المغرب والأحداث الارهابية ببرشلونة

المغرب والأحداث الارهابية ببرشلونة
الأحد 20 غشت 2017 - 10:10

منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة، أصبح العالم يعرف العديد من الهجمات الارهابية التي لم يكن المغرب في منأى عنها؛ إذ عرف بدوره في مناسبتين اثنتين حادثين ارهابيين؛ أحدهما وقع بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 16 ماي 2003، والآخر بمدينة مراكش بتاريخ 28 أبريل 2011، وتسبب كلاهما في إزهاق العديد من الأرواح وتدمير الممتلكات.

على غرار المغرب، شهدت اسبانيا، كما عرفت ذلك فرنسا قبلها، حادثة ارهابية راح ضحيتها العديد من الأفراد الذين يقدر عددهم بـ 14 قتيلا وأكثر من 50 جريحا. المثير في هذا الحادث:

– أنه يستهدف مدينة برشلونة التي تعتبر المدينة الأولى سياحيا بإسبانيا؛ إذ تستقطب حوالي 10 ملايين سائح سنويا.

– أن اسبانيا تحتل المرتبة الثالثة عالميا في المجال السياحي.

– أن الحادث قد مس العديد من مواطني الدول الأوروبية، وبعض مواطني الدول الأمريكية والإفريقية. أي إن الأمر يتعلق، حسب وسائل الإعلام، بأكثر من 34 جنسية.

– أن الحادث أثر على أسواق المال الأوروبية؛ ذلك أن غالبية البورصات سجلت تراجعا يرجع إلى طبيعة الحادث الذي مس قطاع السياحة بشكل كبير.

وهو الشيء الذي يضفي على هذا الحادث بعدا دوليا، أقل من كونه ينحصر في أبعاده المحلية، والوطنية الاسبانية. كما أن الملاحظ أيضا هو أن مرتكبي هذه الجريمة غالبيتهم يحملون الجنسية المغربية، الشيء الذي سيؤثر، بشكل أقل أو أكثر، على صورة المغرب الخارجية، خاصة أن المتتبع لوسائل الإعلام، سواء الناطقة باللغة العربية أو الاجنبية، سيلاحظ أنها تركز وتشير باستمرار إلى مرتكبي الجريمة الحاملين للجنسية المغربية، أكثر من تركيزها على الإرهابي الحامل للجنسية الاسبانية، الأمر الذي ينعكس، أو سينعكس حتما، بشكل سلبي على صورة المغرب الخارجية.

إن هذه الوقائع تؤكد وتبين مختلف الآثار السلبية التي يمكن أن يتسبب فيها شخص أو مجموعة أشخاص على وطنهم الأم؛ وذلك كلما كانوا وراء ارتكاب هذا النوع من الجرائم. فالصورة المقدمة في هذا السياق لا تتعلق فقط بمرتكبي الجريمة، وإنما بجميع من يحمل الجنسية المغربية، وهذا يرجع إلى تركيز وسائل الإعلام على الإرهابيين المغاربة أكثر من تركيزها على الإرهابي الاسباني. ولعل ما يؤكد هذه الصورة هي الدماء والكتابات التي لطخت جدران القنصلية المغربية بإسبانيا.

إن خطورة الموقف تتطلب مراجعة المقاربة المعتمدة لمكافحة الإرهاب، خاصة أن مكافحته لا تتوقف فقط على المقاربة الردعية التي تتمثل في العقوبة السجنية أو غيرها، بل تتعداها إلى ما تقول به المدرسة الكلاسيكية الحديثة التي تؤكد على أن المقاربة الاقتصادية والاجتماعية، والاصلاحية، الخ، بالإضافة إلى المقاربة الردعية يمكن أن تحد من الجريمة.

فعلى المستوى الردعي، نقترح مراجعة النصوص الجنائية، باعتماد عقوبة الإعدام كعقوبة استثنائية في حق كل من أدانته المحكمة بارتكابه لجريمة ارهابية؛ إذ لا يعقل أن يعاقب شخص يهدد حياة الأفراد بمجرد عقوبة سالبة للحرية. فهذه الممارسة لا تجد سندها فقط في النظم الجنائية المقارنة، وإنما أيضا في النظم الدستورية المقارنة.

والقانون المغربي يقر ويعتمد عقوبة الإعدام في العديد من المواد الجنائية. وإذا كان الدستور المغربي يكتفي بالإشارة من خلال ديباجته إلى أن “المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية )…( تواصل بعزم )…( إرساء دعائم مجتمع )…( يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة”، وينص كذلك على “مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم”، فإن الدساتير المقارنة، خاصة دستور البيرو، يذهب إلى أبعد من ما يذهب إليه الدستور والقانون المغربي؛ إذ إنه يقر بعقوبة الإعدام في حق كل من ثبت قيامه بأعمال إرهابية؛ حيث ينص الفصل 140 منه على: “لا يجوز تطبيق عقوبة الإعدام إلا في جرائم الخيانة زمن الحرب والإرهاب وفق القوانين والمعاهدات التي التزمت بها بيرو”. وهذا ما يجعل من هذه العقوبة عقوبة تحظى بقيمة دستورية، كلما تعلق الامر بهذا النوع من الجرائم.

في السياق نفسه، ندعو إلى تعزيز المقاربة الردعية بإسقاط الجنسية عن مرتكبي الأحداث الارهابية. في حين ندعو أيضا إلى تعزيز مكافحة الارهاب من خلال:

– تمكين الأفراد من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.

– الحد من الإسلام الراديكالي، بالتركيز على مراجعة المناهج التربوية الدينية.

– تعزيز عمل أجهزة الاستعلامات العامة.

فالغاية من مكافحة الارهاب لا تتمثل في التعامل مع مخلفاته وآثاره المادية والنفسية، وإنما تكمن في الوقاية منه، والوقاية خير من العلاج.

‫تعليقات الزوار

2
  • عبد العليم الحليم
    الإثنين 21 غشت 2017 - 00:24

    ".. أقول: أن الله جل وعلا أمرنا بالإيفاء ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا)

    فأهل الشريعة وأهل الدين أصحاب عهود ومواثيق وأمان،
    فهم لا يخرجون عن المواثيق والعهود،
    فهم أهل إيفاء فيما هم عليه من اتفاق ومن سلام ومن رضىً فيما بينهم،

    أما هؤلاء فلا عهود عندهم:
    كيف لك يا من يقوم بهذه الجرائم أن تأتي إلى بلد وتُظهر لهم الأمن والسلام، سواء بالتحاقك بهويتهم أم بزيارتك أم باللجوء إليهم،كيف لا،
    وأنت قد أظهرت لهم هذه المعاني -معاني السلم- ومن ثمة تأتي بالغدر المحرم، وهو من أعظم المعاصي في دين الله تعالى.

    كيف لك أن تُظهر العهد والأمان وأنت في سيرك إلى الهدف،تُظهر لأهل الطريق بأنك مُسالم ومن ثمة تصل إلى البُغية وأنت تُظهر لهم السِّلم ومن ثمة تقوم بعملية إجرامية،هل هذا هو سنام الإسلام، هل هذا هو الجهاد ؟ كذبت والله، أنت كاذب، أنت مُحرّف لدين الله،أنت مُغيّر مُبدّل لدين الله الحق،ليس هذا هو سنام الإسلام، ليس هذا هو الجهاد، هذا غدر -والعياذ بالله-.
    لذلك فالشريعة جعلت لأمثال هؤلاء لواء -لواء الغدر- يوم القيامة…
    اتقي الله،وتُسمي هذا جهاد،والله إنه باب شر على الإسلام،فأنت تريد تغيير الدين…"
    العنجري

  • kennedy
    الأربعاء 23 غشت 2017 - 15:38

    la concentration sur la nationalité marocaine des terroristes n'a que deux explications la première matérielle: payer dommage et intérêts aux victimes bien sur après jugement européen comme les victimes du 11 septembre après un jugement américain contre l Arabie saoudite, la deuxième territoriale: obliger le royaume du Maroc à céder le contrôle des parties du territoire nécessaires pour le blocage de l'immigration et trafic sous la nomenclature (combattre de terrorisme) et dans les deux cas le royaume du Maroc et le grand perdant

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين