أحمد البُقيْدي .. شاعر عصامي يوثق لذاكرة "دار الضمانة"

أحمد البُقيْدي .. شاعر عصامي يوثق لذاكرة "دار الضمانة"
الإثنين 16 نونبر 2015 - 07:35

أحمد البُقيْدي شاعر عصامي من مواليد سنة 1955 بوزان، مولع بالكلمة المتزنة والراقية بمقدار حبه للغة العربية ولـ”دار الضمانة” وتراثها، حيث يجمع بين هذا وذاك ضمن قصائد توثق لذاكرة المدينة، وتحاول المساهمة في حفظ الهوية الأصيلة المهددة بالاندثار.

ويعمل البُقيدي على نقل انفعال محسوس في علاقة الكلمة بكل من الهوية والذاكرة وسط إبداعاته الشعرية التي توثق للموروث الثقافي الجبلي الأصيل، ويبدع ضمن الشعر الفصيح والزجل، لأهمية الأدب الشعبي في التأريخ للأعلام البشرية والجغرافية، وفق تعبيره. ويستعين الرجل بالتكنولوجيا لنشر دواوينه بمواقع ومنتديات وطنية ودولية.

ويرى البُقيْدي، الشاعر المراكم لما يعادل 40 سنة من الممارسة الفعلية، أن الشعر يولد من رحم المعاناة، وهو تجسيد لحياة وعلاقات ومواقف عاشها الشاعر وظلت مخزنة في ذاكرته، من خلال مواضيع وشخصيات صادفته في فترات متفرقة من حياته، عاملا على نقل ما يخالجه من أحاسيس ومشاعر في نص موزون “من وحي القوافي”.

قصائد البقيدي تصف الموروث الثقافي والتاريخ المحلي للحياة التقليدية الوزّانيّة في أبهى أوجهها الثقافية ومؤهلاتها الفلاحية الطبيعية، وتمجِّد المناسبات الوطنية إيمانا منه بقدرة الكلمة الأدبية الراقية في الدفاع عن ثوابت المملكة، والوصول للعالمية إذا ما توفرت فيها شروط الإبداع، متحديا في مساره الاحترافي الإقصاء، وهو ما لخصه في قصيدته “مطرب الحي يعاني”.

شعر للأطفال

للشاعر أحمد البقيدي أربعة دواوين؛ من بينها “من أدب الطفل” (محفوظات وأناشيد)، سيصدر قريبا في حلة جديدة، وهو موجه للطفولة العربية، ويضم أشعارا تحُثُّ الناشئة على التشبث بالقيم الدينية والوطنية والإنسانية، وتتغنى بالمحبة والجمال والطبيعة.

ولعل شاعر وزان، وهو أستاذ اللغة العربية، قد انتبه إلى هذا النوع من الخطاب في شعره، والذي وجهه إلى الأطفال، وحتى الشباب، متبعا منهجية تربوية هادفة وبناءة، حيث يرتبط اللفظ بالموسيقى والكلمة بما تختزنه من معنى وقيم وحكم، فالطفل في مراحل نموه السيكولوجي في حاجة إلى هذا النوع من الخطاب..

ويقول البقيدي في هذا الصدد إن “حفظ هذه الأناشيد، والتغني بها من طرف الأطفال، يلعب، بالتأكيد، دورا في زرع قيم واكتساب سلوكات قويمة تبعده عن الرذائل وتدفع إلى الفضائل”.

وقد أفلح الشاعر في سلكه هذه المنهجية، باعتماده على أسلوب سلس يعين على تلقين أفكار وأخلاق ومبادئ تخاطب شعور ولاشعور الطفل، ناصحا الأطفال بالكتابة، فـ”طفل اليوم شاعر الغد”، يورد البقيدي.

شموع لا تنطفئ

يعتبر البقيدي أن هذا الديوان هو مجموعة من القصائد التي تراكم مجموعة من التكريمات والمرثيات لأناس تركوا أياد بيضاء في مجالات اشتغالهم، لشخصيات وزّانيّة طبعت اسمها وسط المدينة الصغيرة بشمال المملكة؛ منهم من لا زال على قيد الحياة، ومنهم من غادر إلى دار البقاء، اعترافا منه بدورهم في تخليق الحياة العامة.

ويشدد الشاعر على كون قصائده توثق للخصوصية المحلية، وتستلهم الماضي، وتتذوق المستقبل، مع التحذير من الواقع، إذ ينقش البقيدي تاريخ المغرب برقة وجمالية المعاني، معبرا عن الذاكرة الجماعية من تقاليد وأزياء وعادات وشخصيات تعود لحقبة زمنية منقوشة في ذاكرة الثقافة الأصيلة، ومحطات تاريخية وطنية كعيد الاستقلال والمسيرة الخضراء.

وقد برع البقيدي في إبراز مختلف عوالم وزان التاريخية الضاربة في القدم والأعلام البشرية والجغرافية لـ”دار الضمانة” كجبل بوهلال وشجرة تاشتة الشاهدة على زيارة محمد الخامس للمدينة الجبلية، محاولا التركيز على شخصيات محلية متنوعة، “العياشي و”عايشة رجولة”، لعله ينفذ إلى باطن التاريخ من خلال الإنسان، وما يشكله باعتباره أداة للتغيير والحفاظ على الذاكرة المشتركة، جاعلا من الشعر وسيلة لإيصال الرسالة.

‫تعليقات الزوار

11
  • العربي
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 08:08

    تحية إلى مدينة الشرفاء وإلى كل الشرفاء في هذه البلاد الحبيبة.تحية الى كل صاحب كلمة راقية متزنة تخدم الانسانية وترقى بها في علياء الحرية والنهضة والنماء.

  • تلميذك
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 09:52

    لقدجعلتني طريقتك في تدريس مادة اللغة أن أحب اللغة العربية وأعجب بك أستاذي العزيز أيام كنت تلميذا بإعدادية الإمام مالك بوزان، أحبك أستاذ البقيدي

  • ترية
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 12:04

    أشكرك جزيل الشكر ياأستاذي العزيز على مثل هذه المبادرات التي تبث روح القراءة في نفوس الناشئة

  • عجان
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 12:56

    الشاعر
    البوقيدي مفخرة للكلمة ومفخرة لوزات

  • محمد
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 13:02

    اشتريت شباك دار الضمانة التي يتم ترميمها بمدينة فاس وجعلت من الشباك الجميل حلقة بمنزلي حلقة في العلى وكانها صلة وصل بين الماضي المجيد والمستقبل الواعيد وشكرا للكاتب على اهتمامه وكتاباته للاطفال

  • غريبي
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 14:24

    شاعر عصامي.. كيف وهو استاذ للغة العربية ؟
    أحمد البقيدي في نظري المتواضع هو أحد الشعراء المغاربة والعرب الاصيلين الذين لم يأخذوا حقهم بوضعه في المكانة التي يستحق تبوأها عن جدارة واستحقاق في ديوان الشعر المغربي الرصين ، بالرغم من تكريمه اكثر من مرة من طرف محبيه وقرائه في هذه المدينة أو تلك ، أو من طرف هذه الجمعية او تلك..
    احمد البقيدي شاعر من طينة نادرة ، ولغته من العيار الصلب الذي يرقى الى صفوف الشعراء الكبار أمثال احمد الحلوي وغيرهم..انه رجل – بالرغم من عدم معرفتي به شخصيا – رجل مثقف ويمتلك ناصية اللغة والبلاغة والعروض والخيال بشكل لم يعد له ند ولا نظير في الساحة الشعرية بالمغرب حاليا..لكنه باخلاقه المتميزة بالتواضع وعدم حبه للاضواء ، يبقي نفسه في دائرة المعارف الذين لا يتوانون في استدعائه للتمتع بكلماته الرفيعة ، وتكريمه كاعتراف منهم بفضله عليهم وعلى ديوان الشعر بفيضه المعسول..لكن لسي احمد متابعين كثر ومعجبين لا حد لهم وانا واحد منهم .ان سي أحمد البقيدي هو شاعر يستحق ادراج الكثير من انتاجاته -على اختلاف تنوع مواضيعها-ضمن الكتب والمقررات الدراسية .شكرا لصاحب المقال وألف تحية لسي أحمد

  • من الماضي
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 15:43

    تعود بي الذاكرة يوم كنت احد التلاميذ لذى هذا الاستاذ باعدادية الامام مالك يوم كنا ندرس رفقة ابناء اعيان هاته المدينة فكم كان يحز في نفسي ونفوس باقي اقراني من طينتي الفقيرة هو مدى … التي كان يتعامل بها الاستاذ المذكور دوما بصف ابناء الاعيان بغض النضر عن مستواهم التحصيلي لللغة العربية

  • ismail bouguettouche
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 16:09

    إشتغل معنا إبنه أمجد حتى هو أستاد اللغة العربية ما شاء الله عليه الكرم والجود يتقن فن الخط العربي اوجه له التحية من هنا

  • محمد
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 16:52

    شكرا هسبرس على المقال
    السي البقيدي شاعر و خطاط شعلة وراءها لهب كله حرقة على الوضع الثقافي و الفني في مدينة تهيمن فيها الفزاعات تجعل كل مثقف و ذي رسالة نشز
    شهادة في حق السي البوقيدي إنسان إيجابي لا يعرف المستحيل و كل من درس في فصله يتذكر لحظات جميلة و متميزة
    الله يشد فصحيحتو و وليداتو

  • IDISS LAKHSASSI
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 17:21

    Si Elboukaidi, a ete mon moniteur de colonie de vacances de l'Association de l'Education Nationale depuis 1976 a 1979 a Tanger. deslors il a ete l'exemple de l'educateur polyvalent et multi-disciplinaire. les extraits de chants d'enfants, de l'animation et du theatre sont toujours dans ma memoire a nos jours. Merci Si Ahmed et ravi de vous lire a travers vos publications.

  • motatabi3
    الإثنين 16 نونبر 2015 - 18:44

    قرأت للشاعر قصائد رائعة تحمل هم الامة وتنادي بالقيم لو كان في زمن اللغة والثقافة لذكرت ابياته كما تذكر ابيات المتنبي و احمد شوقي.
    تحية لك ولبلاغتك ننتظر منك الجديد من أبيات ثثلج القلب وترفع الهمم لمستقبل افضل

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس