فبراير 2018 - 18:22

    لست أدري ما المنتظر من معرض يصرح مديره أنه ليس من أهدافه تشجيع القراءة ؟! حقا ، مديرية الكتاب بالوزارة المدعية للثقافة ، حينما تلغي ذلك الهدف الاستراتيجي في كل معارض العالم للكتاب ، تكون قد انحرفت عن الجدوى المنتظرة .. و هو ما يبرر ما سبق إليه المقال و المعلقون ، من غلبة الكم على النوع ، و استهداف جيوب الطلبة ، و ضآلة الأثر الثقافي ، و قلة المبيع ، و التضخم الاستعراضي … و المدير يتهرب من لغة الأرقام بالمقارنة بين الصادر و الوارد كل مساء ، و كأنه بسوق الجملة للخضر .. لست أنتظر شيئا من ملتقى الكتاب الذي يطوي كشحا عن آلاف الثانويات و عشرات الآلاف من رجل و نساء التعليم و ملايين الطلبة في مختلف ربوع المغرب .. حين يبرمج بعد أسبوع من العطلة .. لماذا الإقصاء لزبناء الكتاب الحقيقيين ؟! أين التقائية البرامج بين التربية الوطنية و الثقافة ؟! لماذا تستمر ثنائية المركز و الهامش حتى في الكتاب ، مع أن الهامش هو القارئ ؟! … ما دامت مديرية الكتاب بهذا التدبير و العقلية .. فسلام على المعرض و العارضين و المعروض !!

  • Simou
    الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 09:54

    اتكلم كمواطن بسيط أردت تحفيز أبنائي على القراءة فذهبت إلى معرض الكتاب ففوجئت بالغلاء من الدخول ، الكل يؤدي تذكرة الدخول حتى الطلبة أما أسعار الكتب فهي أغلى بكثير من ثمنها خارج المعرض فزرنا المعرض متذمرين و رجعنا خاويي الوفاض….

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة